في دراسة نادرة حول علاقة الإفراط في استهلاك الملح بالسمنة في الأطفال، نشرت المجلة الطبية الهيبرتنشن (فرط ضغط الدم) التابعة للجمعية الأمريكية للقلب منتصف هذا الشهر الميلادي، نتائج دراسة شملت ما يربو على 1.600طفل وطفلة من الفئة العمرية (4-18) سنة، تبين أن تناول الأطفال لكمية أقل من الملح يساعد على الحد جزئياً من استهلاك المشروبات السكرية (وعلى رأسها المشروبات السكرية الغازية)، وهذا بدوره يمكن أن يساعد بإذن الله في خفض نسبة الإصابة بالسمنة، ومن ثم خفض كل من ارتفاع ضغط الدم وحدوث أمراض القلب والجلطات في الكبر. ويحدث ذلك كون خفض الملح في الطعام يساعد على خفض كمية شرب السوائل بشكل عام ومن بينها المشروبات السكرية عالية السعرات الحرارية. وفي هذا السياق، تشير الدراسات البريطانية والأمريكية أن ما يربو على 70% من الملح الذي يتناوله الفرد في كلتا الدولتين يأتي من الأطعمة المعلبة والوجبات السريعة. كما أن الأبحاث تثبت وجود علاقة بين الإفراط في استهلاك الملح وارتفاع نسبة عوامل الخطورة للإصابة بضغط الدم، والصدمات القلبية والجلطات والفشل الكلوي. وهذه رسالة واضحة للآباء والأمهات بمحاولة الإقلال قدر الإمكان من تناول الأطفال للأطعمة عالية الملح (الصوديوم)، ويتأتّى ذلك من خلال الاتزان في تناول الأطعمة المعلبة، وأطعمة الوجبات السريعة، كالبرجر والشاورما والبطاطس المقلي وغيرها. أما البيتزا فلها نصيب كبير من الملح، وخصوصا الببروني المحبب للأطفال، وما يسمى ب (الدبل تشيز) مما يعني مزيدا من الجبن. ولا ننسى أبدا ضرورة الحد من تناول الأطفال لرقائق البطاطس (الشيبس)، والبفك وغيرها من الأطعمة الخفيفة المالحة المسماة ب (السناك)، كما ينبغي على الأبوين استبدال المكسرات المالحة بالأنواع قليلة الملح. ويفترض الإقلال قدر الإمكان من الأجبان البيضاء المالحة والمخلالات، علما بأنه يتوفر في الأسواق عدد قليل من أنواع الجبن الأبيض قليل الملح. ولا ننسى أيضا المايونيز والكاتشب والخردل (الماسترد) وصلصلة الصويا فهي تحوي نسبة لا بأس بها من الصوديوم. ومن الإرشادات التي ينصح بها عند تخفيض الملح في الأطعمة المعدة في المنزل، أن يتم ذلك تدريجيا خلال بضعة أسابيع حتى يتعود الشخص على ذلك، ويمكن إضافة بعض البهارات لتغطية النقص في الملح. وبطبيعة الحال فهذه الإرشادات ليست لأطفالنا فقط، وإنما لنا نحن كبالغين. ما أريد أن أقوله باختصار هو التوازن في تناول الأطعمة بشكل عام فلا إفراط ولا تفريط. ويجب التنويه إلى أن نتائج هذه الدراسات لا تعني بأي حال من الأحوال إهمال الجوانب الأخرى في الحماية من زيادة الوزن والسمنة، كممارسة النشاط البدني بانتظام، وخفض تناول الأطعمة الغنية بالدهون والسعرات الحرارية. ولا زلنا في انتظار تحرك هيئة الغذاء والدواء مع وزارة التجارة والصناعة، ودعم مباشر من وزارة الصحة لوضع أنظمة ولوائح للحد من استخدام الملح والصوديوم وتحديدا في الأطعمة المصنعة والمعلبة والوجبات السريعة. خصوصا وأن الخطة الخليجية للحد من مرض السكري، التي التزمت بها المملكة مؤخرا، تنص على ضرورة تبني تشريعات من مثل هذا النوع. ويفترض من تلك القطاعات الحكومية الاستفادة من تجارب الدول التي قطعت شوطا في هذا المجال، كما هو الحال في العديد من الدول الأوروبية وفي مقدمتها بريطانيا وفنلندا وفرنسا، وربما سيتعجب البعض إذا قلت أن بعض الدول قطعت شوطا في هذا الجانب من خلال فرض ضرائب على الأطعمة عالية الصوديوم، شبيهة بالضرائب التي تؤخذ على شركات التبغ!!. ولكم وأطفالكم دوام الصحة والمعافاة. @خبير تعزيز الصحة