سجن كبير تحيط به جدران خرسانية. وسماء واسعة تحلق فيها الطائرات لتقصف الأخضر واليابس. ولتقتل الأطفال والنساء والشيوخ. ونقاط موت تمنع الحياة من الاستمرار. وصمت مزعج لا يتكلم. وشعب مقاوم ومنتصر، شعب حر لا يعترف بقيود. وشعب آخر مهزوم مسلوب الكرامة يسكن خارج الجدران. يبكي ذليلا على حريته المسلوبة. شعب يعيش وسط الظلام. نحن المحاصرون داخل أوطاننا ونحن من بحاجة الدواء وانتم يا أهل فلسطين من يعيشون في النور. وانتم الأصحاء بيننا ونحن الطاعون الذي يهددكم بصمته الجبان. نحن المحاصرون بلا جدران، وانتم الأحرار وسط الحصار. انتم الذين اخترقتم الحصار بأنفاق تصنعونها في رحم الثرى. واخترقتم الحصار بدعاء ترفعونه إلى السماء. حصار زائف زيف الدنيا، انتم الباقون وأمواتكم أحياء ونحن الفانون وأحياؤنا أموات. صرخات استغاثتكم تخيفنا وتعري حقيقتنا. كم صرخت بنا قدسكم تنادينا ولم توقظنا، وكم نزفت أرضكم دما ولم نسعفها. ولكننا قادمون بعد جيل قادمون فمازلنا نربي جيلا يخلف صلاح الدين. وننقل التاريخ لأبنائنا ونلقنه فلسطين..... خارطة عانقت جدران بيت أبي في المنفى. هذه فلسطين هذه كل فلسطين، أرضنا وأرض أبائنا، ونحن لها عائدون. ويحين وقت السلام وتقسم فلسطين ومازلنا لها عائدون. ولكن بحمامة بيضاء تحمل غصن زيتون أصفر. ولم تصل الحمامة. ومات أبي ولم يعد. ومازلنا نحلم عائدين. وخارطة فلسطين تعانق جدران بيتي، ألقنها أبنائي هذه فلسطين كل فلسطين أرضنا وارض آبائنا،ونحن لها عائدون. عائدون بشهدائنا وعزمنا وكرامتنا. عائدون بالسلم والحرب، عائدون لأن هنالك شعبا يحمل السلاح. شعبا يروي أرضنا بالدماء. شعبا يرابط بأطفاله ونسائه. ونعلم أن هنالك زلزالاً يبتلع المغتصب والمتواطئين معه. شعبا لا يريد منا سوى أن نحفر الأنفاق معه وان نخترق الحصار بأنفاق من فوقه ومن تحته. وان ندعمه بكل ما نملك. لا يريد أن ينغص علينا حياتنا. ويقول لنا فقط أرسلوا لنا ما يفيض من دعائكم ومن أموالكم. فقط أرسلوا الأموال لأهلكم في فلسطين. دعوا التحرير لنا. اقصاكم سنعيده مهما طال الزمان. سنهز الارض تحت اقدام الباغي ومن معه.