قبل عامين تقريباً تصدرت السعودية عناوين الصحف الفنية بإطلاق أول فيلم سينمائي سعودي، تنافس على هذا اللقب فيلمان، الأول هو (كيف الحال) بإنتاج من روتانا والثاني هو (ظلال الصمت) للمخرج عبدالله المحيسن، وبغض النظر عن أحقية أي الفيلمين في هذا اللقب، إلا أن هذا الكلام غير صحيح، ففي الماضي البعيد، وفي بداية الثمانينيات الميلادية (1400ه) كان هناك مشروع سينمائي سعودي لم ير النور للأسف. اسم الفيلم (موعد مع المجهول) وهو من إخراج نيازي مصطفى أحد أبرز المخرجين المصريين في ذلك الوقت وإنتاج وزارة الداخلية وبطولة سعد خضر وعبدالرحمن الخريجي ومطرب فواز وصالح الزير، وتم تصويره بالكامل داخل منطقة الرياض عام 1980.كانت الفكرة منذ البداية تلمع في رأس الفنان "سعد خضر" فكتب السيناريو وقدمه لوزارة الداخلية التي رأت أن الفيلم سيقدم صورة حسنة عن قدرات الأجهزة الأمنية في البلد فوافقت على إنتاجه ووفرت له إمكانيات كبيرة. قصة الفيلم تتحدث عن ضابط في أحد الكليات الأمنية يفاجأ بمقتل صديقه ويجد أصابع الاتهام موجهة له فيبدأ بالتخفي عن الأنظار منطلقاً في رحلة البحث عن القاتل الحقيقي، وعند تسليمه للقاتل يكافأ سعدون (سعد خضر) بحصوله على ترقية، ووسط هذا الكم من الإثارة يتعرض البطل للعديد من المواقف الاجتماعية والشخصية. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا لم يعرض الفيلم إلى الآن؟ وما هي الأسباب التي أدت لإهماله رغم ما توفر له من إمكانيات؟. يقول الأستاذ عبدالله الكعيد الكاتب الصحفي والمشرف على إنتاج الفيلم وقتها بتكليف من وزارة الداخلية "السبب الرئيسي لعدم عرض الفيلم هي أسباب إدارية، وأسباب أخرى رأتها وزارة الداخلية" نافياً أن تكون الأسباب دينية أو اجتماعية، لأن المجتمع حينها كان -بحسب وصفه- "صحياً" ومتقبلاً لكل أشكال الفنون والمشاريع الثقافية مستشهداً في ذلك بمشاركة "العنصر النسائي الذي كان يحضر لمواقع التصوير بكل أريحية وبدون أي مضايقة". وعن رأيه في العمل بشكل عام قال "العمل يدور في فلك التشويق والأعمال البوليسية ويخدم قطاعاً حكومياً كبيراً ومحافظاً على العادات والتقاليد، لذلك فقد كانت فكرة رائعة في ذلك الوقت مثلما هي فكرة رائعة الآن". قبل 28سنة من الآن كان هناك أشخاص ومؤسسات وقفوا خلف إطلاق ما يمكن أن يطلق عليه أول فيلم سينمائي سعودي درامي، إيماناً منهم بأهمية السينما كمصدر للتلقي، لكن وفي نفس الوقت كانت هناك العديد من الأسباب الإدارية وقفت دون عرضه سينمائياً، وتلفزيونياً أيضاً، حيث كان من المفترض أن يتم تقسيمه من فيلم واحد مدته ثلاث ساعات ونصف الساعة إلى سهرات تلفزيونية من نصف ساعة، لكن حتى هذا الخيار لم يجد قبولاً من التلفزيون. فمتى سنتمكن من مشاهدة "أول فيلم سينمائي سعودي"؟. ومتى يدرك الجميع أن "السينما" كانت حاضرة في أذهان السعوديين وليست وليدة اليوم؟.