يوافق العاشر من شهر مارس من كل عام ذكرى اختراع هذا الجهاز العظيم الذي وصل الشرق بالغرب وسهل إنجاز المهام والأعمال باختلاف أنواعها وأشكالها. ولم ويكن شهر مارس على موعد مع اختراع الهاتف فحسب بل حتى مخترع الهاتف الذي يدعى (إسكندر جراهام بل) ولد في نفس الشهر أيضا، حيث كانت ولادته بتاريخ 3مارس 1847في أدنبرة باسكتلندا، انتقل عام 1871إلى بوسطون في ولاية ماساشوستس بالولايات المتحدةالأمريكية؛ وهناك تعرف بشكل أكثر قربا على المخترعات الجديدة، وعلى الخصوص (الكهرباء) التي ابتكرها "بنيامين فرانكلين". ترك "بل" التنافس على التلغراف (جهاز إرسال البرقيات) متعدد الرسائل على وشك الانتهاء لصالح "توماس أديسون" كالعادة، وبدأ ينحاز إلى اهتمام جديد، وبدأها بهذا التساؤل:(بما أن السلك الكهربائي قادر على إرسال النقاط والقواطع - لغة مورس -، فلمَ لا يرسل الصوت البشري نفسه عبر السلك؟)، وكان هذا هو السؤال الذي ولد الاختراع. وفي عام 1875أكمل "بل" تلغرافه متعدد الرسائل، ولكنه لم يكن يرسل إلا رسالتين في المرة الواحدة، وعلى الرغم من أن السيد "هاربرت"، ممول مشاريع "بل"، أراد ل "جراهام" أن يستمر في تطوير هذا التلغراف، لأنه قدر أن جهازاً ينقل الصوت لن يكون له جدوى تجارية، ولكن "بل" صمم أن ينقل الصوت البشري عبر سلك، وعرف أن عليه أن يحول الموجات الصوتية إلى موجات كهربائية لكي يمكن إرسالها عبر السلك، ولكن خبرته في مجال الكهرباء كانت أقل من المطلوب، لذا ذهب إلى "جوزيف هنري" في واشنطن وهو خبير بالكهرباء، وناقشه حول فكرة الهاتف، وعاد وهو مصمم أكثر على فكرته. وكانت أول تجربة شبه ناجحة تمت عندما كان "واطسون" يعدل شريطا صغيرا من الفولاذ الممغنط على جهاز إرسال في غرفة، وبينما كان "بل" يدق على جهاز التلقي في غرفة أخرى، أطلق جهاز التلقي صوتا كان يتغير كلما تغيرت المعادن، وتابع "بل" اختباراته، حتى تمكن من سماع الكلام المشوش عبر السلك. وفي عام 1876علم السيد "هاربرت" أن "جراي" يخطط لطلب براءة اختراع لهاتفه الخاص، فأرسل برقية إلى "بل" يلح عليه بإرسال أوراقه الخاصة، فرسم "بل" الخرائط وأرسلها خوفا من الخسارة أمام "جراي"، وبالفعل استطاع تسجيل براءة اختراعه، وبعد ساعتين وصل محامي "جراي" مع أوراق اختراعه، وهكذا حصل "بل" على براءة اختراع الهاتف قبل أن يصنعه فعليا، وكان عليه أن يبرهن على وجود الجهاز الذي وصفه في خرائطه وأوراقه. النجاح الأول ظل "بل" ومساعده "واطسون" يعملان في غرفتين منفصلتين، في واحدة منهما جهاز إرسال وفي الأخرى جهاز استقبال يتصلان بسلك، وأخذا يعدلان الآلات والمعادن، ولكن أفضل ما وصلا إليه هو إرسال همهمة مشوشة، وفي 10مارس 1876كان "بل" يعدل جهاز الإرسال، وقال: سيد "واطسون".. تعال إلى هنا أريد رؤيتك. وعلى الفور جاء "واطسون" راكضا من الغرفة الأخرى، وكرر ما سمعه، وكانت هذه هي التجربة الأولى الناجحة. أما عن النجاح التجاري للهاتف فكان مشكوكا فيه في البداية، ولكن بعد فترة وجيزة بدأت الطلبات تنهال لتركيب الهاتف، وكان الهاتف باهظ الثمن نظرا لمصاريف تركيب الأعمدة والأسلاك ومركز التبادل، حتى أنشأ كل من "هاربرت"، و"بل"، و"واطسون"، وفي 9يوليو 1877م شركة "بل للهاتف". لم تنس أمريكا هذا المخترع، فعندما أنشئ أول خط تليفوني يصل بين الساحل الشرقي والساحل الغربي لأمريكا الشمالية عام 1915، دعي المخترع ليفتتح هذا الخط، وأصر "بل" يومئذ على أن يشاركه هذا الشرف مساعده القديم "توماس واطسون" ومن نيويورك صاح "بل" في هاتفه، وقال: "صديقي واطسون أرجوك أن تحضر.. أنا بحاجة إليك." ومن فوق الشاطئ الآخر وفي مدينة (سان فرانسيسكو) رد الصديق والمساعد القديم: "شكراً لهذا الاختراع يا سيدي. ولكن الحضور يستغرق أسبوعاً منذ الآن!." والجدير بالذكر أن مجلس الشيوخ الأمريكي عام 2002قد صوت على (نشر المعلومات الخاصة بحياة وعمل "أنطونيو مويتشي" العالم الإيطالي الأمريكي، والاعتراف بإنجازه في اختراع الهاتف)، وذلك بعدما تأكد بعد كل هذا العدد من السنين، أن "مويتشي" قد قدم عام 1871طلبا مؤقتا للحصول على براءة اختراع الهاتف، ولكن بسبب فقره لم يستطع تجديدها، وانتهت مدتها عام 1874، وقد منحت البراءة بعدها بعامين ل"جراهام بل"، وأن "مويتشي" قد نصب خط اتصالات بدائيا بين الطابق الأول في منزله وغرفة زوجته في الطابق الثاني، وقد ادعى النائب الجمهوري "فيتو فوسيلا" أن "جراهام بل" كان يعمل في نفس المختبر الذي وضع فيه "مويتشي" معداته!.. [email protected]