واقع مأسوي الأخوة في عيادة الرياض، أكتب لكم مُشكلتي التي تؤرّقني وتحاول أن تُدمّر حياتي وحياة أسرتي. أنا سيدة في الأربعين من العمر، متزوجة ورزقني الله بستة أطفال، ثلاثة أولاد وثلاثة بنات. مُشكلتي هي شكوك زوجي المرضية. زوجي يشك في كل شيء.. يشك في أي عمل أقوم به. لا يسمح لي بأن أزور أي صديقات، المكان الذي يسمح لي الذهاب إليه هو زيارة أهلي أو أهله وبرفقته. هاتفي دائماً يقوم بتفتيشه ويرى الأرقام التي أتصل بها والويل والثبور إذا اتصلت برقمٍ لا يعرفه. يبدأ في التحقيق ويتصل بالرقم وإذا ردت عليه صديقتي، يحاول تفسير الأمر بأمور أخرى، حيث يسألني كيف تعّرفت على هذه السيدة ولماذا أتصل بها وأصرف المال على كلام فاضي!. ثم يقلب الموضوع إلى مدى علاقتي بهذه الصديقة ويذهب بأفكاره بعيداً، حيث يصّور له خياله المريض أنه ربما يكون وراء هذه المرأة علاقات أو حركات مشبوهة، ويقول بأن النساء لا يجتمعن على خير، وأن جميع النساء فاسدات.! ويُهددني بأنه سوف يكتشف كل شيء، وأنه يستطيع أن يكتشف كل شيء ولا يستطيع أحد استغفاله!. يتهمني دائماً بأبشع الأفعال ويصفني بصفات بذيئة أمام أبنائي تمس شرفي. المشكلة عندما أطلب من أهلي التدّخل يرفضون ويطلبون مني أن أحل مشاكلي بيني وبين زوجي، فهم يخشون سطوة لسانه وسوء خلقه. لا أعرف كيف أتصرف مع هذا الزوج؟ إن تركته فإني أخشى على أطفالي منه، حيث أنه أب غير مأمون وغير حنون على أبنائه، بل ربما أخشى أن يُعذبّهم لو تركته تنكيلاً بي، فهو دائم التوبيخ والسخرية من أبنائه حتى أمام الآخرين وهذا أثّر بشكلٍ سلبي على أبنائي، حيث أصبحوا عديمي الثقة بأنفسهم وأعتقد بأنهم يُعانون من الاكتئاب نظراً لتعامل والدهم معهم. كذلك هو بخيل علينا في المصروفات، فلا يخرج منه الريال إلا بصعوبةٍ شديدة، وهو لا يخرج من المنزل، حيث لا أصدقاء يزورهم أو أقارب، فالجميع يبتعد عنه نظراً لسلوكه وسلاطة لسانه وشكوكه المرضية التي تدعوه للشك في كل تصرفات الآخرين. ذهبت إلى أطباء نفسيين وقالوا لي بأني أعاني من اكتئاب ووصفوا لي أدوية مضادة للاكتئاب ولكن حالي لم يتحسّن، نظراً لظروف حياتي ومعاناتي الشديدة مع هذا الزوج. أتساءل وكذلك يسألني الكثيرون: لماذا أبقى مع هذا الزوج الذي يُعذبني ويعّذب أطفالي؟. المشكلة أني لا أستطيع أن أترك أطفالي معه وكذلك لا أستطيع الذهاب والعودة لمنزل أهلي، فهناك أيضاً الحياة صعبة جداً والظروف سيئة، فلا أستطيع احتمال الحياة في منزل أهلي. أحياناً أفكّر في قتله والتخلصّ منه وليحدث بعد ذلك مايحدث..!. أكتب إليك وأنا أعرف أن ليس هناك حل لمشكلتي سوى أن يتركني زوجي مع أطفالي ويتزوج امرأة أخرى وهذا أمر صعب الحدوث نظراً لأنه يتلذذ بتعذيبنا ومعاناتنا.. هل لديك شيء آخر تقوله لي؟ المعذبة س. و الأخت س.