لا ينكر أحد جمال أغاني فنان العرب محمد عبده واحساسه المليء بالشجن ولا تاريخه الحافل بالإنجازات والروائع الغنائية التي لا تزال وستبقى محفورة في ذاكرة السعوديين. محمد عبده رمز الفن الجميل يبقى هو الوحيد الصامد أمام موجة الفن الهابط والاداء النشاز من أدعياء الفن. ومع ذلك فإنه لم يكن موفقاً في جديده "الهوى غايب" الذي طرح مؤخرا والذي جاء محتواه شبابيا حتى النخاع، هذا الأمر افقدنا مفاجآت محمد عبده الجميلة التي ينتظرها الجميع. الألبوم يحوي ثماني أغان جديدة لم ينجح منها سوى ثلاث أغان فقط. هي الهوى غايب، تعجبيني وهذا المساء، الأمر الذي يدعونا للسؤال أين ذهب ذلك المجد وذلك التاريخ والخبرة الطويلة التي امتدت لأكثر من 35عاماً؟. أغنية "الهوى غايب" والتي تصدرت عنوان الألبوم جاءت جميلة وبلحن أعطى الكلمة الرقيقة حقها في التعبير، كلماتها للشاعر الأمير خالد الفيصل الذي كتب ايضاً ( قسوة ) التي قدمها محمد عبده في صيف جدة، والتي مازالت تجني النجاح وهي دليل على شاعرية خالد الفيصل وعلى تميز تلك الألحان التي صاغها محمد عبده لقصائد هذا الشاعر الرقيق إحساساً وجمالاً. مهندس الكلمة بدر بن عبدالمحسن وبعد غياب طويل عن صوت محمد عبده وبالرغم من أعماله الجميلة مع فنان العرب التي من أبرزها ردي سلامي، عاد للالتقاء مجدداً بصوت محمد عبده في أغنية (هذا المساء)، وحقيقة فنحن لم نتعود على قصائد بدر بن عبدالمحسن أن تلحن بالشكل الذي قدمه محمد عبده في ألبومه الجديد، فمدرسة مهندس الكلمة ورومانسيته الفذة جعلت من أغانيه حالة خاصة لا تقبل أن تظهر بلحن عادي كالذي رأيناه في هذا الألبوم. هذا المساء للحب للشوق للمواعيد هذا المساء لك انت مهما تكون بعيد وقد وضح كسر اللحن الذي صاغه محمد في كلمة (للمواعيد) وفي هذا قتل لجماليات قصيدة البدر، ولعل مزاج محمد عبده قد اختلف فسقط اللحن ونجحت الكلمة. محمد عبده وهو الذي اشتهر بحبه للمنافسة وقع في فخ الأغنية الشبابية فقدم أغانيه الجديدة بروح سريعة وسطحية لا تليق بمكانته الأصيلة ولا حتى بعمره وخبرته وتجربته الثرية. محمد عبده اختار أجمل القصائد مع خالد الفيصل وبدر بن عبدالمحسن وأسير الشوق (الأمير نواف بن فيصل بن فهد) وغازي القصيبي لكنه سقط وفشل في تقديم اللحن المناسب لهذه القصائد، فهذه الأعمال لم تكن بمستوى الكلمة المختارة والتي زرعت في داخلنا الحب والإعجاب يوماً بعد يوم، وما زاد من حدة السقوط تعاون محمد عبده مع فايز السعيد لتلحين أغنية (تعال) والتي ظهرت بلحن مكرر سمعناه ومللنا من تكراره في الأغنية الإماراتية. وخلاصة ما يمكن قوله عن هذا الألبوم أنه لم يكن بمستوى توقعات الجمهور الذي كان يأمل من فنان العرب أغانٍ من نوع خاص ومميز، إلا أن ما سمعه الجمهور في الألبوم الجديد مجرد أغان شبابية قريبة من أجواء الأغاني التي محمد عبده نفسه ينتقدها قبل سنوات قليلة!.