شهدت عقبة ضلع بعسير حوادث مرورية شنيعة ذهب ضحيتها مئات الأشخاص، وقدرت نسبة الحوادث 9% من اجمالي حوادث المملكة، وعقبة ضلع هي عبارة عن طريق منحدر نزولاً من مدينة أبها "حي الضباب" إلى متنزهات تهامة عسير، ويبلغ طولها 32كيلومتراَ ويخدم قرى وهجرا، حيث ان الطريق به منعطفات وتحويلات خطرة جداً. ومن الحوادث الأليمة في عقبة ضلع حادث سيول ذهب ضحيته قرابة "27" شخصاً ووفاة عائلة عددها "10" أشخاص احتراقاً. ووفقاً لدراسات أجريت من قبل بعض الجهات فإن الانهيارات سببها سوء التنفيذ وعدم وجود جسور تحمي السيارات من المنحدرات الخطرة. "الرياض" التقت بعدد من سكان أبها للكشف عن حجم المخاطر الجسيمة التي تهدد قاطعي الطريق. معاناة يومية في البداية تحدثت الأستاذة نورة السرحان معلمة متعاقدة براتب ألفي ريال في المفجر احدى قرى تهامة عسير. وحول مشوارها اليومي تحدثت عن معاناتها تقول: "لديّ طفلان أتركهما في منزل والدة زوجي قبل الساعة الخامسة فجراً، ونعاني أيام البرد من انحجاب الرؤية بسبب الضباب، حيث يوصلني زوجي إلى رأس عقبة ضلع، واستقل سيارة أخرى مع سائق ادفع له خمسمائة ريال، واجلس إلى جوار أربع زميلات متجاورات لازدحام السيارة، ونكون على هذه الحالة ساعة ونصف حتى نصل إلى المدرسة، المدة الزمنية التي نقضيها في السيارة متعبة جداً، فالمكان ضيق، والطريق طويل، والسائق يحرص على عدم السرعة تجنباً للمخاطر، وبالتالي نتأخر، والمناظر مفزعة ومؤلمة، بشكل اسبوعي نشاهد حادث تصادم أو انقلاب السيارات بسبب التحولات التي تملأ الطريق، اضافة إلى ذلك تهاجمنا القرود في بعض الأحيان في مجموعات تلحق بالسيارة بعد اجتيازها للوادي، ولا أنسى في العام الماضي مأساة اجهاض زميله لي في سيارة أخرى مع سائق سابق بسبب تجاوزنا لمطب كاد يودي بحياتنا، ولا ألوم السائق لأن الطريق دوماً ملىء بالمفاجآت، فكل يوم مطب جديد أو تحويلة جديدة أو اجتياح السيل للوادي ونتيجة ذلك ننتظر في السيارة حتى يتعدى الماء المكان الذي يصبح مستنقعاً وحلاً يصعب السير خلاله، ولو فرضاً كان سائقنا متمهلاً في الطريق الذي تعاني المنحدرات الحادة فإن المشكلة تأتي من آخرين يقودون سياراتهم بتهور، زوجي يقف معي كثيراً على أمل أن أجد فرصة للنقل وأرتاح من العقبة وحوادثها المأساوية". مشاهد مؤلمة وتقول الأستاذة فاطمة علي معلمة في مدرسة قائلة: بمنطقة "صدر وايله" في تهامة عسير، أوضحت لنا معاناتها: "لا استطيع ان أسكن في صدر وايله بسبب ظروف عائلية تمنعني من الاستقلال بالسكن وحدي، ولا أريد التفريط في وظيفتي، وإلى الآن لم احصل على فرصة نقل، ويومياً أنا مضطرة لاجتياز رحلة يومية من خميس مشيط حتى أسفل تهامة مروراً بالعقبة المشؤومة عقبة ضلع، وتقول: تعبت من مشاهدة الحوادث ومرأى دماء المصابين أو الحديد المتشابك جراء كل حادث يقع أو الجثث المنتشلة من الوادي، لقد شاهدت مناظر يندى لها الجبين، ولا استطيع التحمل أكثر لكن ما العمل إذا لم تتوافر الخيارات". احتراق عائلة محمد القحطاني من سكان محافظة الدرب يقول: لم يمر يوم إلا وأرى حادثاً مروعاً أو أبقى لساعات طويلة سواء في النزول أو الطلوع بسبب عوائق الطريق ومخاطره، فقد حضرت عدة حوادث بشعة ومؤلمة ولعل من ضمنها احتراق سيارة وفيها أسرة كاملة وعددهم عشرة أفراد. جسور ضعيفة ويقول أحمد علي عسيري أحد سكان مربه : ليس لنا غنى عن هذه العقبة التي بها من المخاطر ما الله به عليم، حوادث وانزلاقات وسيول جارفة تعتري هذا الطريق. وأضاف: لم نشاهد أي تقدم يذكر في هذه العقبة منذ قرابة عشرين عاماً ونحن من تحويلة إلى أخرى، وقد وقع لي حادث العام الماضي في الجسر الأخير من هذه العقبة، ولكن الله لطف ولم أصب بأذى ولله الحمد. وناشد العسيري المسؤولين سرعة تلافي مخاطر عقبة ضلع بالذات ووضع جسور متينة تحمي السيارات من الوقوع في بطون الأودية فالجسور الموجودة لا تفي بالغرض. عمر العقبة 35عاماً من جانبه أكد المهندس سعد القحطاني "متخصص في مجال تصميم الطرق" ان عقبة ضلع تعتبر من أخطر العقبات الموجودة بالمنطقة نظراً لوعورتها، وقال: العقبة بالفعل مصممة تصميماً جيداً، ولكن عمر هذه العقبة الآن تجاوز الخمسة وثلاثين عاماً، وتحتاج إلى إعادة نظر، حيث ان كثافة مستخدمي هذه العقبة تضاعف عددهم بما يقارب 500% عن الأعوام الماضية. وأرى أن يتم استبدال وتغيير بعض الكباري والجسور الهامة التي بدت التشققات عليها والاستعانة بخبراء مختصين في هذا المجال. مشروع الوادي والعقبة من جانبه أكد مصدر مسؤول بوزارة النقل انه قد تم رصد مبلغ 329.999مليون ريال، وهو ما يمثل 10% لمشروع وادي ضلع وانه ليس له علاقة بمشروع عقبة ضلع التي انتهى مشروعها منذ عقدين تقريباً، مصصحاً بذلك ما وقعت فيه بعض الصحف والتي ربطت بين العشرة بالمئة والحادث المأساوي الأخير، حيث ان ما ورد قد انتهى تصميمه واستلم منذ عام 1404ه بمواصفات عالمية متقدمة، وقال المصدر: الشركة القائمة على المشروع سوف تنتهي منه بمشيئة الله تعالى رمضان المقبل وبشكل نهائي.