" هل ينظر إلى النظام القضائي داخلياً ودولياً كملاذ أول عندما تفشل المقايضات المباشرة.. أو كورقة رابحة في عملية المفاوضة..؟! " كتاب القانون في خدمة من؟ المكان: ميناء خليجي مشهور. الزمان: بدايات التسعينات الميلادية. مبنى صغير.. مزيج من الفخامة والبساطة.. لا شيء.. ربما.. يميّز المبنى عن غيره سوى ساكنيه.. ذوي الشعور الغريبة المستعارة.. والمطرقة الخشبية من طراز القرن الثامن عشر.. لا تتعجب فعلى رصيف المبنى.. محكمة تابعة لتاج المملكة المتحدة (بريطانيا)..! مع البدايات الأسطورية في مشروعات الإنشاء الكبيرة لتلك العاصمة الخليجية.. والتي استنفدت 20% من رافعات البناء في العالم.. ومع الرغبة الجادة والعارمة في عمالة ذات كفاءة عالية.. شعرت سلطات ذلك البلد.. بأن الإحجام عن السماح بالتحكيم الدولي.. بالنسبة لعقود الدولة.. قد يخيف هذه الشركات المتعاقدة.. التي ترغب الحكومة جادة في جذبها.. طالما تم الاعتراف بكل جرأة.. بأن الأنظمة المحلية متخلفة لا تصلح لمنازعات التجارة والاستثمار المعقّدة..! يتميز التحكيم عادة.. بسرعته النسبية.. إذ لا يتعدى الحكم فيه التسعين يوماً.. ولا يحق الطعن عليه في حال مضي المدة.. كما في المادة التاسعة من نظام التحكيم السعودي.. ولذا يحرص المتقاضي على الحصول على حكم قطعي في خلال هذه المدة الوجيزة.. مفضّلاً إياه على الإجراءات الطويلة المتبعة في المحاكم التجارية ممثّلة في ديوان المظالم.. طالما أن المحكمة الإدارية ستضفي عليه الصيغة التنفيذية اللازمة لتفعيل الحكم. وربما لا يخفى بأن التحكيم يتم اختياره.. كمشارطة تضمّن في أصل العقد.. أو كحل يطرح في أثناء المنازعة.. مع أن اللجوء للتحكيم غير عملي.. رغم إمكانيته.. وذلك لوجود طرف آخر دائماً في القضية له مصلحة في لجوء الطرف المقابل إلى الإجراءات الشاقة للمحاكم التجارية. دائماً ما يسعى الطرف الأقوى في مفاوضاته التجارية.. إلى منحه الحق الكامل في اختيار المجالس القضائية.. القانون الإجرائي.. بل وحتى القانون الموضوعي الذي يحكم من خلاله بالقضية المطروحة أمام هيئة التحكيم..! محلياً فإن هذه الهيئة التحكيمية غالباً ما يتم انتقاؤها بإحدى ثلاث طرق: الغرفة التجارية. @ قوائم المحكّمين في وزارة العدل: مع الأسف بأن آلية اعتماد المحكّمين في وزارة العدل في تخصصاتهم المختلفة آلية ضعيفة هزيلة لا تشترط خضوع المتقدم لأي دورات تدريبية أو اختبارات تجرى أو حتى ورش عمل حية.. تنبىء عن علمية المتقدم وذكائه ونباهته في التعاطي مع معطيات ومستجدات القضية المتلاحقة. @ مراكز التحكيم الإقليمية في مصر والبحرين وعمان أو الدولية في باريس ولندن وغيرها: ويمثّل هذا الأخير أفضلها حالياً وأكثرها خبرة وشفافية في التعامل مع الأنواع المتشعبة من القضايا التجارية.. رغم مصاريفها العالية والتي تصل إلى نسب 2في المائة من إجمالي المبلغ المتنازع عليه. الغريب أنه في الوقت الذي تُنشىء فيه دول الجوار مراكز تحكيم دولية.. تزوّد بأفضل العقول القانونية الأجنبية وتؤهل مواطنيها ليكونوا الصف الثاني من هذه الخبرات في المستقبل القريب.. فإن الشرط الوحيد لاعتماد المحكّمين لدينا هو الإجابة على (9) أسئلة والإجابة عنها بالفاكس.. لشخص ربما لم يزاول المرافعة في حياته..! إن السؤال الذي يجب طرحه في هذا المقال.. هل ستهرب الشركات الدولية من صراعات المحاكم الطويلة والمحبطة.. إلى المائدة الهزيلة للمحكّمين السعوديين غير المؤهلين.. أم ستفرض في مشارطة التحكيم قانوناً أجنبياً في هيئته وموضوعه وإجراءاته..؟! @ الباحث في أنظمة العقار [email protected]