سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موجة غلاء الأدوية تعصف بالمرضى المحتاجين.. وسط مطالب بإنشاء صيدليات خيرية في السلع الغذائية المتضخمة أسعارها تواجه بالبدائل وتقنين الشراء.. ولكن التقشف في استخدام الأدوية قد يكلف المريض حياته
شهدت الفترة الأخيرة ارتفاعاً في أسعار الأدوية، أتى مواكباً لغلاء السلع الأخرى التي يعتمد عليها المواطن في معيشته اليومية، الأمر الذي لم يجد أمامه المرضى من ذوي الدخل المحدود سوى البحث عن حلول لأوضاعهم بعد غلاء الأدوية. وفي الوقت الذي نجد أن الفرد بإمكانيه التعايش مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بتقنين ميزانيته في هذا المجال والبحث عن بدائل للسلع المتضخمة أسعارها، إلا أن المريض لا يستطيع تقنين الأدوية أو إلغاء بعضها لارتباطها المباشر بصحته والفترة الزمنية لشفائه. "الرياض" حاولت في هذا التحقيق الوقوف على آثار أزمة غلاء الأدوية على ذوي الدخل المحدود، والبحث عن حلول ملائمة قد توفر لهم الأدوية بأسعار مناسبة تمكنهم من مواصلة علاجهم، اضافة إلى المعوقات التي يعانيها البعض في التعامل مع ميزانية توفير الدواء. ميزانية الدواء وقالت منيرة نوار الموظفة والأم لابنة تعاني من مرض جلدي مزمن، "عندما كنا نسمع عن الكريمات الخاصة بالبشرة والشعر والتي تصرف من الصيدليات والمستشفيات الخاصة بحيث تكون عبوة الكريم صغيرة جداً وبمبالغ تزيد عن 700ريال ولا تكفي لشهر كامل، كنا نعتقدها نوعا من الترف من قبل بعض العائلات، إلا أن موجة غلاء الأدوية امتدت لتشمل الكثير من الأدوية الضرورية اليومية للمرضى الذين لا يتسنى لهم فرصة الذهاب للمستشفيات الحكومية أو المراكز الصحية والتي لا تصرف نوعية هذه الأدوية بوفرة". وزادت "ماذا يحدث للذي يعاني من مرض مزمن ومستمر مثل السكر والضغط وأمراض الكبد والكلى والصرع والقلب والمنومات التي قد تزيد أسعار أدويتها على 300ريال، بل أجد أن أغلب الأسر يوجد لديها مريض بالسكر، وتضطر هذه الأسرة في الأحوال العادية أن يضعوا ميزانية خاصة لهذا المريض إذ تبلغ العبوة الواحدة من قنينة الأنسولين 280ريالا، هذا عدا قيمة البراويز الأخرى فأصبحت أضعاف الثمن، فلابد أن يكون هناك حماية للمواطن ليس لغذائه فقط، بل لدوائه والذي تعتمد عليه حياته لما للأمراض من آثار ومضاعفات نتيجة التذبذب في شراء الدواء". من جهتها ذكرت عفاف محمدي الممرضة انها واجهت مواقف محزنة جداً في التعامل مع المرضى للمعاقين، فهناك مرضى آخرون لا يتلقون العلاج أصلاً، مبينة أنها تشاهد ذلك عندما تضطرها الوظيفة الى عمل التحاليل أو حقن الإبر لهم. وأضافت "إذا نظرنا لوضع بعض الأسر فهناك أكثر من مريض في الأسرة الواحدة وقد تكون هذه الأسرة من فئة ذوي الدخل المحدود، ويجب النظر الى هؤلاء بعين الشفقة على حالهم، بل هناك بعض الأسر ممن يحرمون أنفسهم من أجل المعاقين وهناك من يكون لديه في البيت معاق أو أكثر حتى إذا كان هناك دعم من وزارة الشؤون الاجتماعية في توفير مبلغ كمنحة للمعاق قد لا يزيد عن 7آلاف ريال فهل تكفي لمستلزمات المعاق من دواء وعربة". وتابعت: "قد لا تكفي منحة الوزارة قيمة علاجاته وتحاليله الخاصة بالكبد والكلى جراء تناوله تلك الأدوية الباهضة الثمن، فكيف تضع تلك الأسر ميزانية الدواء