@@ للمرة الثالثة .. @@ نقضت محكمة التمييز بمكة المكرمة.. حكماً سبق أن أصدره ثلاثة قضاة بالمحكمة العامة بجدة.. لإنزال عقوبة الإعدام بأحد الشباب. @@ وفي كل مرة كانت محكمة التمييز تنقض فيه الحكم كانت تطالب بمزيد من المعلومات حتى تأكدت القناعة لديها بضرورة تخفيف الحكم من الإعدام ..إلى ماهو أدنى. @@ وحين أصر القضاة الذين نظروا القضية على ماارتأوه.. فإن محكمة التمييز طلبت تشكيل لجنة قضائية جديدة.. وإعادة المحاكمة من جديد .. @@ وكما نعرف .. @@ فإن القضية هي قضية تفحيط انتهت بوفاة ثلاثة شبان كانوا مع هذا المفحط عند وقوع الحادث .. @@ وأنا في هذا المقام.. لست بصدد تزكية الحكم الأول.. أو تأييد حكم النقض.. فتلك مسألة تخرج عن دائرة اختصاصي.. وذلك أمر يتصل برجال القضاء.. وبنظرتهم الثاقبة إلى القضايا المعروضة عليهم.. وحتى بالاختلاف حولها .. @@ لكنني كمواطن.. أشعر بطمأنينة كبيرة.. وثقة عمياء في رجال قضائنا.. وفي الهيكلة التي تخضع لها الأحكام.. ولاسيما بالنسبة للقضايا الشائكة كقضايا القصاص هذه . @@ فالاختلاف بمثل هذه الصورة المتكررة يعني أن القضاء لدينا محكوم بتراتبية محكمة.. وتدرج دقيق.. هدفه التثبت مع سلامة الأحكام ورجاحتها وتطابقها مع الأسس والقواعد والثوابت الشرعية .. @@ كما يعني من جانب آخر @@ إدراك حقيقة أن البشر يظلون معرضين للخطأ.. وأن التفاوت في الرؤية.. او التحليل للوقائع قد يكون محل خلاف بين أكثر من قاض.. وتلك مسألة طبيعية ..مادام أننا بشر.. ومادام أن الخطأ يظل وارداً مهما اجتهد الإنسان.. وصدق.. وأخلص.. @@ هذا الخطأ.. ليس شرطاً أن يكون في حكم قضاة المحاكم العامة.. أو قضاة التمييز في أي قضية من القضايا بقدر ماهو تأكيد على أن لدينا قضاءً يعتدّ به.. ويُطمأن إليه.. ويوثق به.. @@ كما أنه قد يكون سبيلاً إلى مزيد من التطوير لمناهج الجامعات والكليات المعنية بتدريس العلوم الشرعية في ضوء مقتضيات العصر وتعقيداته. @@ ولاشك أن استيعاب هذه المعطيات.. سيعزز قدرتنا على أن ننفذ بسهولة إلى طبيعة القضايا التي يحياها الإنسان ويعيشها في الوقت الراهن. @@ كما أنها ستفيد كثيرا في توسيع دائرة الرؤية عند كل من يتصدون لمختلف القضايا ولاسيما تلك التي أفرزتها حضارة المجتمعات المعاصرة.. ولايمكن لنا أن نهرب منها.. أو نعيش بمنأى عنها.. فهي نتاج ثقافات جديدة.. ومتنوعة.. ومتغيرة.. ومتشابكة.. وليس أمامنا خيارات في الإحاطة بها.. وتوقع تعرضنا لها.. وبالتالي ضرورة جاهزيتنا للتعامل معها .. @@ وفي كل الأحوال .. @@ فإن درجة تفاعلنا.. مع ثقافات هذا العصر.. تؤكد بأننا ننطلق من ثوابت راسخة.. وقوية.. ومتينة.. وقادرة على استيعاب جميع المتغيرات بكل ثقة.. واقتدار .. @@ ولقضاتنا الأجلاء نقول.. @@ إن هذا البلد في خير.. ماظلت شريعة السماء هي التي تحكم.. ومن خلالكم تطبق.. والحمد لله .. @@@ ضمير مستتر: @@ (عظمة الدين الإسلامي تنبع من قدرته على التفاعل بقوة مع كل العصور والأجيال).