نشرنا في عدد الثلاثاء الماضي (أول أمس) آخر ما توصلت إليه التحقيقات في قضية الفتاة السعودية "فاطمة إبراهيم علي" من نجران، والتي أدى الإهمال والخطأ الطبي تجاهها بإصابتها بتشوه في الوجه، إثر عملية تجميل.. (تشويه).. أجرتها في مستشفى خاص بمدينة دبي وقام بها طبيب يحمل جنسية عربية ، مقابل مبلغ 86الف درهم إماراتي فقط! ليس المبلغ الهائل الذي تقاضاه هذا الطبيب لقاء العملية "التجميلية" أو (التشويهية) هو المفاجئ هنا، بل إن ما يدعو للدهشة هو أن هذا الطبيب نفسه متهم بالتسبب بالعديد من الأخطاء الطبية الناتجة عن الإهمال، وربما أخطرها هو اتهامه بإهمالٍ أودى بحياة مواطنة إماراتية تحت العملية الجراحية، كما يوجد عليه 7شكاوى أخرى وربما غيرها من الأخطاء الناتجة عن الإهمال والتسيب والتي مرت "مرور الكرام" بدون أن يلاحظها أحد! ورغم أن دائرة الخدمات الصحية في دبي أنصفت المتضررة بإصدار تقرير طبي، بعد التحقيق وتشكيل اللجنة المتخصصة يثبت الخطأ ويدين الطبيب المذكور، والذي اضطر ذوي المريضة إلى نقلها إلى ألمانيا لمحاولة علاجها وإغماض عينها التي لم تعد قادرة على إغماضها بعد لمسات الطبيب الماهرة !! وقد لوحظ في مستشفيات الدول الخليجية كثرة الأخطاء الطبية البشرية القاتلة. ونحن في دول الخليج يغبطنا البعض على تطور المستشفيات العامة والخاصة التي أضحت تصنف من فئة "خمسة نجوم" بما فيها من أجهزة متطورة وذات تقنية عالية تقدر قيمتها بالملايين ومبانيها الضخمة والغرف الفارهة، ولكن المعضلة التي نواجهها في هذا القطاع الحكومي والخاص هي النقص الشديد في الكفاءات الطبية المتخصصة من أبناء المنطقة وكذلك المتعاقدين من الخارج من الأطباء الأكفاء المتمرسين الذين يستطيعون التعامل مع هذه الأجهزة الحديثة المتطورة، والمشارط الحادة التي يمكن لها ان تودي بحياة الإنسان نتيجة خطأ بسيط جدا. إن الشهادة الطبية وحدها لا تكفي، وإنما الأهم هو الممارسة والخبرة والإحساس والشعور المهني والإنساني العالي في التخصص الطبي الدقيق لمثل هذه الحالات الحساسة التي تلامس الإنسان نفسه ،لا سيما و أنه يتعامل مع ترميم ابن آدم بكل تفاصيلها، لأن الخطأ البشري في المجال الطبي (كارثة) وخطأ لا يغتفر وهو عبث بأرواح البشر. وهنا نتساءل لماذا ينجح الطبيب الجراح إذا كان يمتلك يداً ماهرة وخفيفة خصوصاً إذا كان فناناً تشكيلياً ،فهو يبدع بالجراحة وطب الأسنان مثلاً. ولا نريد أن نعمم الخطأ على كل أطباء المنطقة بأنهم خطاؤون وغير أكفاء فهنالك أطباء برعوا في هذا المجال ولنا المثل الحسن في معالي الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة الذي برع في جراحات فصل التوائم السيامية وهي عمليات معقدة للغاية، ولكن الأخطاء الطبية البشرية ازدادت بشكل ملاحظ في منطقتنا في الآونة الأخيرة مع تزايد عدد المستشفيات الكثيرة وتطور الأجهزة الطبية الدقيقة وكذلك (رفع الأجور)!! @ المدير الإقليمي لمكتب دبي