عندما يحزم أحدنا أمتعته وحقائبه بعد أن تأكد من ختم جواز سفره ووضع بطاقة تذكرة صعود الطائرة بداخل محفظته أو جيب صدره، وهو يهم بمغادرة المطار الدولي من وإلى الجهة المقصودة، يقف في قاعة الانتظار مراقباً الشاشات والبيانات التي تمر خلالها مفتشاً عن الرحلة المنشودة التي تقله من فيافي الأرض الى عنان السماء، وتعودنا التوجه إلى البوابة المؤدية إلى مدخل الطائرة، بعد سماع "النداء الأخير" من موظف أو موظفة المطار حين ينادي في قاعة انتظار المغادرين بالقول "هذا هو النداء الأخير - تعلن الخطوط الجوية (.....) عن رحلتها رقم (.....) المتجهة إلى الدولة (....)" وهنا مربط الفرس، عفواً، مربط الطائرة في موضوعنا اليوم! فمن اللافت والواضح أن الموظف أو الموظفة المختصة يسيئون استخدام اللغة العربية الفصيحة في مطاراتنا الخليجية سواء في الرحلات المحلية الداخلية أو الدولية، وبعد تزايد الطلب على النقل الجوي من خلال تنافس الشركات الجوية الخليجية سواء العامة أو الخاصة، وأصبحت بعض المطارات في دول المنطقة، كمطار دبي مثلاً، تحلق فوقه الطائرات كأسراب الطيور إقلاعاً وهبوطاً، وأنت في أحد هذه المطارات يتشابك صوت هدير الطائرات مع صوت موظفي النداء في القدوم والمغادرة الذين لا يجيدون استخدام اللغة العربية بالشكل الصحيح، حيث يتم رفع المنصوب وجر المرفوع ... إلخ! مما يجعل لغة موظفي النداء لغة ركيكة وغير مفهومة وتبعث على الاشمئزاز، وتنم عن انعدام الذائقة اللغوية والسمعية لدى موظفي المطارات في بلداننا الخليجية، حتى الأطفال يندهشون أحياناً لكلمات النداء التي تنطق بالتصريف النحوي الخاطئ. فأبناؤنا يتعلمون قواعد اللغة من المدرسة وبالتالي فهم يجيدون التحدث بها على اعتبار أنها اللغة الرسمية المسموح المخاطبة بها في الواجهة الرسمية، وترتقي لديهم حاسة السمع لتصبح عندهم مثل "ترموستات" للغة، ويعرفون من خلال مناهجهم الدراسية اللغة العربية "الأم" وهي لغة القرآن الكريم، ويتعلمون من خلالها مخارج الحروف، والنطق السليم ومواطن الخلل في الكلام المسموع حتى دون أن يتأكدوا من السبب. والسؤال المطروح هنا، لماذا لا يتم وضع دورات تدريبية لموظفي النداء في مطاراتنا الخليجية تؤهلهم لتعلم اللغة العربية ونطقها بشكل صحيح وسليم، مثل ما يفرض على الموظف إجادة الحاسب الآلي واللغة الإنكليزية بشكل جيد ومتقن وسليم، فالمطارات الدولية تعتبرالواجهة الحضارية والتعريفية الأولى لأي بلد، سواء بالنسبة للقادم أوالمغادر أوالزائر، وتعكس انطباعاً إيجابياً لقاطني وزائري البلاد، لا سيما وأنها بلاد يفترض أن تنطق بلغة أهلها ودينها وقرآنها اللغة العربية التي هي حجة لنا ،لا أن تكون هذه اللغة حجة علينا، ونتهم بعدم معرفتنا للغتنا التي تمثل هويتنا وانتماءنا، وهنالك كلام مأثور يقول "من لم يعرف لغته لم يعرف غاية وجوده".. فنتمنى ان لا تقلع لغتنا الأم مع "النداء الأخير" في مهب الريح!! @ المدير الإقليمي لمكتب دبي