الالتباس في تصنيف الأعمال الأدبية، من أكثر الأشياء لفتاً للنظر لمتابعي النتاج الأدبي السعودي، فتقرأ عبارة "رواية" على سيرة ذاتية، وعبارة "مجموعة قصصية" على باقة من الخواطر، او حتى عبارة "نصوص أدبية للخروج على ما بدا بأنه "مأزق تصنيف الأعمال الأدبية" او عدم القدرة على استيعاب فكرة اختراق القوالب الكتابية المعتادة والتجريب كما هو سائد اليوم. وربما كان لدور النشر، التي تتدخل احياناً بأشياء كثيرة، من مسمى الكتاب وحتى حجم بنط الكتابة، دور في التباس تصنيف الكتب، حتى اضطر الكاتب عبدالله ثابت الى البدء بعبارة "هذا كتاب اجتهدت ألا أصنفه" ليخرج من مطب تصنيف عمله "الإرهابي 20" الذي صنفته دار النشر في النهاية ك "رواية" وتعامل مع الجميع على هذا الأساس. هنا نصادف الهاجس ذاته، لقد صنف الكاتب عبدالواحد اليحيائي عمله "روتين" على أنه "صور قصصية" وهذا موفق جداً، لأنها لم تكن قصصاً بالمعنى المعتاد، ولم تكن خواطر أيضاً، بل ربما دمجت بين المجالين، وجاء صوت الراوي سائداً على طول هذه ال "الصور" القصصية، التي جاءت كمشهد سينمائي، او كتابة درامية للحياة، أكثر من كونها قصصاً، لا يوجد مفارقات، لا يوجد مفاجآت، ولا اختراق قصصي بالمعنى السائد، كما أنها لم تحمل إشكاليات معتادة، او نهايات ملفتة، او بذخ لغوي او استعراض كتابي، بل جاءت كصور قصصية، روتينية، تكاد ان تقرأها من البداية الى النهائية كوحدة واحدة دون فرق بين صورة وأخرى، لذا كان المسمى ايضاً "روتين" موفقاً جداً كما تصنيف العمل. حمل العمل اثنين وعشرين صورة قصصية "دخان، صلاحية منتهية، روتين، خريف، دمية، تقاسيم، أب، أوراق، فيما يرى الصاحي، الفاتحة، حين أحبتني، التزام، العصافير، المصعد، حصة، رائحة الحب، لغة، حوار، التقرير، كروان، مساءات، أزمنة" جاءت مجملها بلغة عادية وهادئة، وتحمل مركزية لصوت الراوي، المشاهد/السارد لهذه الصور، وبعبارات قصيرة اسفل العنوان تحاول مقاربة الصورة او وصفها. "روتين" هو الكتاب الثاني لعبد الواحد اليحيائي، ويقع في 105صفحات من القطع المتوسط، والذي صدر عن دار المفردات للنشر والتوزيع، الطبعة الاولى سنة 2008م، وسبق لليحيائي ان اصدر "مراجعات الماضي: تأملات في الفكر والحياة" عام 2006م عن نفس الدار.