عرض فيلدرز زعيم حزب الحرية اليميني المتطرف مساء أمس الأول فيلمه "الفتنة" المسيء للقرآن والمثير للخلاف والذي يستغرق 15دقيقة يقدم خلالها لقطات لعمليات إعدام وهجمات ينفذها "متطرفون إسلاميون". ويطالب النائب المعادي للإسلام بإيقاف ما أسماه ب" أسلمة هولندا" والدفاع عن الحريات في الغرب ويدعي أيضا أن الإسلام يسعى للسيطرة على كل شيء وتدمير الحضارة الغربية. ويقارن فيلدرز الاسلام بالفاشية ويطالب بمنع القرآن الكريم في هولندا. ويزعم الفيلم ان المسلمين يستخدمون "آيات تحض على العنف" من القرآن لتقنين ارتكاب أعمال عنف ، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى تعريض الديمقراطية والقيم الليبرالية الغربية للخطر بحسب الفيلم. وينتهي الفيلم بمطالبة مشاهديه بالقيام بكل ما يمكنهم لمكافحة ما يصفه فيلدرز ب"خطر أسلمة هولندا". يذكر أن محطات التلفزيون ودور السينما رفضت عرض الفيلم قبل مشاهدته كاملا وهو الأمر الذي رفضه السياسي الهولندي. من جانبه زعم النائب اليميني المتطرف غيرت فيلدرز الذي عرض على شبكة الانترنت ليل امس الأول فيلم "الفتنة" ضد الاسلام ان فيلمه "لائق ولا يخالف القانون" الهولندي. وقال فيلدرز في حديث لوكالة الانباء الهولندية ان فيلم "الفتنة" "لائق ولا يخالف القانون (...) وبعيد آلاف الكيلومترات عن الخروج عن اطار القانون". وزعم انه حرص في فيلمه على "عرض الوقائع". ودعا فيلدرز الى "مناقشة راشدة" للمسألة. وكان النائب اليميني المتطرف حذر مكتب التنسيق الوطني لمكافحة الارهاب قبل ثلاث ساعات من عرض الفيلم من ان "شيئا ما سيحدث"، بدون ان يكشف ان الفيلم سيعرض على الانترنت. واكد فيلدرز ايضا ان الفيلم "لا يهدف الى اثارة الفوضى"، مؤكدا في الوقت نفسه انه لا يتحمل مسؤولية وقوع اعمال العنف او مقاطعة هولندا. وتفاوتت ردود الفعل الرسمية والشعبية في هولندا فيما أبدى المسلمون ردود فعل معتدلة. وتحدث رئيس الوزراء الهولندي يان بيتر بالكننده نيابة عن حكومته قائلا إنه ينأى بنفسه عن الفيلم موضحا أن الحكومة تأسف لانتاجه. وقال مارك روت زعيم الحزب الهولندي الليبرالي الذي كان فيلدرز نفسه ينتمي إليه حتى أقيل في ايلول/سبتمبر 2004إن الفيلم "لم يتضمن اي صور جديدة". وقال روت إن "هولندا لا تحتاج لفيلدرز كسينمائي بل تحتاجه كبرلماني لبحث أمور هولندا ولايجاد حلول للمشكلات الجادة منها مشكلة الاندماج والهجرة". وقالت وزيرة الاندماج إيلا فوجيلار إن الفيلم يمكن أن يزيد مخاوف الناس من الراديكالية الاسلامية. وقالت "احتوى النصف الاول من الفيلم على أشياء صادمة". ولم تصدر المنظمات الاسلامية بعد بيانا رسميا لكن أبدى الكثير من المسلمين الذين ظهروا في وسائل الاعلام الهولندية الرسمية ردود فعل معتدلة نسبيا تجاه الفيلم. وقال افشين اليان أستاذ فلسفة القانون إيراني المولد بجامعتي لايدن وامستردام إن غيرت فيلدرز "استمع بالتأكيد لنصائح أفضل رجال الدين". وزعم اليان "التزم فيلدرز بشكل كبير بما تتيحه الشريعة الاسلامية حيث لم يظهر صورا للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أو لله كما لم يحتو الفيلم على أي مواد مسيئة للمسلمين" - على حد قوله -. وفي غضون ذلك ذكر مكتب المدعي العام الهولندي أنه سيحقق فيما إذا كان الفيلم يتفق مع القانون الهولندي ولا يخالف الحظر المفروض على التمييز". من جهته، اعلن وزير الخارجية الهولندي ماكسيم فرهاغن لوكالة (فرانس برس) ان الحكومة الهولندية "على اتصال مع سفارات الدول المعنية" بعد بث فيلم ضد القرآن للنائب اليميني المتطرف غيرت فيلدرز. وقال فرهاغن "كنت على اتصال مع سفارات الدول المعنية مساء (الخميس) ولم تبلغني اي رد فعل حتى الآن". واضاف "اتصلت برئاسة الاتحاد الاوروبي". من