يندر أن يمر يوم واحد من دون أن نسمع فيه كلمة الارهاب في وسائل الاعلام عشرات وربما مئات المرات، حيث بات الحديث عن الارهاب بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر اشبه بالنشرة الجوية، وبات استخدام كلمة الإرهاب وسيلة للكثير من التجاوزات التي تقوم بها الكثير من القوى في العالم، اذ نعطل كلمة ارهاب او تجمد على الأقل الكثير من القوانين بحجة مكافحة هذه الآفة التي اسمها الارهاب. ومع اننا ندين الارهاب ونرفضه في قرارة أنفسنا كمسلمين وكبشر الا انه مع الأسف فقد بات هذا المصطلح يلاحق المسلمين والعرب في كل مكان وكأنهم هم صناع هذه الآفة الخطيرة التي تهدد الأمن والسلام في اي مكان يمكن ان تتواجد فيه. وللوقوف على المخاطر الحقيقية للارهاب ومنابعه الحقيقية لابد لنا اولا من العودة الى معنى الارهاب ودلالات هذه الكلمة ومتى استخدم الارهاب وفي اي مكان من العالم. ولكن متى بدا الارهاب بمفهومه السياسي وأين؟ - يرجع استخدام الارهاب في الثقافة الغربية تاريخيا للدلالة على نوع الحكم الذي انتهجته الثورة الفرنسية في عام 1789ضد تحالف الملكيين والبرجوازيين المناهضين للثورة والتي لجأت الى تصفية واعدام من سبعة عشر الفا من خصومها ناهيك عن الذين ماتوا في السجون انذاك. الآن ان ذلك لا يعني ان الارهاب ولد فقط مع الثورة الفرنسية حيث يفترض ان الارهاب حدث ويحدث على مدار التاريخ الانساني وفي جميع انحاء العالم. الا ان استخدام مصطلح الارهاب بهذا الشكل تم في تلك الفترة من التاريخ وقد تبنت الارهاب في التاريخ كجزء من خطتها السياسية مثل المانيا في فترة الحكم النازي وكذلك فترة حكم ستالين في الاتحاد السوفياتي السابق كما مارست الارهاب العديد من المنظمات والجماعات الثورية الراديكالية بهدف ولكن المفارقة ان بعض هذه المنظمات او الجماعات التي مارست الارهاب كانت مدعومة من بعض الدول الغربية في فترة تقاطعت فيها مصالح الطرفين كما هو الحال عندما دعمت الولاياتالمتحدة بعض المتشددين في افغانستان وحتى تنظيم القاعدة عندما كانت الحرب الباردة قائمة حيث استخدم الكثير من الشباب العرب والمسلمين في حرب ضروس ضد الوجود السوفياتي في افغانستان بحجة ان الشيوعية تتعارض مع الاسلام الا ان الهدف من دعم هذه الحركات المتشددة سرعان ما اتضح وهو فقط تقويض القوة السوفياتية التي كانت في حرب باردة مع الولاياتالمتحدة والقوى الغربية المتحالفة في اطار حلف شمال الاطلسي. وبعد احداث الحادي عشر من سبتمبر في الولاياتالمتحدة وما فجرته هذه الأحداث من عاصفة قوية ليس في الولاياتالمتحدة فحسب وانما على مستوى العالم بعد هذه الاحداث استغلت اطراف دولية كثيرة هذه الأحداث الرهيبة لتبرير سياسات كانت مرسومة مسبقا لاستهداف المنطقة العربية والاسلام معا مستغلة في ذلك دعوة الاسلام الى الجهاد وهي دعوة يبررها فقط ان يكون المسلمون تحت الهجوم للدفاع عن النفس فلا يكون الجهاد بالقتال اذا كان المسلمون في أمن وأمان. ومن هنا انطلق المغرضون والمتربصون بالاسلام قبل وبعد احداث الحادي عشر من سبتمبر في حملة مسعورة تهدف الى ربط الإسلام بالارهاب لاهداف سياسية بحتة ترتبط بالمشروع الصهيوني الذي وضع هدف اضعاف العرب والمسلمين نصب عينيه منذ اللحظات الأولى لاقامة اسرائيل في المنطقة اقامة. ولو عدنا الى التعليم الإسلامية لرأينا ان الاسلام بريء تماما من التهم الموجهة اليه وان العرب المسلمين ان يجعلوا السلام والتسامح والحرية