تحت عنوان « فيدل صغير في كاراكاس» كتبت صحيفة نيويورك تايمز في مقالها الافتتاحي الرئيسي تقول «في عام 1992 أفاق الليفتانت كولونيل هوغو شافيز على حقيقة أن الانقلابات العسكرية كوسيلة للوصول إلى السلطة ليس بالعمل الصائب ذلك عندما فشلت محاولته في حكم فنزويلا في ذاك الوقت لتفضي به تلك المغامرة إلى السجن».ولكن بعد سبع سنوات من ذلك التاريخ اخذ شافيز المسار الديمقراطي لتتبدل حظوظه ويكسب انتخابات الرئاسة. ومنذ ذلك الحين انشغل شافيز وزمرته بتحويل ديموقراطية فنزويلا الوليدة إلى ديكتاتورية بغيضة. وفي الوقت الذي راح هو ومعاونوه يعبرون عن تأييدهم للمسار الديمقراطي عملوا تدريجياً على تجريد الفنزويليين من ابسط حقوقهم الأساسية و حرياتهم . ويبدو أن احتجاجات الحكومات الأخرى ومنظمات حقوق الإنسان قد صادفت آذان صماء.وقبل فوزه بالاستفتاء على حكمه في أغسطس الماضي وعد شافيز بإصلاح أساليبه والتخلي عن تسلطه ولكن يبدو ان نشوة الانتصار شجعته على التمادي في غيه. وعمد شافيز بعد ان بسط نفوذه على الجمعية الوطنية إلى تحجيم الحريات الديمقراطية بطريقة ممنهجة. وشملت التعديلات على قانون العقوبات فترات سجن طويلة لمن يدانون في قضايا القذف والتشهير وقيود غير مبررة على حق الشعب في انتقاد المسئولين العامين. وعد هذا القانون الطرق على القدور وغيرها من أدوات المطبخ خلال مسيرات الاحتجاج العامة وهو أسلوب قديم في أمريكا الجنوبية للتعبير عن حالة عدم الرضا جريمة يعاقب عليها. وهذا الأسبوع قام أعوانه في الجمعية الوطنية بتعيين 17 قاضياً و32 قاضياً بديلاً بالمحكمة العليا الموسعة مما عزز قبضته على الجناح القضائي في الحكومة الفنزويلية. وأدت عملية التطهير في صفوف القوات المسلحة بعد وقوع المحاولة الانقلابية الفاشلة في إبريل 2002 على إحكام قبضة شافيز على هذه القوات. والآن لم يبق من المؤسسات المستقلة في البلاد سوى بضع نقابات عمالية والكنيسة الكاثوليكية ووسائل الإعلام المحاصرة. وقام شافيز الأسبوع الماضي بالتوقيع على قانون «المسئولية الاجتماعية» الذي يحظر على قنوات التلفاز والراديو بث مشاهد العنف والجنس خلال الفترة من الخامسة صباحاً إلى الحادية عشرة مساءً. ويبدو القانون في ظاهره معدا لحماية الأطفال ولكنه في الحقيقة يسمح للحكومة تغريم وإغلاق أي محطة تشتم منها رائحة الاستقلالية. ويترك هذا القانون للمسئولين الحكوميين حرية تعريف العنف. فعلى سبيل المثال يمكن إغلاق المحطة التي تبث لقطات إخبارية مصورة لاحتجاج «عنيف» ضد شافيز بموجب القانون الجديد. ليس للمجتمع الدولي قوة نفوذ على كراكاس ويعود ذلك إلى ان شافيز يقوم بتصدير كثير من النفط وكثير من الخطب المعادية للولايات المتحدة مما يعطيه قوة معتبرة في تعاملاته مع الدول المتقدمة وجيرانه في أمريكا اللاتينية. ومع تضاءل الخيارات أمام القوى الديمقراطية المحبطة في فنزويلا يبدو أن افضل طريقة للحيلولة دون وقوع اضطرابات وقلاقل اجتماعية في هذا البلد المنقسم على نفسه انقساماً عميقاً هو ان يقوم الرؤساء الأمريكيين الجنوبيين ذوو الميول اليسارية مثل ريكاردو لاغوس في تشيلي ونستور كريشنر في الارجنتين ولويس لولا دا سيلفا في البرازيل هو الحديث إلى شافيز. عليهم ان يعملوا على إقناع شافيز بان تقليده لمثله الأعلى فيدل كاسترو لا يتوافق مع التزام المنطقة بالديمقراطية.