جهة اخرى قال رسام الكاريكاتور الدنماركي كورت فيسترجارد صاحب احد الرسوم الكاريكاتورية التي أساءت للرسول محمد صلى الله عليه وسلم "انه يعتزم اتخاذ الاجراءات القضائية اللازمة ضد الفيلم. وقال فيسترجارد في تصريحات إذاعية في كوبنهاغن أمس الجمعة ان الفيلم "أساء استخدام" رسمه الكاريكاتوري المثير للجدل من خلال تقديمه في بداية ونهاية الفيلم" وأكد رسام الكاريكاتور الدنماركي الذي يضطر لتغيير محل اقامته باستمرار بسبب تهديدات بالقتل تلقاها بعد نشر رسمه الكاريكاتوري أنه قد ينجح في وقف عرض فيلم فيلدرز عبر اجراءات عاجلة. كما نأت صحيفة "يولاندس بوستن" التي سبق ونشرت الرسوم الكاريكاتورية بنفسها عن "الفيلم" المعادي للإسلام. الى ذلك، أدان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة التشهير بالأديان، إلا أن القرار الصادر في هذا الشأن اقتصر على ذكر الإسلام خاصة بعد عرض الفيلم المسيء للإسلام وللقرآن. وينتقد القرار "الأفكار المسبقة المقصودة التي تستهدف الأديان والشخصيات المقدسة في وسائل الإعلام". ويعرب نص القرار عن القلق العميق من التصريحات التي تهاجم الأديان وعلى الأخص الإسلام والمسلمين والتي أخذت تتفاقم في السنوات الأخيرة، في إشارة إلى الفيلم الهولندي ،ومن قبله الرسوم المسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام. كما أشار القرار إلى ذكر الأفكار المسبقة المقصودة التي تستهدف الأديان ومعتنقيها، والشخصيات المقدسة في وسائل الإعلام. كما أدان القرار استخدام الصحافة المكتوبة ووسائل الإعلام السمعية والبصرية والالكترونية في التحريض على العنف، وكره الآخر، أو عدم التسامح وفي التمييز الممارس تجاه الإسلام وكل دين آخر. وأعرب المجلس عن قلقه العميق لتكثيف حملة التشهير بالأديان وإسباغ صور نمطية عرقية ودينية على الأقليات المسلمة منذ أحداث 11أيلول/سبتمبر 2001المأساوية. وأضاف المجلس إن ما يساوره من مخاوف ينبع من المحاولات الرامية إلى ربط الإسلام بالإرهاب والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان. جاء ذلك في الوقت الذي أعرب فيه ممثل الاتحاد الأوروبي سفير سلوفينيا اندري لوجار عن أسفه لاعتماد نص أحادي الجانب يركز على الإسلام فحسب. على صعيد آخر، اعلنت حملة "رسول الله يوحدنا" التي تضم ما يزيد على ثلاثين مؤسسة اعلامية اردنية امس عزمها على مقاضاة النائب الهولندي المتطرف امام محاكم اردنية. وقال زكريا الشيخ، رئيس الحملة التي شكلت بعد اعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي عليه الصلاة والسلام في الدنمارك، لوكالة (فرانس برس) ان "لجنة متابعة وتنسيق الحملة قررت في اجتماع طارئ مساء امس (الخميس) اتخاذ اجراءات قانونية عاجلة بحق المتطرف المتصهين الهولندي غيرت فيلدرز ومقاضاته". واضاف ان اللجنة قررت ايضا "البدء بحملة واسعة لمقاطعة المنتجات الهولندية". وتابع ان القرار جاء بعد "تحدي فيلدرز الصارخ لمشاعر 1.5مليار مسلم ومسلمة بنشره فيلم (الفتنة) على شبكة الانترنت". واكد الشيخ ان "اسم الفيلم يدل على هدفه الحقيقي باشاعة الفتنة والصدام بين الحضارات واتباع الديانات السماوية". واوضح ان "نشر هذا الفيلم المشين بعد التحذيرات العالمية من مسلمين وغيرهم لوقف نشره، لا يمكن فهمه الا في اطار استمرار الحملة الصهيونية الممنهجة في ايصال الامم والشعوب الى نقطة الكراهية والصدام". ودانت ايران بشدة الجمعة الفيلم معتبرة انه "انتقام" لبعض الغربيين من الإسلام. وقال المتحدث باسم الخارجية الايرانية محمد علي حسيني ان "هذا العمل الكريه الذي قام به نائب هولندي وشركة بريطانية (استضافت الفيديو على موقعها) يدل على مواصلة عملية انتقامية من جانب مواطنين غربيين ضد الاسلام والمسلمين".