كثيرا ما يأتي في العيادة مرضى يطلبون طبيباً آخر للكشف عليهم؟، وعندما سألت زملائي في المهنة في تخصصات متعددة، وجدت أنهم يمرون بنفس التجربه عدة مرات كل بضعة أشهر، وللدخول مباشرة في صلب الموضوع هل المشكلة هي: أزمة ثقة بين الطبيب والمريض؟ أم أزمة تواصل بينهما؟ أم هي أزمة وعي ثقافي طبي عن مهمة الطبيب وإمكانياته وحدود معرفته وقدراته؟، وهي عوامل متداخله ولنحاول تحليل كل من هذه العوامل على حدة: أزمة الثقة بين المريض وطبيبه هي أم المشاكل. وهي قد تنشأ إما من عدم كفاءة الطبيب ابتداء (وهو بشر) أو عدم الثقة في المريض بأخذ التوجيهات والنصائح الطبية كما أعطيت له، ولذلك لكل منهما (المريض وطبيبه) دور هام في بناء العلاقة الصحيحة المشتركة بينهما. إن من أبسط واجبات الهيئات الصحية والمستشفيات التأكد من كفاءة الأطباء لديها، في نفس الوقت يجب على الطبيب بأن يبذل كل ما في وسعه لكسب ثقة المريض: أولاً بالاستقبال الحسن، ثانيا بتشخيص حالته، وشرحها له، ووضع خطة علاجية لذلك ومناقشتها معه و إعطائه الخيارات الأخرى ( إذا أراد المريض) بأخذ رأي طبيب آخر بل ومساعدته في ذلك. ومما يساعد في بناء هذه الثقه انه إذا كان هناك أدنى شك في إتباع النصائح الطبية يجب أن يواجه الطبيب المريض بذلك بأسلوب حسن، ويعطي المريض الخيارات الكاملة في كل الحالات: متابعة العلاج، اخذ رأي طبي اخر،عدم المتابعة نهائيا. ومن الوسائل المهمة في تفادي أزمة الثقة هو أن يطلع المريض على كل خطوةعلاجية ومضاعفتها المحتملة حتى ولو كانت نادرة، وكثيراً ما أنصح المرضى الذين يأتون لأخذ رأي طبي آخر، بمتابعة طبيبه أولا، ثم إذا لم يتضح له شيء أو تأخرت نتيجة العلاج يطلب من طبيبه الإيضاح المناسب، و إذا أراد (أي منهما) رأياً طبياً آخر فيجب أن يصارح كلا منهما الآخر، لأن المشكلة الكبرى تكمن في أن المريض يذهب ضحية للآراء المختلفة وخطط العلاج المتباينة (بسبب عدم التواصل بين الأطباء المعالجين) وإعادة الفحوصات والتحاليل فيقتله الهم والقلق قبل أن يتأثر من مرضه الأساسي.ولذلك يصبح التواصل بين الأطباء المعالجين ضرورة قصوى إذا انتقل المريض إلى مدينة اخرى أو بلد آخر. هناك كثير من الأمراض والكثير من طرق العلاج وكذلك أنواع قسطرة القلب التداخلية التي تحتاج إلى متابعة مستمرة ويجب أن يعرف المريض ذلك بالتفصيل ومن حق المريض على طبيبه أن يسأله عن ما يمكنه قراءته عن حالته في الإنترنت أو كتيبات علمية موجودة في المكتبات خصوصاً إذا كان المرض مزمناً، ومن حق الطبيب على مريضه أن يخبره بما يدور في خلده، حتى يساعده في اتخاذ القرار المناسب، أما العاملان الآخران: التواصل والوعي الطبي فسنتكلم عنهما في وقت اخر، وصدق الرسول الكريم في قوله (ماكان الرفق في شئ إلا زانه)، ودمتم. *استشاري أمراض القلب