عندما لجلج لينين فرحاً بعد سقوط قيصرية موسكو "يا عمال العالم اتحدوا" فقد كان ذلك السقوط يعني عنده اقتراب قيام حكومات العمال في العالم حيث سيشرد المال من خزائن رجال الأعمال وتبقى الدولة التاجر الوحيد مع الدول الأخرى.. مع أنها عدالة زاهية في الخيال إلا أن التطبيق صعب على صعيد الواقع، لأن الإنسان ليس مخلوقاً ملائكياً يطور الخيال والأحلام نوعية قدراته، بل إن من هم خياليون حالمون ومعظمهم من الشعراء والفنانين يموتون فقراء.. في الإنسان موهبة طموح عندما تبالغ في تحصيل مكاسبها يكون ذلك طمعاً.. وفي الإنسان مواهب إنتاج تحركها احتياجاته بالدرجة الأولى، والتطور الحضاري هو الذي جعل في الشعوب المتقدمة قدرات الإنتاج جماعية على شكل شركات وتحالفات إنتاجية أو مالية، وبقيت الشعوب المتخلفة تعايش قدرة الإنتاج الفردية وتصاعد إمكانيات الأفراد وسط ظواهر فقر الأكثريات السكانية.. لقد فشلت الشيوعية لأنها تصورت سهولة تكييف حياة ومسلكيات الإنسان دون ترك قدراته هي التي تفعل ذلك.. هل تحتاج لأن تقول لعمال الدول الإسلامية عبر نداء دولي.. اتحدوا.. لا ليسقطوا أي أحد ولكن لكي يخرجوا من حظائر المجاميع السلبية الضائعة القدرات والأهداف إلى مواقع عمل ثم إنتاج كي نكسر هذا التميز السلبي الذي جعل المجتمعات الإسلامية شبه منفردة بظاهرة الفقر الجماعي ومظاهر ترسيخ التخلف.. هل هناك بلد كان نموذجاً لتواجد نماذج الفقر مثل الهند ذات طبقة المنبوذين؟.. والمهاجر الهندي قبل خمسين عاماً أو أكثر في الغالب لم يكن تاجراً وإنما كان عاملاً ثم تحول بعد هذا الزمن إلى رجل أعمال.. بل في حالات صاحب سطوة مال.. الصينيون مثل الناموس المنتشر في كل أنحاء العالم.. في كل مدينة كبرى دائماً هناك حي صيني، ومع ذلك ولأنهم هاجروا بسبب الفقر إلا أنهم في أوروبا وأمريكا يعيشون حالة أغنياء.. الفلبيني.. من الصعوبة أن يكون غنياً بأعداد كبيرة مثل الصيني والهندي إلا أنه ليس عالة داخل أي مجتمع يذهب للعمل فيه، ولأنه يوفر لنفسه دخلاً مرضياً فالجريمة لا تغريه.. الشيء نفسه يقال عن الماليزيين والسنغافوريين الذين يبدون لك كما لو كانوا قد خلقوا ليكونوا أغنياء.. ترى.. ألا يليق أن تكون من أولى اهتمامات جامعة الدول العربية فرض سياسة تدريب عليا يصرف عليها عربياً كي يتقلص الفقر العربي ويكون العامل العربي قادراً على المنافسة؟.. أيضاً.. ألا يليق بمنظمة العالم الإسلامي أن يكون أهم هدف من أهدافها حل مشاكل ملايين الفقراء في كثير من الدول العاجزة عن منافسة العمالة غير المسلمة؟.. لا أهمية لبيانات القيادات السياسية عربياً ودولياً ما لم يكن هناك توطين للمهارات وتطوير للقدرات لتتوفر مناخات اقتصاد وعمل تحرك طوابير العاجزين باتجاه الحياة..