ليس هناك أبشع - في تاريخنا المعاصر - مما تقوم به آلة الحرب الإسرائيلية في غزة من قتل للأبرياء العزل من الأطفال والنساء وكبار السن ممن لا حول لهم ولا قوة، متذرعة بإطلاق صواريخ بدائية الصنع معظمها لا يصل إلى أية أهداف تذكر، لكنه بطَر القوة وبطشها واستغلال الضعف والوهن العربي أولاً، ثم الدولي، والصمت المريب الرهيب عن تلك المجازر ثانياً، بل إن اليهود تمادوا ومضوا في إذلال المجتمع الدولي المتحضر الذي جعل العدالة التي ينادي بها معصوبة العينين حتى لا ترى الحقيقة التي أمامها بل الحقيقة التي تفرض عليها، حتى إن هناك مقولة يتداولها المحامون وخصوصاً الأمريكيين منهم تقول: (قاعة المحكمة ليست المكان المناسب للبحث عن الحقيقة). ونعود لعملية (شوآ) والتي تعني (المحرقة) والتي تمارس فيها آلة الحرب الإسرائيلية كل أصناف الهمجية التي عرفها البشر عبر السنين، فما يحدث هوحرب من طرف واحد يستخدم أحدث الأسلحة في مواجهة لا شيء تقريباً سوى منازل تقطنها عائلات لا تجد ما تسد به رمقها ورمق أطفالها كان مصيرها الموت تحت الأنقاض جراء القنابل الذكية وغير الذكية. وما يدعو إلى السخرية بحق أن اليهود جعلوا من محارق النازية في الحرب العالمية الثانية وسيلة لابتزاز العالم المتحضر أو الذي يزعم أنه متحضر، وحشدوا كل طاقاتهم من أجل تكريسها في الذاكرة العالمية وجعلها مأساة إنسانية عانوا من ويلاتها كما يزعمون، وأن الحكم النازي قاد حرب إبادة ضدهم ذهب ضحيتها ستة ملايين يهودي كما يزعمون، رغم أن هناك العديد من المؤرخين الذين لا يؤيدون وجهة النظر تلك بل يدحضونها، فما كان من الدولة اليهودية إلا أن سعت لإصدار تشريع دولي بتجريم كل من يشكك في المحارق النازية، أطلق عليه (معاداة السامية) وكأنهم هم الساميون الوحيدون على وجه الأرض، ورغم أن من تعرض للظلم والعدوان يكون أقدر من غيره على معرفة ويلاتهما، إلا أن اليهود الإسرائيليين قلبوا هذه القاعدة رأساً على عقب، فبدلاً من أن يكونوا أكثر إنسانية نتيجة المحارق النازية التي تعرضوا لها إلا أنهم أصبحوا أكثر همجية وقسوة وبطشاً من أي شعب على وجه الأرض بقتلهم الأبرياء .. ولكن لنكن واقعيين، فاليهود أيديهم ملطخة بالدماء على مر العصور فهم قد قتلوا أنبياء الله عزَّ وجل، أفلا يقتلون بشراً لا يصلون إلى مرتبة الأنبياء؟ أليسوا هم من كذبوا أنبياء الله وآخرهم كان سيدنا عيسى بن مريم؟ أليسوا هم من حاول قتل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بتسميمه؟ ومن لا يتورع عن قتل نبي مرسل فلن يتورع عن قتل بشر عادي، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (شر الناس من قتل نبياً أو من قتله نبي). ما يحدث في غزة عار على الإنسانية المجردة، عار على كل من يدعي التحضر، عار لن يمحوه الزمن، بل ستتوارثه الأجيال والسلام لن يأتي طالما حمل اليهود في كلتا اليدين أسلحة التدمير والقتل فلا مكان لغصن الزيتون..