التوزيعات النقدية المرتفعة هي إحدى الأدوات المشجعة على الاستثمار وتدفع إلى احتفاظ المستثمرين بأسهمهم، وتعطي مجالاً للقادرين للزيادة من حجم الأسهم التي تمنح توزيعات مرتفعة، وتُثبت أسهم الشركات الموزعة كاستثمار طويل أجل، لأنها أجدى من بقاء أموالهم كودائع نقدية بالبنوك. وبلا أدنى شك فإن التوزيعات النقدية المرتفعة تعزز من الاحتفاظ بأسهم الشركة وترفع من مستوى الثقة في مجلس إدارتها حين تثمن صبرالمساهمين وتقتنع بوجوب مكافأتهم على هذا الصبر. وفي السوق المالية السعودية لم يحظ جانب التوزيعات النقدية المرتفعة و-أشدد على المرتفعة- بالأهمية القصوى، وخرجت غالبية الشركات بتوزيعات منخفضة وخجولة جداً أصابت المالكين لأسهم تلك الشركات بالإحباط، وربما دفعهم ذلك الى النفور من الاحتفاظ بها وعدم إبقائها في محافظهم لفترة طويلة الأجل والبحث عن بدائل أخرى. ولم يُستثن من التوزيعات النقدية المنخفضة عن عام 2007المنصرم سوى شركتين من بين الشركات التي منحت عوائد على أسهمها، فالأولى وزعت 100بالمائة من القيمة الاسمية وتعادل عشرة ريالات كأرباح على مساهميها، والثانية وزعت 80بالمائة من القيمة الاسمية توازي 8ريالات. ومثل تلك التوزيعات النقدية المرتفعة وجدت ارتياحاً من قبل مساهمي الشركتين، ولابد أن وقعها على نفوسهم كان كبيراً، واستحقت تلك الخطوة الثناء ممن لايمتلكون بهما، وربما دفعتهم الى مطالبة شركاتهم التي يمتلكون بها برفع التوزيعات النقدية لهم مستقبلاً، بدلاً من أن تجفف ينابيعها عنهم ولاتمنحهم إلا القليل و الفتات من الارباح. لا أبالغ ان قلت ان المستثمر الواعي يفضل أن يستثمر بشركة تمنح توزيعات نقدية مرتفعة على أسهمه بدلاً من شركة تبالغ برفع رأسمالها وتمنح أسهماً مجانية لايجني من ورائها سوى ارتفاع في أعداد أسهم محفظته من تلك الشركة وإنخفاض في قيمتها السوقية. لم يعد تأثير المنح المجانية كما كان سابقاً، فهو سلاح بيد المضاربين يرفعون من خلاله أسعار أسهم الشركة المانحة لتصريف ما استجمعوه منها، ومن ثم تهوي أسعارها، والأدلة على ذلك كثيرة وملموسة. أدعوا الى الاهتمام بجانب رفع التوزيعات النقدية، فهو جانب مهم ومن شأنه أن يعيد بريق الاستثمار على شركات العوائد، وهي خطوة من ضمن خطوات مطلوبة لرفع العلاقة مع الاستثمار في الاوراق المالية المحلية، لأن الفتات من الارباح لايشجع المستثمرين أبداً على بناء استثمار طويل الأجل في الشركات المساهمة.