يتزايد الاهتمام يوماً بعد يوم بالمعلوماتية الصحية حيث انها أصبحت جزءاً مهماً من المقومات الرئيسية التي لا يستغني عنها في أي نظام وطني للرعاية الصحية ومع اختلاف التعريفات الخاصة بالمعلوماتية الصحية إلا أنها جميعاً تتفق حول استخدام تطبيقات ومناهج نظم المعلومات والاتصالات في الرعاية الصحية. وللمعلوماتية الصحية فوائد جمة منها فوائد كمية وفوائد نوعية واخرى استراتيجية للارتقاء بمستوى خدمات الرعاية الصحية، إلا أن أهمها ما يتعلق بجودة الخدمات المقدمة ودقتها. وفي الآونة الأخيرة قامت وزارة الصحة برصد مبلغ أربعة مليارات ريال ( 4000.000.000ريال) لما يسمى بالصحة الإلكترونية ويعتبر تخصيص هذا المبلغ الضخم في ميزانية وزارة الصحة ليتم إنفاقه خلال السنوات القادمة على الصحة الالكترونية يعتبر نقله نوعية واستراتيجية في كيفية ونوعية الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة. حيث اكدت الوزارة انها " سعت منذ عدة سنوات وبتوجيهات معالي وزير الصحة الدكتور حمد بن عبدالله المانع على إيجاد برامج الحاسب الآلي بجميع مرافقها الصحية المختلفة عن طريق مراحل متعددة، حيث انطلقت المرحلة الأولى بحوسبة ديوان الوزارة والمديرات والمختبرات المركزية وبنوك الدم والكليات والمعاهد الصحية والمرحلة الثانية بحوسبة 150مركزاً صحياً وكذلك حوسبة 30مستشفى بدئ فيها هذا العام ومتوقع الانتهاء منها في غضون سنة كذلك شمل الدعم لهذا العام حوسبة 50مستشفى من اكبر المستشفيات بمناطق المملكة، وحوسبة ما لا يقل عن 300مركز صحي وإدخال نظام المعلومات الصحي المتكامل، والذي تقدر تكلفته نحو 300مليون ريال ويشمل ملفاً الكترونياً للمريض ونظام المخازن والصيدلية والمختبرات وجميع الأنظمة المتعلقة بالمستشفى" ومن المتوقع أن توفر "وزارة الصحة" بعد اكتمال هذا المشروع ما يقارب من 10- 15% من ميزانيتها السنوية. وعليه فان وزارة الصحة اخذت على عاتقها مسؤولية كبيرة جداً في الاستفادة من تلك الميزانية الضخمة لتفعيل وتطبيق مفهوم الصحة الإلكترونية . وحيث ان تطبيق وتفعيل مفهوم الصحة الالكترونية والاستفادة من خدماتها لا يتأتى إلا من خلال نظرة شمولية تأخذ بعين الاعتبار جميع المعطيات وشاملة لجميع الاحتياجات الحالية والمستقبلية وتراعي جميع الظروف والعوامل المحلية مع التركيز على العامل البشري وتأهيل الكوادر الحالية للتعاطي مع مفهوم الصحة الالكترونية. والعمل من خلال معايير وتشريعات واضحة مع التأكيد على أخلاقيات المهنة. وذلك من خلال التعاون الكامل بين القطاعات الصحية المختلفة والعمل على نشر الوعي المعلوماتي في جميع فئات المجتمع وخاصة فيما يخص المعلوماتية الطبية. اضافة الى بناء البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات وما يلزم من أجهزة وبرامج الحاسب الآلي. و بداية وقبل أن أتعمق في آليات تطبيق الصحة الالكترونية وأهم الأساسيات التي تبني عليها والمشاكل التي قد تعيق تطبيق وتفعيل مفهوم الصحة الالكترونية بالصورة الصحيحة أجد أنه من المناسب توضيح وتعريف ماذا يقصد بالصحة الالكترونية (E-health). للصحة الالكترونية (E-health) عدة تعار يف مختلفة منها ما صدر عن منظمة