لطالما امتازت زيارة قادة المملكة إلى عواصم دول العالم بالحفاوة والترحيب وبشكل خاص دول مجلس التعاون الخليجي التي دائماً ما تزدان عواصمها بهجة وفرحاً باستقبال ملوك وأمراء المملكة وعلى جميع المستويات القيادية منها والشعبية، وفي قطر يحل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام ضيفاً على الدوحة لتكون الزيارة انعكاساً لعلاقات وطيدة وراسخة بين البلدين وتعبيراً عن عمق العلاقة القائمة على أسس وروابط قوية، أسسها الأجداد وسار على نهجهم الأبناء لتكون العلاقة ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية، وبالرغم مما شاب العلاقة بين البلدين إلا أنه ومن خلال زيارة قام بها رئيس مجلس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم إلى الرياض في نوفمبر الماضي اجتمع فيها بصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز واتفق خلالها الجانبان على تعزيز التعاون الثنائي والعمل على إزالة كل ما يشوب العلاقات بين البلدين. ولقد حظيت العلاقة بين المملكة وقطر بفترات من الازدهار والتطور تركت ملامح جميلة على طبيعة هذه العلاقة، ومما لا شك فيه أن محطات وأحداث هامة جمعت البلدين يتذكرها التاريخ ودونت بماء الذهب ولا يمكن أن ينساها أو يتجاهلها أي قارئ لتاريخ المملكة وقطر والقارئين في علاقة البلدين ببعضهما، ولعل ما يمكن أن نتذكره في الزمن القريب هي الزيارة التي قام بها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بعد توليه مقاليد الحكم وكانت أول زيارة له بعد توليه الإمارة، وعندها وصف أمير قطر هذه الزيارة بأنها تأتي لتعبِّر عن أواصر الاخوة وعلاقات التعاون الوطيدة القائمة بين البلدين الشقيقين وتعبيراً عن قناعتهما المشتركة بأهمية الاتصالات المستمرة لتبادل وجهات النظر والتشاور. ومن المحطات الأخرى البارزة في تاريخ البلدين والخليج العربي عموماً توقيع اتفاقية الخرائط الحدودية النهائية عام 2001بين المملكة وقطر، ووصف حينها وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل هذا الإنجاز بأنه خطوة لترسيخ وتأكيد للعلاقات المتميزة، كما وصف وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم العلاقة بين المملكة وقطر بعد الانتهاء من مراسم التوقيع قائلاً: العلاقات بين المملكة وقطر تاريخية وعلاقات آباء وأجداد. كما لا يمكن نسيان دور المملكة الرائد في إنهاء المسائل الحدودية بين دولة قطر ومملكة البحرين حيث كان هذا الدور محل تقدير عربي وخليجي. ويأتي التعاون الثنائي بين المملكة وقطر ليقدم لمنطقة الخليج والعالم العربي مزيداً من الاستقرار، فالبلدان يعدان أحد أهم البلدان المصدرة للبترول والغاز في العالم وكلاهما عضوان في منظمة الأوبك الأمر الذي يجعل العلاقة وحسن التنسيق والانسيابية في التعامل بين البلدين له أبلغ الأثر في استقرار السوق وإعطاء المتعاملين فيه مزيداً من الثقة، ومع زيادة الاستحقاقات المترتبة على دول الخليج من أجل مواكبة العصر الحديث وتطلع شعوب مجلس التعاون من أجل اللحاق بالعالم المتقدم، أصبح من اللازم على دول الخليج أن يصبح التنسيق بينها قوياً من أجل الارتقاء وتحقيق التطلعات، ولاشك ان ما قطعته دول المجلس في هذا الشوط يخولها للاستعداد للانطلاق نحو آفاق أرحب وأكثر شمولية وتطوراً. ولعل قمة الدوحة الماضية التي شرفها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رئيساً للدورة الثامنة والعشرين والحفاوة التي لقيها من جانب الشيخ حمد بن خليفة أمير دولة قطر ما هي إلا عنواناً على علاقة أبسط ما يقال عنها انها قوية، لذا تحرص قيادة المملكة وقطر على ان تكون المشاورات والاتصالات والزيارات المتبادلة طريقاً دائماً ومستمراً وحيوياً من أجل تنسيق المواقف المتعلقة بالقضايا ذات الاهتمام المشترك، لاسيما في وقت تمر فيه منطقة الخليج الغنية وذات البعد الاستراتيجي بأزمات تهدد أمنه واستقراره وهي المنطقة الأكثر حيوية في العالم. ويتعدى التنسيق بين المملكة وقطر منطقة الخليج ويتعداها لمحور أكبر وأشمل وهو منظمة المؤتمر الإسلامي الذي تنضوي وتلتئم تحتها دول العالم الإسلامي التي سوف يجتمع أعضائها برئاسة قادة الدول منتصف الشهر الحالي في السنغال لبحث قضايا تهم مليار ونصف مسلم في أنحاء العالم، ولذا تشكل المحافل الاقليمية والدولية مناخ مناسب من أجل ان يتبادل قادة ومسئولي البلدين الرأي والمشورة حول القضايا التي تهم الجانبين بشكل خاص والمنطقة عموماً. ان الزيارات المتبادلة بين قادة دول مجلس التعاون إنما هي زيارة بين أبناء البيت الواحد كل منهم يحل ضيفاً على أخيه، ليخططوا ويبنوا مستقبل أبناء شعوبهم المتطلعة إليهم بكل ثقة وحب.