والمساواة والشورى مبدأ حياتهم واساس تعاملهم فيما بينهم ومع الآخرين ايضا، وكثيرة هي الآيات التي حضت صراحة ودون مواربة على عدم الاعتداء على الآخرين، وعندما دعا الاسلام الى القتال دعا اليه لمواجهة المعتدين على أرضهم وعرضهم وأوطانهم وليس لتبرير الاعتداء على الآخرين كما جاء في القرآن الكريم: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) (صدق الله العظيم). والحقيقة اننا لو عدنا إلى النصوص القرآنية المباركة لوجدنا الكثير من الآيات التي لا تحرم الاعتداء على الآخرين فحسب وانما تدعو الى محبة الآخرين والمساواة بين الناس حيث يقول الله تعالى (وخلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم). كما يحض رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم على المساواة بين الناس في الكثير من أحاديثه ولا سيما قوله (لا فرق بين عربي وأعجمي الا بالتقوى). وفي هذا اشارة واضحة إلى أن الدين الاسلامي دين المساواة والعدل وليس دين التطرف والارهاب كما تحاول الكثير من الجهات المغرضة وعلى رأسها أجهزة الاعلام الغربية الموالية لاسرائيل ان تظهره صباح مساء واذا كان هناك نفر قليل من المسلمين قد غرر بهم وضللوا من قبل جهات خارجية مغرضة ومارسوا بعض الأعمال المنافية للشريعة الاسلامية ولمبادئ الدين الإسلامي الحنيف، فان هذا لا يعني باي حال من الأحوال ان الدين الاسلامي هو دين يدعو الى الارهاب والقتل. والحقيقة التي لابد من التطرق اليها هنا هو انه في ظل هذه الهجمة الشديدة على الاسلام والمسلمين تبدو الحاجة ماسة لايجاد تعريذف دولي لمصطلح الارهاب حتى لا يتم الخلط بين هذا العمل الشنيع الذي ترفضه النفس الانسانية وتحاربه الشرائع السماوية وبين حق الشعوب في الدفاع عن انفسها ومصالحها المشروعة، وهنا تبدو اهمية الدعوة المتكررة للمملكة العربية السعودية من اجل ايجاد تعريف دولي دقيق للارهاب الذي طال العرب والمسلمين قبل غيرهم فكلنا يتذذكر الاحداث الارهابية المتكررة التي شهدتها المملكة العربية السعودية ودول عربية اخرى من المحيط الى الخليج العربي، ولو احصينا ضحايا العلميات الارهابية التي طالت الدول العربية والاسلامية ولوجدنا ان عددهم يفوق بكثير ما خلفته الهجمات الارهابية في الولاياتالمتحدة والدول الغربية الأخرى التي طالتها مثل هذه الأعمال الارهابية الجزائر والمغرب واليمن وسوريا ومصر ولبنان وغيرها من الدول العربية التي لم تسلم من آفة الارهاب هذه، والأنكى من ذلك انه في الوقت الذي تتهم فيه الدول العربية بالارهاب وتعمل الماكينة الاعلامية الهائلة التي تدار بواسطة اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة وغيرها من الدول الغربية لالصاق صفة الارهابي بالعربي والمسلم يتم تجاهل الارهاب الاسرائيلي والجرائم اليومية التي ترتكبها اسرائيل صبح مساء بحق العرب ولا سيما الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال الاسرائيلي. اخيرا يمكن القول ان الارهاب هو آفة دولية وظاهرة عالمية يجب توصيفها بشكل واضح كي يتم مواجهتها وان اول الخطوات لمواجهة الارهاب يجب ان تكون في البحث عن اسباب تفشي هذه الظاهرة ومحاولة معالجتها في اطار علمي وفكري مدروس وضمن تعاون دولي واسع ومن خلال البحث عن حلول للصراعات الدولية والاقليمية واغتصاب الدول واحتلالها، التي تنتقل من مكان الى آخر، تحركها وتشعل فتيلها اصابع بات اصحابها معروفين للجميع. @ مدير مكتب دبي الاقليمي