الصحة العالمية وغيرها من الجمعيات والمؤسسات العلمية المهتمة بالصحة الالكترونية: أن الصحة الإلكترونية هي تطبيق نظم المعلومات والاتصالات في المجالات الطبية والصحية في نفس الموقع وعن بعد. أو الاستخدام المتلازم لتقنية المعلومات والاتصالات (النقل الالكتروني. التخزين، الاسترجاع، المشاركة، ...... إلخ) في مجالات الرعاية الصحية بما فيها من تطبيقات طبية وصحية وتعليمية وبحثية وإدارية وذلك في نفس الموقع أو عن بعد. ويمكن تطبيق خدمات ومفهوم الصحة الإلكترونية والاستفادة منها في المجالات التالية: 1- الإدارة الطبية والصحية 2- التخطيط الصحي الاستراتيجي 3- التثقيف الصحي 4- الرعاية الصحية ورعاية المرضى ودعمهم 5- الصحة الوقائية 6- التعليم والتدريب الطبي 7- السجل الطبي (الصحي) الالكتروني 8- الطب الاتصالي والطب عن بعد 9- الطب المبنى على البراهين 10- الرصد الوبائي 11- نظم المعلومات الجغرافية 12- إتاحة خدمات المنشورات والمعلومات الطبية 13- الخدمات المرتكزة على المعرفة. وعليه فإن الفوائد المرجوة من تطبيق مفهوم وخدمات الصحة الإلكترونية كثيرة بصورة مباشرة أو غير مباشرة ويمكن تحديد ثلاث فوائد ممكنة لتطبيق خدمات الصحة الالكترونية: - الفوائد الكمية وهي الفوائد المحسوسة والمحسوبة لتطبيق الصحة الالكترونية كالفوائد الاقتصادية المالية. - الفوائد الكيفية والتي لا يمكن حسابها بشكل مباشر مثل رفع كفاءة وجودة الخدمات الصحية والتقليل من الأخطاء الطبية وسرعة الاستجابة وسرعة الحصول على المعلومات والمشاركة في الوصول والاستفادة من المعلومات - الفوائد الاستراتيجية بما فيها جمع المعلومات والمعطيات والاستفادة منها في البحوث وعمليات التخطيط الاستراتيجي وتحديد الاحتياجات للمدى البعيد. وعليه فإنه من المتوقع أن تقوم وزارة الصحة بوضع خطة استراتيجية لتفعيل وتطبيق مفهوم الصحة الإلكترونية مع الأخذ بعين الاعتبار الأركان الأساسية لبناء قاعدة قوية لتطبيق خدمات الصحة الإلكترونية. هذا وقد أشار قرار منظمة الصحة العالمية رقم WHAS200 لعام 2005م إلى مجموعة من النقاط الهامة حيث عبرت المنظمة العالمية عن أهمية التطور في نظم المعلومات الصحية والاتصالات وتأثيرها الفعال والايجابي على نوعية الخدمات الصحية المقدمة، وقد حث القرار الدول الأعضاء في المنظمة أن تقوم بتطبيق التالي: 1- رسم خطة إستراتيجية طويلة المدى لتطوير وتطبيق مفهوم وخدمات الصحة الإلكترونية في مختلف قطاعات الخدمات الصحية بما فيها الإدارة الصحية مع حث القطاعات الخاصة والعامة للمشاركة في فعاليات الصحة الإلكترونية. 2- العمل على بناء البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات الطبية بما يدعم الاستخدام الأمثل والاستفادة القصوى وتفعيل تطبيقات الصحة الإلكترونية مع استمرار العمل على تزويد خدمة الاتصالات لتقليل التكلفة مما يساهم في نجاح مفهوم الصحة الإلكترونية. 3- العمل بصورة مشتركة مع القطاعات الخاصة والمؤسسات العامة بالإضافة لمنظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات الصحية وذلك لدعم الخدمات الصحية وتطويرها من خلال مفهوم الصحة الإلكترونية. 