سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صندوق النقد الدولي يحذر من أن أزمة الرهون العقارية الأميركية ستطاول بقية أجزاء العالم نمو الاقتصاد الصيني وتزايد غنى دول الخليج بسبب طفرة أسعار النفط سيخففان حدة الأزمة
حذرت دراسة جديدة لصندوق النقد الدولي من أن الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعاني منها الاقتصاد الأميركي حاليا يمكن أن تترك آثارها على بقية دول العالم، وهو ما يعني عملياً امكانية حدوث انخفاض ملحوظ في النمو الاقتصادي في العالم كله. بل حذر البنك من امكانية أن تؤدي ازمة الاقتصاد الأميركي الى اغراق الاقتصاد العالمي كله في حال من الكساد المستشري على الأقل للسنة الحالية. ولكن الخبراء يقولون إن ما يمكن أن يساعد وضع الاقتصاد العالمي قليلا هذه المرة هو تراجع الاقتصاد الأميركي عن لعب الدور المركزي الأكثر أهمية في الاقتصاد العالمي ونمو بعض أجزاء الاقتصاد العالمي بصورة غير متوقعة، خصوصاً تواصل النمو الذي يزيد على 10بالمئة سنوياً في اقتصاد الصين والغنى الزائد الذي تحققه الدول الخليجية العربية بسبب الطفرة الحادثة في أسعار النفط والغاز الطبيعي. ففي دراسة أصدرها صندوق النقد الدولي في واشنطن مطلع الأسبوع، خفض الصندوق من توقعاته للنمو العالمي في العام 2008الى 4.1بالمئة، انخفاضا من نسبة النمو في الاقتصاد العالمي التي بلغت 4.9بالمئة في العام 2007، وبما يمثل انخفاضا بنسبة 0.3بالمئة عن توقعات الصندوق للعام الحالي التي نشرها في اكتوبر الماضي، وعزا الصندوق صراحة هذا الانخفاض في توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي الى التوقعات الجدية بأن نسبة النمو في الاقتصاد الأميركي ستنخفض الى حد ملحوظ في العام الجاري بسبب أزمة الرهون العقارية التي تعاني منها البلاد والتي أدت الى خسارة بلغت عشرات بلايين الدولارات حتى الآن والى انخفاضات غير مسبوقة في قيمة العقارات منذ عقود في الولاياتالمتحدة. جدير بالذكر ان الحكومة الأميركية التي بدأت تستشعر الأخطار المحدقة باقتصادها وبأن الركود الاقتصادي الحقيقي بات على الأبواب، عمدت في الأيام القليلة الماضية الى اتخاذ عدة اجراءات سريعة في محاولة لإسعاف الاقتصاد الأميركي قبل أن يتخذ قفزة أكبر نحو الهاوية، ففضلاً عن تخفيض مركز الاحتياط المركزي (البنك المركزي) معدل الفائدة لديه بنسبة ثلاثة أرباع النقطة خلال أسبوع واحد، كما أن ادارة بوش اتفقت بسرعة مع الكونغرس الأميركي على صفقة تحفيز اقتصادية بلغت قيمتها 140بليون دولار ستعود على المواطنين الأميركيين بمساعدات نقدية سريعة خلال شهرين أو ثلاثة قد تصل قيمتها الى ما يصل الى 2.000دولار أميركي لكل أسرة أميركية من زوجين وطفلين. ويحذر الخبراء من أن انخفاضا أكثر حدة في نمو الاقتصاد الأميركي، وهو أمر يُخشى من أنه بات واقعا في ضوء الآثار السلبية التي يتركها الأداء الرديء للاقتصاد الأميركي على أسواق المال في العديد من دول العالم من باريس الى طوكيو، يمكن أن يؤدي الى انخفاض أكثر حدة في نسبة نمو الاقتصاد العالمي الى نسب ما بين 2.5و 3بالمئة، وهو ما يمثل عملياً كساداً اقتصادياً عالمياً. ويتوقع المحللون أن تؤدي الخسائر الهائلة الناتجة عن أزمة الرهون العقارية الأميركية، التي لم تنته بعد، الى ترك آثار اقتصادية أكثر حدة على بقية دول العالم قبل أن تتمكن الولاياتالمتحدة من الخروج من هذه الأزمة في نهاية المطاف بنهاية العام الحالي أو مطلع العام القادم. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تؤدي الأزمة الاقتصادية الأميركية الى انخفاض نسبة النمو الاقتصادي في الولاياتالمتحدة في العام 2008الى 1.5بالمئة فقط، وهي نسبة أخفض من توقعات البنك السابقة التي تحدثت عن نمو نسبته 1.9بالمئة. غير أن الحقيقة المشجعة الوحيدة التي قد تقلل من التأثير الهائل لأزمة الاقتصاد الأميركي على الاقتصاد العالمي هي أن الاقتصاد الأميركي لم يعد يحتفظ بالمكانة المركزية البارزة التي كان يتمتع بها قبل 10سنوات فقط، ويقول هؤلاء إن أزمة الاقتصاد الأميركي الحالية كانت ستكون مدمرة للاقتصاد العالمي لو أنها حدثت قبل عقد من الزمن. ويشير المحللون الى أنه الآن وفي ضوء النمو الاستثنائي الذي تشهده الصين والزيادة الاستثنائية في مداخيل دول الخليج العربية بسبب ارتفاع أسعار النفط والغاز مؤخراً، والوضع الصحي الذي تمر به اقتصادات الدول الأوروبية عموما، فإن دور أميركا الاقتصادي في العالم أصبح أقل مركزية، وبالتالي فإن التأثير السلبي للأزمات الاقتصادية الأميركية عموما بدأت تصبح أقل سوءا من ذي قبل على الاقتصاد العالمي. ويقول هؤلاء إنه رغم أن الاقتصاد الأميركي لا زال من دون شك هو الاقتصاد الأول - والأضخم في العالم اليوم - فإن الاقتصادات التي تأتي بعده من حيث الضخامة بدأت تصبح أكثر أهمية في اقتصاد العالم مما كانت عليه قبل سنوات قليلة فقط. ويشير هؤلاء الى حقيقة أنه قبل خمس سنوات فقط كانت 33% من الصادرات الصينية تذهب الى الولاياتالمتحدة، ولكن هذا الرقم انخفض الى مجرد 20بالمئة فقط اليوم بسبب الأسواق التي نمتها الصين في كل من آسيا وأوروبا وغيرهما في الآونة الأخيرة. ونقل عن فريد بيرغستين مدير معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، القول إن الاقتصاد العالمي "قد تغير الآن، إذ أصبحت الأسواق الناشئة (أسواق الصين وروسيا والدول الأوروبية الشرقية أساسا) تمثل 50بالمئة من الاقتصاد العالمي، مع أن هذه الاقتصادات لم تكن تمثل أكثر من 30بالمئة من الاقتصاد العالمي قبل عشر سنوات فقط". ورغم ذلك فإن المحللين لازالوا يعتقدون أن أزمة الاقتصاد الأميركي ستترك تأثيرها السلبي على بقية أجزاء الاقتصاد العالمي، حتى بالرغم من انحسار الدور المركزي للاقتصاد الأميركي فيه. وقال كبير الخبراء الاقتصاديين في صندوق الدولي، سايمون جونسون في تعليقه على تقرير الصندوق بشأن توقعات نمو الاقتصاد العالمي، إن "لا أحد سيكون مستثنى بصورة كاملة من بعض الانخفاض".