في الطبيعة نجد الحرباء تتخذ لون البيئة التي تعيش فيها. وتحاول الفنانة الهولندية ديسيري بالمن تقليد هذه الخاصية في حياتها الخاصة. وكما يظهر من الصور حققت هذه الفنانة نتائج مذهلة في التمويه. وتستخدم بالمن، 44عاماً، طريقة تتطلب جهودا خارقة وصبرا واهتماما بالغا بالتفاصيل في تنفيذ أعمالها. فهي تصمم ملابس قطنية وترسم بيدها التفاصيل الدقيقة حتى يتم الانسجام الكامل بين تلك الحلل والخلفية التي تختارها. ثم تقف هي بنفسها أو إحدى العارضات في تلك الملابس في المكان الذي صممتها عليه. ويتم تصوير المشاهد وعرضها فيما بعد. وتقول بالمن "يبدي الناس رد فعل قوياً بعد مشاهدة أعمالي. فمشاعرهم مختلطة تجاهها، فهم يشعرون بخليط من التشويش والدهشة والاهتمام. وفي الغالب يفضل الناس ارتداء أزياء تخفي وجودهم". وتحتاج بالمن إلى ساعات لتلوين أزيائها. في البداية تقوم بتصوير المكان، ثم ترجع إلى مرسمها وتنقل تفاصيله بدقة إلى الملابس القطنية باستخدام ألوان الاكريليك. ويكون التجانس بين اللون والنسيج والضوء والشكل على درجة مدهشة من التجانس، ولكن مع ذلك تنظر بالمن بتواضع شديد لإنجازاتها. وتقول: "إنها لم تكن كاملة على الاطلاق. يكفيني أنها تحقق شيئاً من النجاح. وأشعر بسعادة عندما يكتشف الناس أن الذي يقف أمامهم شخص حقيقي في حلة وليس صورة رقمية زائفة!". وهي تعرض أعمالها بانتظام في شوارع القدس وروتردام وبرلين. وقامت بإنتاج لقطات خارجية وداخلية - ومن ضمن لقطاتها الداخلية حلة مماثلة لخزانة كتب، وأخرى لطاولة، وثالثة لبئر سلم. واستوحت فكرة فنها الفريد من القدرة المتزايدة من رقابة "الأخ الأكبر" في حياتنا اليومية. وتقول "أود أن أجعل الناس يفكرون في حقيقة ما تفعله الحكومات للتحكم في حياتنا اليومية. فعندما نخضع للمراقبة فإننا نسلم مسؤولياتنا الشخصية للدولة. أود صنع أزياء المواطنين غير المجرمين، الذين تتعرض منازلهم لمراقبة طوال اليوم من خلال كاميرات المراقبة المثبتة في الشوارع. وفي نفس الوقت أريد تحقيق رغبتي في التخفي" وتبيع بالمن التي درست النحت في أكاديمية الفنون في ماستريخت، صورها بحوالي 1.500جنيه استرليني. وأقامت بالمن عشرات المعارض الناجحة في أوروبا وتخطط لإقامة معرض في بريطانيا. وترى أن الأطفال أكثر الناس إعجاباً بأعمالها. وتقول: "إن صبيا في القدس كان لا يمل العودة مرات ومرات لمشاهدة الصور المموهة".