4- للعمل والتخطيط للوصول إلى جميع الفئات في المجتمع وذلك حسب احتياجاتها من خلال الخدمات الصحة الإلكترونية. 5- مضافرة الجهد للعمل على تحديد مقاييس الصحة الالكترونية والعمل على بناء التنظيمات والتشريعات الرسمية والقانونية لممارسات وتطبيقات الصحة الالكترونية ليتم من خلالها تطبيق وتقييم الخدمات وفعاليات الصحة الإلكترونية وكيفية الوصول لأمثل الممارسات الاقتصادية مع التأكيد على الأمان والحفاظ على المقاييس الأخلاقية والمحافظة على الخصوصية والحرية والمساواة. 6- تأسيس شبكة مراكز وظيفية متميزة لأفضل تطبيقات الصحة الإلكترونية مع مراكز الدعم الفني. 7- الأخذ بعين الاعتبار بناء وتطبيق نظام معلومات الخدمات الصحية العامة الإلكترونية. كذلك فإنه جدير بالذكر بانه يوجد العديد من العقبات التي تعيق تطبيق الخدمات الصحية الالكترونية والمعلوماتية الطبية ويدورها تضيق عملية تطبيق الصحة الالكترونية: 1- عدم او نقص الإدراك الكافي بقيمه ودور المعلوماتية الطبية والصحة الالكترونية في تطوير والرقي بمستوى الخدمات الصحية. 2- غياب الرؤية الواضحة لدى المؤسسات الصحية المعينة بتقديم خدمات الرعاية الصحية. 3- غياب أو عدم الاهتمام بوضع الخطط الإستراتيجية التي تناسب وضع المؤسسة الطبية أو المنطقة أو وضع الخطط غير القابلة للتطبيق لعدم مناسبتها ومراعاتها لاحتياجات ومؤهلات الموارد المتاحة. 4- عدم القدرة على تحمل التكاليف المترتبة لوضع البنية التحية وتطبيق خدمات الصحة الالكترونية. 5- نقص الخبرة وقلة الخيرات والقدرات البشرية المؤهلة في مجال المعلومات الطبية . 6- ضعف البنية التحتية والأساسية لتطبيق خدمات الصحة الالكترونية بما فيها تأهيل الكوادر البشرية الطبية وغير طبية للتعامل مع مفهوم الصحة الالكترونية وتقديم خدماتها. 7- غياب أو ضعف القوانين والتشريعات والاختلافات الخاصة بتقديم الخدمات الصحة الالكترونية. 8- غياب أو تهميش دور القطاع الخاص والمؤسسات الطبية الخاصة 9- ضعف مستوى التعاون والربط بين القطاعات الصحية المختلفة. لذلك فإن هذه الخطوة المهمة التي قامت بها الوزارة من اعتماد لتطبيق خدمات الصحة الالكترونية سوف يكون لها بمشيئة الله الأثر الكبير في الارتقاء بكيفية ونوعية الرعاية الصحية اذا ما تم اخذ النقاط السابقة الذكر بعين الاهتمام . ومما يسبق يتضح أن أهم وأول الخطوات للعمل على تطبيق مفهوم الصحة الالكترونية هو: 1- وضع رؤية واضحة للوزارة من خلال خطة استراتيجية مبنية على المعطيات وشاملة لجميع الاحتياجات الحالية والمستقبلية وتراعي جميع الظروف والعوامل المحلية. 2- التركيز على بناء الكوادر المؤهلة وتأهيل الكوادر الحالية للتعاطي مع مفهوم الصحة الالكترونية وتقديم خدماتها. 3- وضع المعايير والقوانين والتشريعات الخاصة بالصحة الالكترونية وأخلاقيات المهنة مع التأكيد على سرية وحفظ معلومات المرضي. 4- التعاون الكامل بين جميع القطاعات الصحية ومقدمي خدمات الرعاية الصحية. 5- التأكيد على مفهوم الملف الصحي الالكتروني. 6- نشر الوعي المعلوماتي في جميع فئات المجتمع وخاصة فيما يخص المعلوماتية الطبية. ستاذ المعلوماتية الطبية المساعد خبير ومستشار الصحة الالكترونية [email protected]