اختتم ملتقى الوعد الثقافي فعالياته الإبداعية بمسرحية "حكايات مشفرة" للمخرج محمد الحلال الذي استأثرَ بمهماتٍ عدةٍ في العرض كالتأليف والإخراج والبطولة والديكور وهو قلقٌ مُضاعفٌ يختزل ذاكرته المشوبه بعذابات الإنسان والمخمورة في أعمقِ سجالات الروح ، وهو ما أشار له المسرحي زكي الدبيس بقوله "كل إنسانٍ بداخله حكاياتٌ مشفرة لا يبوح بها و إنما تُفصح حالاته بها والتعبير عنه لا يكون إلا عبر إيماءاته" وتضيف المسرحية منى محمد "المسرح شاق ولكنه ممتع حينما نرى ذواتنا من خلاله" وأما شعاع توفيق فإنها متوترة حدَّ الرعشة من التعبير عن جدوى العمل المسرحي التجريبي والنخبوي فتقول "لا أحب الإجابة على أسئلة تخص المسرحية إنها لحظة يفهمها المتلقي كيفما شاء" بالمجمل كانَ العرض المسرحي مكثفا بدلالاته وبتلغيزه الفني إلى حدّ ما ، الإضاءة كانتء منسجمة وذات إشارات عميقة مشغولة بالسينوغرافيا كصوتٍ و صورةٍ وحركةٍ و مساحةٍ وأداء ، لكن كثافة اللغة اقتربتء بها من الشعرية وهذه مساءلة حقيقية للعروض المسرحية التجريبة في اقترافها الشعرية ؛ فهل هذا تعويض عن المسرح الشعري الغائب ؟!! أجاب محمد الحلال "أنه اعتمد على الشعرية من خلال خواطرَ مكتوبةٍ استفاد منها لتطعيم المسرحية بجو رومانسي مفعم بالخيالات والوجدان وللارتواء من بئر الحب أكثرَ فأكثر بلغةٍ متعالية تؤدي إلى المعنى ببساطة أو بسمو لا فرق" وهذا ما جعل المسرحيين قريبين من النص بل متشدقين به حدّ الغرق ، فلم نجد أحدهم يخرج عن النص ولا عن الحركة أو الأداء مما جعلهم تراجيديين و مهمومين بالنص لإنهائه ولا يمتلك مهارة الخروج النص إلا فنان محترف إما أن يكون أقوى من النص أو معجون بكيمياء النص حتى لا ينفلت الزمام منه ، هناك استجوابات كثيرة لهذا العمل رغم طرحه أسئلة كبيرة ، ومع آراء متباينة حول العمل فالفنان البحريني خالد الرويعي يقول "العمل جميل ومتميز لكنه يحتاج إلى خبرة في بناء علاقة وطيدة مع الملتقي تبدأ بعد العرض ولا تنتهي عند العرض" وهذا يحيلنا إلى أن العمل المسرحي الفصيح يحتاج إلى دراسات وورش عمل من خبراء قبل عرضه على الجمهور لتفكيك مفرداته الفنية واللغوية حتى تتجانس مع ذهنية الجمهور بمختلف أطيافه وهذا ما أكده الفنان البحريني عبد الله السعداوي بقوله "أمام المسرحي السعودي شوطٌ كبير لاختبار أدواته وتجريبها حتى يكون متماسا مع ذاته أولا وصادقا في التعاطي مع الكائنات الرمزية ذات الدلالة في كل عملٍ وراءه أبعاد مفترضة لا تكتمل إلا بالتأويل والتأويل المتباين بالضرورة" هكذا استطاعت "حكايات مشفرة" أن تؤسس حراكا جدليا لدى المتلقي وأن تفرض حمولاتها الاستعارية على الذائقة لتشكيل جمهور نوعي وتراكمي يتماهى مع المسرح ويسجل أرقى ملاحظاته ومعارضاته وتأييده أيضا إزاء العرض . في النهاية استلم الفنانون شهادات شكر و تقدير من "ملتقى الوعد الثقافي" سلمها الشاعر محمد الفوز نيابة عن أسرة الوعد الثقافي ، وقد أشاد الجميع بمستوى التنظيم ومكابدات البرامج طول أسبوع كامل ، إلا أن أسرة ملتقى الوعد الثقافي كانوا فرحين بنجاحات الملتقى.