عندما توجّه بعض الكُتَّاب للنشر الخارجي منذ سنوات كان لعدة أسباب منها صعوبة النشر الداخلي مع عدم وجود دار نشر جيدة تهتم بصناعة الكتاب، إضافة إلى الرقابة الشديدة على النشر الداخلي وبعض التسامح لما ينشر في الخارج، بالطبع هذه مهمة ولكن ربما من أهم الأسباب التي دفعت كثيراً منهم إلى النشر خارج المملكة رغبتهم الملحة للوصول إلى القارئ العربي، هذا التوجه للخارج للبحث عن مساحة للإبداع السعودي ليكون ضمن الإبداع العربي، وحتى تكون أسماء المبدعين السعوديين بجانب أسماء المبدعين العرب، وحقيقة في السنوات الأخيرة كانت هنالك حركة نشر مذهلة وبالذات في مجال الرواية وبعد ذلك القصة القصيرة والشعر، أغلب دور النشر العربية بدأت تتسابق على نشر الكتاب السعودي وبالذات تلك الكتب التي يشعر أولئك الناشرون أن بها بعض التجاوز بغض النظر عن قيمتها الفنية، لأن أي ناشر يهمه رواج وتسويق الكتاب الذي يصدره، وهم يعرفون أن السعوديين يقفون في مقدمة مقتني الكتب في الوطن العربي، لذا كانت أعينهم تتجه دائماً لمعرض الكتاب في الرياض وربما جدة، فما يبيعونه من إصداراتهم يفوق غالباً ما يُباع في أغلب معارض الكتب العربية، ما أزعجني حقيقة هو أن كثيراً من الإصدارات للكُتَّاب السعوديين غير موجودة في معارض الكتب العربية، فما ينشر للسعوديين يوزع فقط على السعوديين، وقد لاحظ ذلك أكثر من زائر لمعرض القاهرة للكتاب الأخير، طبعاً هنالك استثناءات بالذات بعض الروايات التي امتد الجدل حولها إلى بعض الدول العربية، وبالطبع تلك الإصدارات تأتي بحكم الشاذ وليس المتميز، للأسف ليس هنالك ثقة أو احترام للكاتب أو الكتاب السعودي، بل ان أغلب دور النشر العربية تأخذ من الكاتب السعودي مبالغ كبيرة لقاء طباعة كتابه، هذه المبالغ تفوق تكلفة الطباعة، بالمقابل ينال أغلب الكتاب العرب مكافآت جيدة لقاء ما تنشره تلك الدور، إنه أمر مزعج تماماً عندما نرى أنه ليس هنالك احترام للكتاب أو الكاتب السعودي، وهذا العدد الكبير من الإصدارات بمستوياته المتفاوتة جعل الجيد يتلاشى بين الكم الكبير من الرديء، لابد من مراجعة لحركة نشر الكتاب السعودي، ولا بد من وجود هيئة للكتاب، أو مجلس أعلى للثقافة، حتى يتم من خلاله غربلة ما هو جيد وما هو رديء، ربما تعود للكاتب والكتاب السعودي هيبتهما وتقديرهما، نحن نتفق بأن البقاء للأصلح، ولكن مع غياب النقد وغياب دور النشر الجيدة، وهنا أقف قليلاً فأقول لدينا بعض دور النشر التي تهتم بالكتب التراثية والعلمية والبحثية، إضافة إلى بعض دور النشر التي اتجهت إلى ترجمة كتب الإدارة وعلم النفس والاجتماع، ولكن دور النشر المهتمة بالإبداع حتى الآن ليست في مستوى الطموح والقوة، إضافة إلى عدم حضورها وتواجدها في معارض الكتب التي تقام في الدول العربية، أكرر لا بد من مراجعة ليكون للكاتب والكتاب السعودي هيبتهما وقيمتهما في كل مكان.