أود أن أسجل بكل التقدير، ما نلمسه من وعي وانتماء وتفاعل من مؤسساتنا وشركاتنا من منسوبي القطاع الخاص، الذين استطاعوا أن يكونوا شركاء في عملية التنمية الاقتصادية، وأيضاً التنمية الاجتماعية من خلال تحمل جزء كبير من المسؤولية الاجتماعية، التي هي إحدى سمات المجتمع المسلم". بتلك الكلمات الضافيات بارك صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والطيران والمفتش العام جهود القطاع الخاص السعودي في مجال التنمية الاجتماعية معلنا الانطلاقة الحقيقية للمبادرة الوطنية للمسؤولية الاجتماعية خلال رعاية سموه للملتقى الأول للمسؤولية الإجتماعية الذي اقيم مؤخراً. وأكد سموه على أهمية التكافل والتراحم وتجذر أصوله في مملكة الإنسانية قائلاً: "إن كلا منا بمشيئة الله يعد قدوة ونموذجاً لما يمكن أن يكون عليه المسلم المدرك لمسؤولياته تجاه ربه ومجتمعه، ولا ينحصر الأمر في المال، بل الجهد والمال صنوان". وأعطى سمو ولي العهد إشارة البدء لعمل مؤسسي وطني حين قال: إن بعض شركات القطاع الخاص السعودي قدمت نماذج مشرفة في كافة مجالات العمل الإنساني والخيري، ولكن أصبح من الأهمية إدخال المسؤولية الاجتماعية إلى بيئة العمل، من خلال وضع برامج ومنظومة للمسؤولية الاجتماعية، تلك القضية التي تحظى باهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله -. وما كاد ملتقى المسؤولية الاجتماعية يختتم فعالياته، حتى انطلقت جهود صادقة وجادة لتفعيل توصياته على أرض الواقع، ففي مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية تم تشكيل فريق للمسؤولية الإجتماعية يستهدف تفعيل مبادرات المسؤولية الاجتماعية في إطار مؤسسي يعنى بالتخطيط لمشروعات تنمية مستدامة، ويهيئ الرأي العام لمساندة تلك المبادرات وتعظيمها. وضم هذا الفريق ممثلين لعدد من القطاعات والمؤسسات ذات الحضور الفاعل في مجال العمل الخيري والاجتماعي إلى جانب ممثلين لعدد من الغرف التجارية الصناعية بالمملكة، وعدد من الشخصيات العامة الرائدة في مجال العمل التطوعي ليكون الفريق هيئة استشارية ومرجعية تقدم كل وسائل الدعم الممكنة لبرامج المسؤولية الاجتماعية. ويتولى هذا الفريق دراسة التجارب المتميزة التي تم تطبيقها من قبل مؤسسات القطاع الخاص في مجال المسؤولية الاجتماعية وتعميمها، وتوفير المساندة الاستشارية للمبادرات الجديدة، وإيجاد آليات لتفعيل وتطوير إسهام الشركات والمؤسسات، ودراسة احتياجات المجتمع من خطط التنمية المستدامة، وتنمية الوعي بثقافة المسؤولية الاجتماعية، وتدريب منتسبي إدارات المسؤولية الاجتماعية على التخطيط وآليات التنفيذ. ويواصل فريق المسؤولية الاجتماعية المنبثق عن مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية جهوده بالتنسيق مع الغرف التجارية الصناعية في عدد من مناطق المملكة لتنفيذ برامج توعوية وتثقيفية لمنتسبيها عن أنشطة المسؤولية الاجتماعية، واحتياجات المناطق من مشروعات التنمية. وفي الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، تم الشروع في تبني إنشاء مجلس للمسؤولية الاجتماعية، يتولى توفير المساندة لبرامج المؤسسات من منتسبي الغرفة، وتحفيز التجارب المتميزة، والتوعية بدور تلك المؤسسات في التنمية الاجتماعية. وينبثق عن هذا المجلس لجنة تنفيذية تضع الخطط والاستراتيجيات لبرامج المسؤولية الاجتماعية، وتشجيع منتسبي الغرفة وتبادل تجارب المؤسسات في مجال المسؤولية الاجتماعية، واقتراح برامج ابتكارية لخدمة المجتمع، وتقديم خدمات استشارية للمؤسسات. هذا إلى جانب إعداد وتنفيذ برنامج تعريفي توعوي يتضمن تنظيم ملتقى سنوي للمسؤولية الاجتماعية، وندوات