اعتبر مدير المجلس الثقافي البريطاني في المملكة جيم سكارث الاعتقاد بانغلاق المجتمع السعودي مغالطة لا صحة لها مشيراً إلى أن الشباب السعودي يتفاعل مع المشاريع الثقافية التي يطرحها المجلس ويبدي حماسة نحوها. وقال سكارث في حوار ل"الرياض" لا نهدف إلى فرض ثقافتنا على الآخرين بقدر ما نسعى لخلق تفاهم أفضل بين الشعبين وهذا هو هدف البرامج والمشاريع التي يطرحها المجلس. ونأى سكارث بالمجلس من التدخل في السياسة مؤكداً بأن الظروف التي نشأ المجلس بها قبل أكثر من خمسة وسبعين عاماً تختلف عن الوضع الحالي موضحاً بأن الغرض من إنشاء المجلس هو إيجاد وكالة تتعامل مع شعوب العالم المختلفة في شتى المجالات الثقافية والتعليمية بمعزل عن السياسة. وتطرق سكارث في حواره إلى عدد من الأنشطة والفعاليات التي سيقيمها المجلس مستقبلاً حيث سيتم تنظيم معرض فوتوغرافي في شهر ابريل القادم كما من المحتمل إرسال مجموعة من المخرجين الشباب إلى مهرجان أدنبرة للاطلاع على تجربة المخرجين البريطانيين وكيفية عملهم فإلى نص الحوار: - عندما يتم الحديث عن المجلس الثقافي البريطاني فأول ما يتبادر إلى الذهن تعليم اللغة الانجليزية هل هو بالفعل معهد لتعليم اللغة؟ - المجلس الثقافي البريطاني وكالة دولية للفرص التعليمية والعلاقات الثقافية ويقوم بنشاطاته بالتعاون مع دول مختلفة في مجالات الأدب والفنون والثقافة والتعليم والعلوم والتقنية وفي الوقت الراهن لدينا أكثر من مائتي مكتب في مائة وعشرة بلدان ولدينا ثلاثة مكاتب في المملكة في كل من الرياضوجدة و الدمام، وقد بدأ المجلس نشاطاته في عام 1930م وفي ذلك الوقت كان الوضع السياسي مختلفا تماماً عما هو عليه الآن فقد كانت هناك نزاعات كثيرة مع الألمان وكانت الحكومة البريطانية ترغب في إيجاد وسيلة لتعرف الناس من خلالها على الشعب البريطاني والقيم المهمة له، ولهذا نشأت فكرة المجلس البريطاني تحت رعاية العائلة المالكة، وللمجلس ميثاق يعمل وفقاً له ويقوم بالترويج لتعليم اللغة الإنجليزية وكافة أشكال التعليم الأخرى من آداب وعلوم، وكما أسلفت فقد باشر المجلس نشاطاته في الثلاثينات و لم تكن له أي توجهات سياسية وكان الغرض من إنشاء المجلس هو إيجاد وكالة تتعامل مع شعوب العالم المختلفة في شتى المجالات الثقافية والتعليمية بمعزل عن السياسة، فالمجلس بالرغم من أنه يمول من قبل الحكومة البريطانية إلا أن الأخيرة لا تملي عليه سياستها، وإن كان المجلس مسئولاً أمام الحكومة البريطانية عن أوجه صرف الأموال التي يتلقاها منها، فالمجلس يعمل بمنأى عن الحكومة وبهذا يحافظ على استقلاليته ويضمن لنفسه الابتعاد عن السياسة فنحن مؤسسة خيرية غير سياسية وكما قلت فإن نشاط المجلس يتركز في مجالات تعليم اللغة الإنجليزية والتعليم بصفةٍ عامة والعلوم والثقافة وهي كما ترون مجالات بعيدة عن السياسة. @ ولكن ماذا عن الخلاف بين المجلس وروسيا؟ - للأسف نشأ نزاع بين المجلس الثقافي البريطاني و روسيا ونأمل في التوصل إلى حل لهذا النزاع في القريب العاجل، نحن نعتقد بأن المجلس يمارس نشاطه في روسيا وفقاً لاتفاقيات موقعه مع الجهات الرسمية الروسية وهي اتفاقيات دولية، ونشاط المجلس لا يتعدى المجالات التي ذكرتها وآمل أن يحل النزاع من خلال المزيد من الحوار والنوايا الطيبة. @ هل لديكم خطة توسعية في المملكة؟ - ليس لدينا خطة في الوقت الراهن للتوسع في المملكة أو فتح مكاتب جديدة ونحن نركز حالياً على استمرارية العمل بأفرع المجلس في كل من الرياضوجدةوالدمام ولكن هذا لا يعني أن نشاطاتنا مقصورة على هذه المراكز التي ذكرتها فنحن لدينا برامج مع جامعات في المدن الأخرى ونحن لدينا برامج دراسات لما فوق الدكتوراه وهناك مختصون يأتون من بريطانيا للإشراف على هذه البرامج، ولدينا عدة أسباب تمنع المجلس من إنشاء مكاتب في المدن السعودية الأخرى من بينها الموارد المتاحة وكما هو معلوم فإن إنشاء مركز مكلفٌ للغاية، فالتوسع في إنشاء المراكز يعني حرمان البرامج من الموارد ونحن نهدف إلى تقليل الأموال التي تصرف على مقرات المراكز لزيادة الصرف على البرامج التي تعني زيادة عدد المبتعثين لزيارة المهرجانات والجامعات للدراسة، وبهذه المناسبة أشكر وزارة التعليم العالي في المملكة لعلاقات التعاون الوثيقة معها وقد قابلنا عددا من المسئولين في الوزارة لمناقشة الجوانب المتعلقة ببرنامج الملك عبدالله للابتعاث وقد سرنا أن علمنا بأن 1400طالب سعودي سيتم ابتعاثهم للمملكة المتحدة هذا العام معظمهم لدراسة الماجستير وبنسبة قليلة لدراسة الدكتوراه ونحن نعمل مع الوزارة والجامعات البريطانية وهذه هي السنة الثالثة لانطلاق البرنامج، وفي نوفبمر القادم ستشارك 51جامعة بريطانية في معرض تعليمي يقام هنا في المملكة. @ بعيداً عن اللغة والتعليم، لديكم أنشطة ذات طابع أدبي فني، هل تستطيع أن تحدثنا عن ذلك؟ - لقد أقمنا قبل حوالي 18شهراً معرضاً فنياً ناجحاً تحت عنوان "أرضية مشتركة" بمركز الملك فهد الثقافي ضم أعمالا فنية مختلفة وضم مصورين من المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة والمنطقة وقبل ستة أشهر أو سبعة أقمنا معرضاً آخر بالمتحف الوطني عن المجوهرات المعاصرة وهو بالطبع معرض صغير ضم أعمالا لمصممين من المملكة المتحدة لإعطاء فكرة عن أعمال المصممين الشباب، ونأمل في إقامة معرض فوتوغرافي آخر في ابريل القادم هنا في الرياض وسيكون هذا المعرض عبارة عن شكل من أشكال الحوار حيث سيضم صوراً التقطت من غرف الدراسة في البلدين وصاحب هذا النشاط استبيان للأطفال عن الألوان التي يفضلونها وماذا يتناولون في إفطارهم يصاحب هذه الصور تعليقات، وهو فرصة للتواصل بين الشباب في المملكة والمملكة المتحدة وأعتقد بأنه سيكون معرضاً مشوقاً وسيلاقي قبولاً عند الشباب، وللأسف إذا طالعت الصحف سواء في المملكة المتحدة أو هنا تجدها تتحدث عن الخلافات ولكن على عكس ذلك، إذا جمعت الشباب فإنهم يتحدثون عن أشياء محببة مشتركة بينهم وليس عن الخلافات بينهم،نحن نشجع المشاريع التي تجمع بين الشباب إما وجها لوجه أو من خلال مشاريع عن بعد مثل تبادل الأعمال الفنية مثل الصور وأشياء من هذا القبيل، نحن لدينا أيضاً مشروع باسم "منزل والدي" وهو مشروع أساسه معماري، وكما تلاحظون هناك حركة عمران سريعة في المملكة والمنطقة ويمكن ان يكون لهذه الحركة تأثير على الأشكال التقليدية للعمارة في المنطقة، ولهذا فإن هذا المشروع سينظر للعمارة التقليدية من خلال هذا التطور العمراني السريع وفي الأشهر الثمانية الماضية أقمنا اتصالات بالمختصين في مجالات الأدب والدراما والمسرح وكذلك مع المصورين في المنطقة، ونأمل أن نطور علاقاتنا مع المختصين بمجالات الأدب والمسرح والفنون البصرية خلال الأشهر القادمة ولتحقيق المزيد من التعاون والتضامن، نحن بحاجة إلى إجراء المزيد من الاتصالات مع الناس هنا لمعرفة أفضل السبل للتعاون، وقد تحدثنا مع مجموعة من المخرجين الشباب الذين ابدوا رغبة في معرفة كيف يعمل المخرجون في المملكة المتحدة وربما نقوم بإرسال مجموعة منهم إلى مهرجان ادنبره للاطلاع على المخرجين أو ربما يكون هناك مشروع مشترك في مجال الآداب على سبيل المثال من خلال معرض الرياض للكتاب. @ ماذا عن جانب دعم المشاريع العلمية في المجلس؟ - في مجال المشاريع العلمية أقمنا معرضاً تحت عنوان "الشرق والغرب والشمال والجنوب" وكان عن التغيرات المناخية الذي يعتبر موضوع الساعة الآن بماله من أهمية وتأثير على الجميع، وكان هذا المعرض عبارة عن حصيلة زيارات قام بها عشرة مصورين لمدن مختلفة في العالم لالتقاط صور توضح التأثيرات التي يحدثها تغيير المناخ، وكان المعرض يهدف إلى رفع درجة الوعي بالتغييرات المناخية ورافق إقامة المعرض مسابقة لأطفال المدارس لتصميم ملصقات عن تغييرات المناخ ولالتقاط صور لهذه الظاهرة المناخية وذلك بهدف إشراك أطفال المدارس في هذه القضية ورفع درجة الوعي لديهم بتأثيراتها، وكما تعلمون فإن هذه القضية تعتبر قضية دولية تهم الجميع وقد اهتمت الأممالمتحدة بإيضاح جوانبها المختلفة، ونأمل في العمل مع الشباب هنا وفي المملكة المتحدة وإقامة حوارات بين الجانبين لمعرفة أبعاد المشكلة، إضافة إلى ذلك هناك المعارض العلمية مثل تلك الموجودة في الدمام المسماة (سايتك) ونحن نشارك فيها لعدة سنوات ونحن حريصون على العمل مع إدارات المعارض العلمية ونأمل في إقامة معارض علمية في كل من الرياضوجدة، ولهذه المعارض فائدة واضحة للجامعات ومساعدتها في القيام بالأبحاث العلمية التي تعود بالفائدة على الجامعات وعلى قطاع الأعمال ونحن لدينا عدد منها في المملكة المتحدة، وقد قمنا بإرسال فريق من المعرض العلمي بالدمام إلى المملكة المتحدة للاطلاع على تجربة الأخيرة في مجال هذه المعارض ولسبر مجالات التعاون بين البلدين. @ هذه المشاريع والبرامج الجيدة هل هي من اجل نشر الثقافة او من اجل ترسيخ وتكريس الثقافة البريطانية؟ - هدفنا الرئيسي هو إقامة علاقات راسخة ودائمة بين الشعبين في المملكة والمملكة المتحدة، وإذا كانت هناك علاقة راسخة ودائمة بين الشعبين فسوف يكون هناك تفاهم أفضل بينهما، وهذا سيعود بالنفع والفائدة على كلا البلدين ومن المهم للمملكة المتحدة أن يعرف السعوديون ما هي المملكة المتحدة وبالمقابل أن يعرف الشعب البريطاني المزيد عن الشعب السعودي وما هو مهم لهم ولبلدهم، ومن المهم جداً خدمة المصالح المشتركة بين بلدينا وهناك العديد من المصالح، ولخدمة هذه المصالح والعلاقات لابد من قيام مشاريع مشتركة مثل تلك التي أشرت إليها آنفاً. @ بحكم مخالطاتك للشباب هل ترى بأن الشاب السعودي لديه قبول لثقافة الآخر؟ - القضية ليست قضية قبول ثقافة بقدر ما هي قضية فهم لثقافة الآخر ومن المهم بالنسبة لنا معرفة الشعب البريطاني للثقافة السعودية والعكس صحيح، نحن نحاول خلق تفاهم أفضل بين الشعبين لا نهدف إلى فرض ثقافتنا على الآخرين، نعم هناك تقبل من الشباب لمشاريعنا الثقافية وقد لاحظنا كثيرا من النوايا الطيبة والحماسة لهذه المشاريع فعلى سبيل المثال وضمن أحد المشاريع في مجال التدريب والتأهيل المهني قمنا باتصال بين كلية في برايتون وكلية التقنية في جدة وذهب 9من طلاب كلية جدة إلى برايتون، ولم يكن هؤلاء الطلاب قد سبق لهم الخروج من مدينة جدة ناهيك عن الخروج من مدينة جدة إلى بلد آخر، وكان هؤلاء الطلاب لا يتحدثون اللغة الانجليزية ولكنهم ذهبوا للمملكة المتحدة وعملوا بجد واجتهاد مع نظرائهم في برايتون و أتيحت لهم الفرصة للتجول في برايتون ثم حضر طلاب من برايتون لقضاء أسبوعين في جدة وقد دهش الأساتذة في برايتون لتمكن الطلاب السعوديين من التواصل مع نظرائهم البريطانيين بعد فترة قصيرة من وصولهم رغم أنهم لم يكونوا يتحدثون الانجليزية قبل وصولهم إلى برايتون. وكانت فرصة جيدة لطلاب برايتون أن يزوروا المملكة وان يروها على خلاف الصورة المطبوعة لهم في أذهانهم، وهذا مثال ربما يكون مثالاً صغيراً لما يمكن ان يحدث من تفاهم بين الشعوب. @ هذا يعنى انك ضد المغالطات التي تصف المجتمع السعودي بالانغلاقية؟ - لا أدري من أين أتى هذا الاعتقاد بانغلاق المجتمع السعودي، ولكن تجربتي في المملكة تقول بعكس ذلك وكما قلت من قبل زار طلاب من 15جامعة بريطانية المملكة وقد عبر هؤلاء الطلاب عن رضاهم عن الطلاب السعوديين ووصفوهم بأنهم طلاب ممتازون و يعملون بجد واجتهاد وهم اجتماعيون ويشاركون في النشاطات والنقاشات.