في ظل الأوضاع المتأزمة في منطقة البلقان، يسعى حلف الناتو حثيثا إلى توسيع قاعدته بضم عدد من دول المنطقة إليه. وفي هذا الإطار فإن من المرجح أن تقوم قمة الحلف المقرر انعقادها في نيسان - ابريل القادم بإرسال دعوة بهذا الخصوص إلى كل من ألبانيا وكرواتيا ومقدونيا لتقديم طلبات الانضمام على أن تمنح العضوية بعد عام واحد من تاريخ تقديم تلك الطلبات وهو سيناريو حظي بموافقة واسعة لدى اجتماع وزراء خارجية الناتو الذي انعقد في بروكسل، الخميس السادس من آذار - مارس الجاري. وليس من المعلوم لحد الآن فيما إذا كان الناتو قادرا فعلا على تحقيق رغبته في ضم الدول الثلاث معا وذلك بسبب الخلاف القائم بين اليونان ومقدونيا على خلفية اعتراض اليونان على تسمية الدولة المقدونية باسم جمهورية مقدونيا. ياب دي هوب شيفر، سكرتير عام الحلف أعرب عن موقفه بهذا الخصوص قائلا "توسيع الحلف يعد على المدى البعيد الطريق الوحيد لضمان السلم والاستقرار في منطقة البلقان" ومن جانبه فإن وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، رحب بفكرة التوسيع واصفا إياها بأنها خطوة مرغوب فيها. يذكر في ذات السياق أن التحضيرات لضم هذه الدول الثلاث تجري منذ سنوات عدة لكن الوضع الذي استجد في المنطقة اثر إعلان استقلال إقليم كوسوفو منتصف شباط - فبراير الماضي وما رافقه ذلك الإعلان من ردود فعل رافضة من صريبا فإن الناتو بات مصرا على دمج اكبر عدد من دول المنطقة في هيكلية الحلف باعتبار ذلك الهدف، حالما تم، إنجازا وصمام أمان لأمن واستقرار عموم جنوب شرق أوربا. وقبل أن يشرع اجتماع الحلف المقبل في العاصمة الرومانية بخارست في إرسال الدعوات إلى دول البلقان الثلاث لكي تقدم طلبات الانتماء فإن قيادة الناتو تريد أولا تسوية الخلاف القائم على الاسم بين اليونان ومقدونيا وهو شأن سيظل شائكا في ظل التعنت اليوناني وتخلي أثينا عن مرونة في قبول مساومة كانت أظهرتها في الماضي بهذا الصدد حيث تتهم أثينا مقدونيا بأنها تريد الاستيلاء على مناطق من الإقليم اليوناني الشمالي الذي يحمل نفس الاسم. يذكر أيضا ان مقدونيا ذات المليوني نسمة أطلقت على نفسها "جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة" تحظى باعتراف جميع الدول الأعضاء في حلف الناتو ماعدا اليونان. ومن ناحيتها تحاول الأممالمتحدة التوسط في الخلاف المقدوني اليوناني حول الاسم بدون جدوى كما لم تفلح الاقتراحات الدولية بتغيير اسم الإقليم المقدوني اليوناني ليكون مثلا مقدونيا العليا أو مقدونيا الشمالية لتمييزه عن جمهورية مقدونيا. وبرغم الرفض اليوناني فإن دي هوب مازال متفائلا بإمكانية إيجاد حل للخلاف قبل انعقاد القمة مؤكدا ضرورة أن تتوصل مقدونيا واليونان إلى صيغة حل ثنائي بينهما ومشددا على ضرورة توفر إجماع تام لقبول أعضاء جدد في إشارة إلى احتمال لجوء اليونان إلى استخدام حق النقض (الفيتو). وحسب مصادر الدوائر المطلعة لدى الحلف فإن كرواتيا ومقدونيا قد حققتا في الآونة الأخيرة تقدما ملحوظا في مجال الإصلاحات السياسية وتحديث الجيش بما يتناسب والمعايير التي يضعها الحلف في حين مازالت ألبانيا تعاني من التلكؤ في هذا المضمار. ومع ذلك فإن قيادة الناتو قد تتغاضى عن هذا النقص لأسباب تتعلق بالسياسة الاستراتيجية للحلف وتوافق على منح ألبانيا العضوية مستثنية إياها من اكتساب الشروط المطلوبة. ومن هذا المنطلق أجرى وزراء خارجية الحلف مشاورات إبان اجتماعهم ببروكسل بشأن وضع برنامج عمل زمني سريع لضم الدول الثلاث لا تراعى فيه فترة السنتين المعمول بها كفترة قانونية بين تقديم الطلب ومنح العضوية.