ومحاضرات تثقيفية، وإصدار كتيبات ومطويات في هذا المجال، وإقامة دورات تدريبية وورش عمل للعاملين في مجال المسؤولية الاجتماعية. وفي جدة أعلنت الغرفة التجارية الصناعية عن جائزة مجلس جدة للمسؤولية الاجتماعية للبنوك والتي تطلق لأول مرة هذا العام تقديراً للمبادرات البناءة للقطاعات الاستثمارية في المجتمع، وتمنح الجائزة لأكبر نسبة مئوية يحققها البنك من البرامج الاجتماعية المستدامة. وأوضحت الأستاذة الفت قباني عضو مجلس ادارة الغرفة ورئيس مجلس جدة للمسؤولية الاجتماعية أن البرامج المستقبلية التي سيقوم بها المجلس للعام الحالي ستسهم في التنمية المستدامة لمجتمع محافظة جدة والليث ورابغ وبعض القرى، حيث يعزم المجلس على توسيع نشاطه ليشمل هذه المناطق بالبرامج الاجتماعية التي من أهمها مشروع قافلة البصريات لقرى المملكة والهادف إلى تقديم العلاج الوقائي والمبكر لكبار السن والفقراء بهذه القرى وبرنامج حملة التبرع بالدم الذي سيمد المجتمع ويدعم الجهات الصحية وبنك الدم بالكميات التي يحتاجها من الدم. وأشارت إلى المشاركة المستقبلية للمجلس من القطاع الخاص بإطلاق مشاريع من أجل الحفاظ على البيئة وتفعيل دور جميع المنشآت التجارية العاملة في القطاع الخاص تجاه المسؤولية الاجتماعية. ومن جهة اخرى اعلن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة الملك خالد الخيرية مؤخراً عن إطلاق جائزة الملك خالد للمسؤولية الاجتماعية، وهي تشمل أربعة فروع هي، جائزة الإنجاز الوطني، وجائزة العلوم الاجتماعية، وجائزة المسؤولية الاجتماعية، وجائزة المشاريع الاجتماعية. وتأتي هذه الجائزة في إطار اهتمامات المؤسسة بالبعد الاجتماعي دعماً وتأصيلاً للمفهوم الإيجابي للعمل الخيري في المملكة، وتسعى الجائزة لتشجيع وتكريم المؤسسات الملتزمة بمعايير المسؤولية الاجتماعية لتقديم أفضل خدمات للمجتمع، بحيث تشمل كل المنشآت العاملة بمجالها، وتسدي خدمة للمجتمع. وحيث تتوجه هذه الجائزة إلى هذا التنوع من الخدمات الاجتماعية فإنها تسهم في تكريس مثل هذه الأعمال وتعميمها، وتقدير أصحاب المنشآت الرائدة والجادة لوضع برامج مدروسة ومخطط لها ومستدامة في تنمية المجتمع في شتى جوانبه. وعلى نفس الصعيد أعلنت الهيئة العامة للاستثمار إطلاقها مؤشر وجائزة "المسؤولية الاجتماعية للشركات السعودية" بالتعاون مع مبادرة جامعة هارفارد للمسؤولية الاجتماعية ومركز متخصص في هذا المجال. وتأتي خطوة الهيئة في سبيل بحث أفضل المعايير العالمية لتناسب معطيات المسؤولية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية، ولاستكشاف مؤشر المسؤولية الاجتماعية للشركات السعودية كجزء من مبادرة مؤشر التنافسية المسؤولية التي يقودها مركز التنافسية الوطني وخطة عشرة في عشرة. وقال محافظ الهيئة العامة للاستثمار عمرو بن عبدالله الدباغ: "هناك دور وطني جوهري يجب على الشركات في أي بلد أن تلعبه في سياق مسؤوليتها الاجتماعية من أجل تعزيز القيم الاجتماعية والبشرية الأمر الذي يعزز القدرة التنافسية للمجتمعات والأمم بأكمله. وأضاف: "والهيئة العامة للاستثمار تؤمن بأن الشركات عندما تراعي الاحتياجات الاجتماعية والبيئية للمجتمعات التي تعمل فيها، فإنها بذلك تراعي العوامل التي يمكن أن تؤثر على قدرتها التنافسية، واعترافاً بهذه العلاقة الثنائية بين الاستثمار والمجتمع وإدراكاً لمسؤوليتنا في المساهمة في إحراز المملكة مواقع افضل في التنافسية بين الدول.. فإنه لا يسعنا إلا أن ندعم مثل هذا المؤشر الذي سوف يسهم في تعزيز فعالية دور المسؤولية الاجتماعية للشركات، وهو دور يساهم في إثراء القيمة البشرية والاجتماعية في المجتمع.