الحديث عن الحب والعلاقة القوية التي تربط العاشق الولهان ومحبوبه كما صورتها المسلسلات وبعض الكتب، وكان آخرها نمر بن عدوان التي ألهبت المشاعر وحركت العواطف دفع العديد من الأزواج للمطالبة والحلم بأن يعيشوا في نفس جو تلك المسلسلات والأحداث الدرامية الغرامية أضف لذلك الأفلام والمسلسلات غير الخليجية تحديداً والتي تشهد سيلاً من العواطف الجياشة هي نماذج ساهمت في تحريك وتأجيج بعض المشاكل الزوجية وذلك نتيجة للفراغ العاطفي الذي لا أحد ينكر وجوده في المجتمع، فمعنى الحب الحقيقي الذي يربط الأسرة ببعضها ليس موجوداً بالشكل الذي يشبع رغبة الأسرة بكاملها فحتى العلاقة بين بعض الآباء وأبنائهم علاقة جافة قائمة على الأمر والنهي، وكذلك مع الزوجة والاخوة والأخوات، وليس هناك تفعيل لما يوقظ تلك العلاقة التي يجب أن تربط الأسرة ببعضها البعض، أعود لتلك المسلسلات التي جعلت بعض الفتيات تعيش في الأحلام في مشاكل عديدة وتشتت ذهني ومقارنات مع الآخرين، فكل زوجة تعتقد أن زوجها لا يُغدق عليها من كلمات الحب والغرام كما تراه هي في تلك المسلسلات، وأنه لا بد أن يتحول إلى 180درجة، في الاتجاه الآخر، وتنسى أنه نشأ في بيئة قد تكون جافة ولم يتغذ بتلك الكلمات والعبارات اللطيفة الرومانسية، لكن ذلك لا يعني انعدامها لديه، لكنها تحتاج لفترة زمنية لتتحرك. وأود أن أذكر أنه يجب عدم الإفراط والمبالغة في هذا الأمر حيث حذرت البحوث مؤخراً من الوقوع في الحب مشيرة إلى أن من شأن العشق والغرام إلحاق الضرر البليغ بجسم المحب المغرم. وأفاد الباحثون في كلية إمبريالي بأن مجموعة الآثار الجسدية التي تسببها تقلبات العلاقة الغرامية يمكن أن تتسبب بدورها في إضرار جسم الإنسان على المدى البعيد. ففي هذا السياق، تحدث البروفيسور مارتن كاوي قائلاً: "إن أجسامنا تمر بسلسلة متصلة من العواطف والانفعالات وإن الحب يفضي إلى بعض الآثار الجسدية والعضوية الواضحة - ذلك أن حدقات أعيننا تتسع بحيث يكاد بؤبؤ العين يخرج من المقلة كما أن أكفنا تتصبب عرقاً وضربات القلب تزداد سرعة ويسري هرمون أدرنالين بكميات كبيرة في أوصالنا - الأمر الذي يؤدي حتماً إلى حدوث المشاكل في أجسادنا وأن الأمراض المرتبطة بضغوط العمل نجمت عن ظواهر جسدية شبه مطابقة. وأضاف: إن عدم القدرة على إدراك تأثيرات الانفعالات الغرامية على صحتنا يزيد الأمور سوءاً على سوء، فإذا كان الناس يعانون من مشاكل عاطفية، يلزمهم عندئذ إدراك الأثر الذي يحدثه ذلك على صحتهم. وقال: "نحن نعلم مثلاً أن العرسان المتزوجين حديثاً ترتفع لديهم احتمالات الإصابة بمشاكل القلب الخطيرة بنسبة 50% بعد موت زوجاتهم". وأشار إلى أن هذا مجال يتطلب المزيد من البحث والاستقصاء. وهنا لا نطالب بالغرام أو العشق غير المنضبط أو المفرط أو الذي يصيب الإنسان بالأمراض والضغوط لا سمح الله لأن هذا لا يعنينا أبداً، ولكننا نود العلاقة الحميمية القوية التي تربط الأسرة والزوجين ببعضهما البغض ويكون نتاج هذا الحب الواعي أسرة متحابة مترابطة ينعكس أثر ذلك إيجاباً على المجتمع بأكمله ويكون حافزاً للإبداع والعلم والسير في الطريق الصحيح بإذن الله تعالى. وأعتقد أن لكل مجتمع خصوصيته في هذا الأمر فنحتاج لمزيد من الدراسات التي تتناول جوانب عديدة ومهمة في حياتنا لتبين لنا بعض القصور الذي يحتاج لأن نعيد النظر فيها وفق أسس علمية.