تعتبر حماية جانب عقيدة التوحيد والدفاع عن الفضيلة من أجل المهمات وأشرف الغايات في سبيل تحقيق العزة والخيرية لهذه الأمة قال تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)، فحينما استهان الناس بالذنوب ومخالفة أوامر الله وانتهاك محارمه أورثوا الذل والهوان على الله تعالى ثم على الخلق، وما تسلط الأعداء على الإسلام والمسلمين إلا بشؤم المعاصي، فالذنوب سبب لمحق البركات ونزول البلاء والغلاء وسائر العقوبات، فإذا أظلمت القلوب وتفاقمت الكروب بدأ الناس في البحث عن الأسباب واجتهدوا في طلب العلاج دون أن يهتدوا إلي ذلك سبيلا والله تعالى يقول (لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون) وجماع أسباب الذنوب تعلق القلوب بغير الله ومنه الشرك والبدع والخرفات، ومن أسبابها طاعة القوة الغضبية التي تؤدي إلى الاعتداء والقتل، ومن أسبابها طاعة القوة الشهوانية التي تؤدي إلى العلاقات المحرمة. ولاشك أن الذنوب والمعاصي سبب في كل شر وبلاء، فمن الذي أخرج الأبوين من الجنة ومن الذي أغرق أهل الأرض حتى علا الماء على رؤوس الجبال ومن الذي أغرق فرعون وقومه في البحر ومن الذي خسف بقارون وماله ومن الذي أرسل الريح على قوم هود والصيحة على قوم عاد ومن الذي أهلك القرون من بعد نوح بأنواع العقوبات المدمرة، قال تعالى (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك). وللذنوب آثار كثيرة فمنها محق بركة العمر وبركة الرزق وبركة العلم وبركة العمل وبركة الطاعة وتورث الذل وتسقط الجاه والمنزلة والكرامة عند الله وعند خلقه فان أكرم الخلق عند الله اتقاهم، وبالجملة تمحق بركة الدين والدنيا. والوقاية من الذنوب تكون أولا: بتقوى الله عز وجل وهي سبب للمعية الخاصة المقتضية للحفظ والعناية والتأييد قال تعالى (واتقوا الله واعلموا إن الله مع المتقين) وسبب لمحبة الله للمتقي قال سبحانه (إن الله يحب المتقين) وسبب للتوفيق للعلم (واتقوا الله ويعلمكم الله) وتنفي الخوف والحزن عن المتقي المصلح (فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون).ومن أسباب الوقاية من الذنوب وآثارها التوبة بالرجوع إلى الله تعالى بالتزام فعل ما يحب وترك ما يكره (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون). ومن أسباب الوقاية من الذنوب الأعمال الصالحة خاصة الاستغفار وهو تغطية الذنب بالعفو عنه، وللاستغفار فوائد كثيرة في الكتاب والسنة منها مغفرة الذنوب ورضا الله ومحبته ورحمته وقربه وإجابته ووده ورفع العذاب وزيادة القوة في الأعمال القلبية والبدنية والتوفيق للخير والمتاع الحسن في الدنيا والإنعام بالمطر والأولاد والجنات والأموال .وبالجملة الاستغفار حاجة للعبد دائماً آناء الليل وأطراف النهار، ويشترط في الاستغفار إخلاص القلب وحضوره بيقين وإقبال وخشوع وعدم الإصرار على الذنوب والتصديق بالجنان والثواب والإقبال على فعل الحسنات والطاعات. قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى: أنه ليقف في خاطري في المسألة أو الشيء أو الحالة التي تشكل علي فأستغفر الله تعالى ألف مرة أو أكثر أو أقل حتى ينشرح الصدر وينحل إشكال ما أشكل وقد أكون إذ ذاك في المسجد أو المدرسة أو السوق ولا يمنعني ذلك من الذكر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي). فيا من يشتكي قسوة القلب ووساوس الشيطان وانشغاله بالدنيا عن الدين، ويا من مزقه القلق وأضناه الهم وعذّبه الحزن أتريد راحة البال وانشراح الصدر وسكينة النفس وطمأنينة القلب والسلامة من الحوادث والأمن من الفتن عليك بالاستغفار قال تعالى (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله) (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) ويا من يشتكي قلة الأمطار وزيادة الأسعار والضعف والقلة عليك بالاستغفار قال تعالى (فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا) ونخلص إلى أن ما أصاب الأمة أفرادا وجماعات من ذل وضعف وهوان وتسلط الأعداء وقحط وبلاء وغلاء سببه المعاصي والذنوب قال تعالى (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون). فهل حان الوقت لنستعيد حقنا في العزة والخيرية بين الأمم بالتقوى والتوبة والاستغفار خوفاً وإجلالاً لله الملك الجبار .