مع ميزانية مراجعة المستشفيات الحكومية والتي يصعب الوصول إلى مواعيد مناسبة فيها، إذا نظرنا إلى الأسر التي تخلو من وجود حالات مرضية مزمنة فهل نذكر بأننا قد نتعرض للإصابة بالوعكات الصحية ونزلات البرد والنزلات المعوية، فأصبحت ميزانية الدواء مع الارتفاع في أسعار الأدوية يفوق ميزانية الطعام والشراب هذا إذا لم نضع في الحساب قيمة التحاليل والأشعة المطلوبة لمتابعة الحالة بين فترة وأخرى لمعرفة تناسب الدواء والجرعة ومدى فعاليتها مع عمر المريض". الصيدلية الخيرية وفي تعليق منها حول هذا الموضوع قالت مها سراج أستاذة علم اجتماع إن النمط الاجتماعي الذي يعيشه السعوديون من تكافل وتعاون فيما بينهم، يجعل من الممكن توفير البديل المناسب لارتفاع أسعار الأدوية. وأضافت "لو عملنا كمجتمع متكافل على توفير صيدليات خيرية يستثمر فيها الأغنياء لتوفير الأدوية للمحتاجين في المناطق السكنية والأحياء تحت إشراف عمد الأحياء فتكون مبنية على التبرع من رجال الأعمال والميسورين من أفراد الحي ومن يمتلكون الأدوية المختلفة أو الأموال للمساهمة في تخفيف العبء عن المحتاجين من المرضى". وزادت "هذا التبرع الخيري يستهدف فيه الفقراء فعليا والذين يثبت عدم مقدرتهم على شراء الدواء، ويكون ذلك إما بتسجيل أسمائهم في قائمة لدى فريق خاص ومعتمد في الصيدلية الخيرية والخاصة بكل حي أو عبر صرف بطاقات تخفيض خاصة أو مجاناً لتكون صيدلية الحي الخيرية مع ضرورة استغلال ا لمناسبات الدينية لتحفيز التجار والشركات والمستشفيات بالتبرع لسد كفاية الفقراء من الدواء ولمواجهة هذه الظروف المرتفعة الأسعار الدواء كحل آخر وهناك مجموعة من الأطباء ممن يقومون بأعمال خيرية في هذا المجال حيث يضعون صناديق خاصة لتجميع الأدوية الزائدة لدى الأسر في أحياء مختلفة في مدينة جدة وفي الحي الذي أسكن بمشروع الأمير فواز حيث يجمعون تلك الأدوية ويعطونها للمرضى ممن لا يقدرون على صرف الدواء بسبب ضيق ذات اليد فأتمنى أن تعمم الفكرة". صناديق للتبرع في المستشفيات على الصعيد نفسه، لفتت أم محمد الأرملة، الى انها تعتمد على راتب ابنتها التي تعمل بائعة في احدى المقاصف المدرسية، وتعتمد اعتمادا كليا على المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية وتعاني من آلام شديدة بالمفاصل ومن المواعيد البعيدة لانتظار دورها. وأوضحت أنه على الرغم من وجود مستشفيات حكومية ضخمة في المملكة مجهزة بأحدث التقنيات الطبية، إلا أن هناك صعوبة شديدة في المواعيد تصل إلى أربعة أشهر وبعضها لعام كامل في انتظار الدور، ما يجبر المرضى على الذهاب الى المستشفيات الخاصة التي لا توفر الدواء المجاني للمرضى بشكل يماثل الحكومة. وطالبت أم محمد المستشفيات الخاصة الكبرى بالمساهمة في تقديم الأدوية لمن هم في حاجة ماسة لها ولا يستطيعون دفع تكاليفها، بعد استكمال جميع الأوراق الثبوتية التي تؤكد ذلك تحدد حالة المسكن والدخل وعدد أفراد الأسرة. وتابعت "خصوصا الحالات المزمنة التي تتطلب المساهمة في دفع تكاليفها ولو بشكل جزئي، كما يتطلب الأمر تبني تلك الحالات بالرعاية والعناية وتفعيل الصناديق الخيرية لمجتمع كريم يحب فعل الخير بحيث تكون هناك صناديق خاصة لوضع تلك التبرعات في مداخل المستشفيات الخاصة ليعود ريعها على المرضى المحتاجين".