و، قرأتُ رسالتك أكثر من مرة، وقد سمعت منك قصة حياتك مع زوجك وكيف يتصرف معك. المشكلة أني لم أسمع القصة من الطرف الآخر وهو زوجك. على افتراض أن ما قلته هو الواقع الذي تعيشين فيه مع زوجك وأطفالك، وهو واقع مأسوي بجميع مناحيه. فالزوج الشكّاك مشكلة صعبة جداً في المنزل، وما وصفتِ به زوجك من وصمك بصفات بذيئة أمام أبنائك واتهامك بأفعال لم تقومي بها، برغم أنه يُراقب كل حركة من تحركاتك وكذلك يمنع عنك الزيارة أو الاتصال بأهلك وأقاربك. وهو لا يأمن خروجك إلا معه، ويُنكّد عليك حياتك دائماً بل كما تقولين يتلذذ بتعذيبك أنت وأبنائك. إنني أعترف معك -إذا كانت الأمور كما تقولين- بأن حياتك جحيم صعب العيش فيه، ولا أعرف كيف صبرتِ كل هذه السنين مع زوج به كل هذه الصفات السيئة، فهو سليط اللسان، دائماً التوبيخ لك ولابنائك حتى أمام أقاربكم، وقد أثرّ ذلك عليكِ نفسياً لدرجة أنك ذهبتِ إلى طبيب نفسي وشخّص حالتك بأنك تُعاني من الاكتئاب ووصف لكِ أدوية مضادة للاكتئاب ولكن لم تتحسن نفسيتك نتيجة بقاء الظروف الحياتية السيئة التي تعيشينها مع هذا الزوج السادي المريض بالشك. بالنسبة للحل الذي طرحته أنتِ، وهو أن تقتلي زوجك، فهذا حل غير منطقي إطلاقاً، وسوف يجعل أطفالك الذين تحملتِ كل هذا العذاب لسنواتٍ طوال من أجلهم، يضيعون في هذه الحياة دون أب أو أم، حيث أنك لو قمتِ -لا سمح الله- بقتل زوجك سوف يبقى أولادك بلا أم ولا أب، وأنتِ تعترفين بأن الحياة في بيت أهلك صعبة ولا تُطاق، فأين يذهب أولادك إذا غبتِ أنت وو الدهم من حياتهم؟. صحيح أنكِ تعيشين حياة مؤلمة وصعبة ولكن لايُصحح الخطأ بخطأ أكبر. تفكيرك في قتل زوجك، أخرجيه من دماغك ولا تدعيه أطلاقاً يختلج في ذهنك. أبعدي هذا التفكير بصورة أبدية، ولا تفكري فيه اطلاقاً. كلما حضرت هذه الفكرة إلى ذهنك أزيحيها، حتى تُصبح لا تخطر على بالك. فكري بطريقة إيجابية لحل مشكلتك. بإمكانك إجراء علاج زوجي عند شخص مُتخصص في العلاج الأستشاري، فربما تم إيجاد حل مناسب لكلٍ منكما. ربما يقبل زوجك إذا كان يُعاني من شك مرضي بأن يتعالج، ويمكن لاضطرابات الشكوك المرضية أن تتعالج بالأدوية والاستشارات الزوجية. صحيح ليس الأمر سهلاً ولكن ليس مستحيلاً. هناك حلول آخرى قد تكون صعبة لكنها هي آخر العلاج الكي كما يقولون، فإذا تعذرت الحياة بينكما وأصبحت غير مقبولة ولا تُطاق من قِبلك وكذلك من قِبل زوجك، فربما يتدخل الأهل ويتم إنهاء الزواج ودراسة وضع الأطفال في أي مكانٍ يكون أفضل لهم أن يعيشوا فيه. آمل أن تقبلي بالذهاب لمرشد مختص في العلاج الزوجي أنتِ وزوجك، فلن تخسرا شيئاً إذا ذهبتما إلى مختص في علاج الاضطرابات الزوجية والمشاكل الزوجية، فكما قلت أنه يمكن أن تتوصلا لحلٍ من أجلك ومن أجل أطفالك وكذلك من أجل زوجك. تمنياتي لك بالتوفيق.