إذا كتب للسينما السعودية أن تنهض في يوم من الأيام فالفضل في ذلك سيكون للمنطقة الشرقية بمثقفيها وسينمائييها الشباب الذين يعملون بهدوء ووعي خدمةً لفكرة السينما ورغبة في انتشارها. ولعلّ نبأ تأسيس مسابقة أفلام السعودية وانطلاقها الوشيك خير دليل على هذا الفضل وهذا الاستثناء. فكرة المسابقة لم تولد فجأة بل كانت ثمرة لبذرة زرعها نادي المنطقة الشرقية الأدبي وفرع جمعية الثقافة في الدمام منذ فترة طويلة من خلال الندوات السينمائية التي أقيمت فيهما لمناقشة الأفلام العالمية والمحلية التي تم عرضها في صالات مخصصة أمام جمهور مثقف يؤمن بقيمة السينما ويناقشها بعمق. وكان من ضمن ما عرض في تلك الندوات أفلاماً إيرانية وصينية إضافة إلى برامج خاصة عن عبقري السينما اليابانية أكيرا كوراساوا. ونشاطات مكثفة كهذه لابد أن تؤتي أكلها في النهاية فكانت النتيجة مهرجاناً للأفلام والأهم من ذلك تأسيس جيل سينمائي مثقف وواعي سيحمل شعلة السينما السعودية فيما لو قدر لها أن تشتعل في يوم من الأيام. إن ما يميز المؤسسات الثقافية في المنطقة الشرقية أنها تعمل بصمت وبفعالية تحت إدارة مثقفين حقيقيين يؤمنون بأهمية الفعل الثقافي على عكس مؤسسات بعض المناطق الأخرى التي انشغلت بالعمل الإداري -وبالصادر والوارد- عن القيام بمهمتها الرئيسية في دعم المبدع وربطه بالجمهور. ولعلّ من علامات وعي القائمين على هذه المسابقة وإيمانهم بأهمية السينما أنهم كانوا أكثر صراحة في التعبير عن غايتهم عندما أعلنوا أن المسابقة ستكون ل(الأفلام) متجاوزين بذلك الأسماء المراوِغة التي طبعت مناسبات أخرى شبيهة. فلهؤلاء وللمنطقة الشرقية ولمبدعيها من مثقفين وسينمائيين كل التحية على سعيهم المشكور وعلى جهدهم المتواصل في سبيل خلق ثقافة سينمائية رصينة ستكون في المستقبل رافداً ومرشداً لصناعة السينما السعودية.