انتعاش الاقتصاد الافغاني على الحدود الايرانية منح مدينة (حيرات) لقب دبي الافغانية، بدأت ظواهر انتعاش الاقتصاد الافغاني تظهر في مدن مثل حيرات، حيث شقت الطرق المعبدة في المناطق التي بدأت تنهض مؤخراً للسماح بمرور السيارات ووسائل النقل التي تنقل الناس والبضائع وبدأت المباني الجديدة تشق بطن الأرض مثل الفطر بعد عاصفة رعدية، المنطقة انتعشت بعد ان بدأ 70مصنعاً للعمل بقوة انتاجية كاملة على امتداد 24ساعة من المناوبات، بعضها بسيط لكنه يفي بحاجات المجتمع القريب مثل تعبئة المياه المعدنية. بالنسبة للكثيرين تمهيد الطرق، أو رصف الشوارع، أو توفر طاقة الكهرباء بشكل مستمر دون انقطاع هو أمر عادي، لكن بالنسبة لافغانستان هذه التحولات تعني الكثير، ومدينة حيرات الافغانية على الحدود الايرانية هي مثال على هذه النهضة، ومثال لما يمكن ان يؤول اليه حال المدن الافغانية ان هي شعرت بشيء من الاستقرار والتقطت انفاسها بعد توقف الصراعات. قد لا تكون حيرات مقياساً لغيرها من المدن، إذ قد تنفرد بالنجاح ربما لطبيعتها الخاصة وتضافر مقومات النجاح الاقتصادي فيها من طبيعة جغرافية وحس اقتصادي قوي، اضافة إلى تاريخها العريق كمحطة أو بوابة اساسية على طريق تجارة الحرير سابقاً إلى وسط آسيا، حيث كانت تمر قوافل الجمال المحملة بالتوابل عبر الصحراء، والتي استبدلت حالياً بسيارات محملة بأجهزة التلفزيون التي تم استيرادها من الشرق الأوسط، وجعل البعض يطلق عليها لقب دبيافغانستان. لكن المحللون يعتقدون ان هذا الوضع عائد إلى تأثير الحوار، فبينما جزء من افغانستان يحاذي الحدود الباكستانية التي تسيطر عليها الطالبان تأثرت بثقافة العنف، حيرات التي تبعد 75ميلا فقط من جارتها ايران التي يقال ان لها الباع الطولى في انتعاش الاقتصاد فيها. وكمثال على ذلك قامت ايران بوصل المدينة بشبكة الكهرباء، كما بنت طريقاً سريعاً على الحدود بينهما، وبسبب الهدوء الأمني النسبي استطاعت حيرات ان تستقطب 350مليون دولار أمريكي من الاستثمارات الخاصة للصناعة، وهذا ما لم تستطع انجازه أي مدينة افغانية اخرى بما فيها العاصمة كابول التي تماثل عشرة أضعاف مساحة حيرات. بشكل عام تم بناء حوالي 250مصنعاً في حيرات من الحجم المتوسط إلى الكبير حسب ما جاء في معلومات وكالة دعم الاستثمارات.، وجاءت بعدها في المرتبة الثانية مدينة مزار الشريف التي استطاعت انشاء حوالي 150مصنعاً. لكن بسبب موقع حيرات على الحدود استطاعت ان تكون جيباً يجمع خراج الجمارك للدولة الافغانية، ويقدر ما تجمعه من رسوم الجمارك يومياً بمليون دولار، وذلك عن بضائع مستوردة من ايران وتركمانستان، ورغم انه يفترض ادارياً ان تنقل هذه الاموال إلى العاصمة إلا ان معظمها وبفضل قوة السلطات المحلية استطاعت ان تبقي معظم المال في المنطقة. ويمكن لمن يسير في شوارع حيرات ان يشاهد صناديق البضائع التي تحوي كماليات مثل الشامبو والصابون والبسكويت والتي يقال انها صنعت محلياً. لم يعتمد سكان حيرات على الدولة لتقوم بالخطوة الاولى إذ تعاونوا فيما بينهم وقاموا بجمع ما يلزم من المال لتعبيد شوارع مدينتهم، ثم طرحوا العطاءات بين المقاولين الافغان والايرانيين، شوارع مدينتهم تخلو من القمامة تقريباً، انها ثقافة الاستقلال على ما يبدو، أو هو الشعور بالكرامة الذي يحمل اسطورة مدينة حيرات التي انتقلت اليها من تاريخ خراسان العريق.