حين صنع الإنسان أول خف يحمي به قدميه من أشواك الأرض ونار الرمال الحارقة الاحجار المختفية بين النباتات وبرودة مياه المطر، لم يكن يتوقع أنه سياتي يوم تتحول فيه الأحذية إلى علامة تفوق اجتماعي فبحسب نوع الحذاء وقيمته وماركته يتم تقييم الإنسان في كثير من الأحيان! فقد تحول الحذاء من وسيلة لحماية القدمين إلى علامة أناقة وشيء أساسي في دنيا الموضة بألوانه المختلفة وعلاماته التي ترمز لمكان الصنع وبالتالي لنوعية الجلد وتميز التصميم. أصبحت الأحذية بالنسبة للبعض علاجاً نفسياً يغرقون في شرائها وتجميعها، وبالنسبة للبعض الآخر هي إشارة للتفوق المالي أو الاجتماعي. وحين دفعت الحاجة الإنسان إلى أن يصنع ما يشبه الحقيبة ليضع فيها أغراضه التي يحملها على ظهره في تنقلاته وهجرته من أرض لأخرى، لم يكن يخطر على باله أن الحقائب ستصبح لها أسماء ومواسم وأشكال وستنشط سوق لتقليدها وبيعها على الذين يرغبون في اقتناء العلامة التجارية ولا يملكون المال الكافي لشرائها خاصة حين يكون هناك ضغط اجتماعي واهتمام كبير بالمظاهر والماديات. تغيرت مفاهيم الإنسان وتعامله مع أشياء كثيرة مع تقدم الزمن وتطور الحضارة، حيث أصبحت الأزياء والإكسسوارات مهمة جداً يدل على ذلك التسويق الإعلاني المباشر وغير المباشر لها، وأصبح الكثير منا يركض وراء علامات الأزياء التجارية في حالة هوس مبالغ فيه أو اهتمام عادي منبعه الرغبة في اقتناء كل ما هو جميل والاستمتاع به. ولعل رغبة الإنسان الطبيعية في أن يكون محط الأنظار كانت المدخل الذي يتم من خلاله التسويق لكماليات كثيرة وإكسسوارات تحمل علامة أزياء تجارية معينة، ولا أظن أننا نملك القدرة على الانقلاب على طبيعتنا أو تغييرها خاصة حين يكون هناك ضغط إعلاني واجتماعي من خلال ترسيخ صورة ذهنية معينة للجمال والأناقة لا تكتمل إلا بهذه الحقيبة أو هذا الحذاء أو هذه النظارة الشمسية وغير ذلك. قد تشمون رائحة انتقاد في كلامي السابق، لكنني كواحدة من هؤلاء البشر الضعيفين أمام المؤثرات التسويقية لا أملك حق الانتقاد ولكنني أسجل ملاحظتي، وأتساءل؛ هل ارتداؤك لعلامة أزياء تجارية مشهورة في حفلة ما أو حتى اجتماع عمل تغير من طريقة تعاملك مع الآخرين، تزيد من ثقتك مثلاً؟ أتمنى أن أعرف الإجابة!