تجددت أمس المعارك بعد ليلة من الهدوء الحذر بين الجيش التشادي والمتمردين في نجامينا حيث لا يزال الرئيس التشادي ادريس ديبي يقاوم في قصره، فيما يكتنف الغموض التام ميزان القوى على الارض. وسمع دوي اطلاق نار بالاسلحة الرشاشة والثقيلة ومدافع دبابات في وسط نجامينا حيث يقع القصر الرئاسي، بحسب ما افاد مراسل وكالة فرانس برس. وقالت مصادر عسكرية ان مروحيات تابعة للجيش التشادي تمكنت من الاقلاع من المطار حيث توجد ايضا قاعدة فرنسية، وفتحت النيران على شاحنات صغيرة للمتمردين الذين توغلوا في عدد من نقاط المدينة. وطلبت القوات الحكومية الاحد من السكان اخلاء المنطقة المحيطة بالقصر الرئاسي، بحسب ما ذكر مصدر قريب من الحكم. وكان العديد من الناس فروا في وقت سابق، الا ان مصدرا عسكريا اشار الى ان هناك اشخاصا لا يزالون يغادرون المنطقة سيرا على الاقدام او على دراجات. وتمركزت دبابة للجيش في غرب المدينة للدفاع عن مقر الاذاعة الوطنية الذي يعتبر موقعا استراتيجيا. وافاد شاهد ان الجنود المتمركزين في الموقع يطلقون النار على كل كائن بشري. وحلقت طائرات "ميراج اف-1". فرنسية صباح أمس فوق نجامينا، كما افادت مصادر عسكرية. واوضحت هيئة الاركان الفرنسية في باريس في وقت لاحق ان الطائرات "وضعت في مأمن". في دول مجاورة. واكتفت هذه الطائرات الفرنسية بالخروج من القاعدة السبت لتأمين الحماية للمطار خلال اجلاء حوالى 400اجنبي نحو ليبرفيل. وقال الناطق باسم تحالف المتمردين عبد الرحمن كلام الله في اتصال هاتفي مع فرانس برس "لم نتوجه للاستيلاء على المطار من اجل عدم عرقلة حركة اجلاء الرعايا الاجانب، والان الجيش الفرنسي يسمح باقلاع مروحيات تشادية تاتي لمهاجمتنا".. وذكرت وكالة الانباء الليبية الرسمية ان القذافي اجرى اتصالا هاتفيا مساء السبت مع احد قادة التمرد محمد نوري وتوصل معه الى اتفاق على وقف اطلاق النار في تشاد. واوضح المتحدث باسم التمرد عبد الرحمن كلام الله، ان نوري "قال نعم، لكن شرط ان يوافق ايضا القائدان الاخران للتحالف (تيمان ارديمي وعبد الوحيد عبود ماكاي)". وفي موضوع ذي صلة اعلن مصدر مقرب من قصر الاليزيه أمس الاحد ان فرنسا عرضت منذ الجمعة على الرئيس التشادي ادريس ديبي مغادرة تشاد التي تشهد تمردا اذا اعتبر ان حياته في خطر لكنه رفض ذلك. وقال المصدر لوكالة فرانس برس "اقترحنا منذ مساء الجمعة على ادريس ديبي مساعدته لمغادرة تشاد اذا اعتبر ان حياته في خطر وان عليه الرحيل لكنه رفض".. واضاف المصدر ذاته ان "هذا الاقتراح لا يزال قائما".. ومنذ مساء الجمعة عقد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اجتماعين طارئين مع وزيري الدفاع ايرفيه موران والخارجية برنار كوشنير من دون ان يصدر اي بيان عن الرئاسة. والسبت تحادث ساركوزي هاتفيا مرتين مع نظيره التشادي "بشان اخر المستجدات على الساحة التشادية خصوصا في نجامينا". حسب ما ذكرت الرئاسة الفرنسية. وقال كوشنير انه خلال الاتصالين "اعربنا عن الامل في التوصل الى هدنة وفي اجراء مفاوضات. وما زلنا على موقنا هذا".. من جهته اكد وزير الدفاع الفرنسي ايرفيه موران أمس الاحد مقتل رئيس هيئة الاركان التشادي داود سوماين في المعارك ضد المتمردين. وكان مصدر عسكري تشادي اعلن السبت ان رئيس هيئة اركان الجيش التشادي قتل في المعارك التي وقعت الجمعة في ماساغيت على بعد 50كلم شمال شرق نجامينا. وردا على سؤال حول ذلك لاذاعة "اوروبا-1". قال موران "نحاول مطابقة كل معلوماتنا، لكن نعم".. وتابع ان الرئيس ادريس ديبي "وهو مقاتل استثنائي ورجل يتحلى بالكثير من الشجاعة لا يزال لديه ما بين الفين وثلاثة آلاف رجل على الاقل تحت امرته".. كما اعلن موران ان نشر القوة الاوروبية "يوفور". في تشاد وافريقيا الوسطى "علق حتى الاربعاء". بسبب المعارك. وقال موران لاذاعة "اوروبا-1". انه "في الوقت الراهن علق (انتشار) يوفور لبضعة ايام حتى الاربعاء". ولا "احد". يريد التخلي عن هذه العملية. ومهمة القوة الاوروبية التي ستنتشر في شرق تشاد وافريقيا الوسطى حماية 450الف لاجىء من دارفور (غرب السودان) ونازح من تشاد وافريقيا الوسطى. وفي مقابلة لاسبوعية "جورنال دو ديمانش". الفرنسية اعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير انه "لا يعتقد". ان هجوم المتمردين التشاديين سيؤثر على هذا الانتشار. وفي موضوع ذي صلة اعلن وزير الخارجية كوشنير، في حديث نشرته أمس الاحد صحيفة جورنال دو ديمانش، انه ما زال يعتقد بان القوة الاوروبية ستنتشر في تشاد بعد دخول المتمردين نجاميا. وقال كوشنير انه "لا يعتقد". ان عملية المتمردين ضد نجامينا تؤثر على انتشار القوة الاوروبية في شرق تشاد وافريقيا الوسطى، لحماية 450الف لاجىء من دارفور السودانية ومهجرين تشاديين من افريقيا الوسطى. واضاف "اضطررنا الى ان نوقف بصورة موقتة انطلاق الدفعة الاولى من الجنود النمساويين والايرلنديين، لكننا نعرف ان هذا الاقتراح الفرنسي الذي اصبح فكرة اوروبية يزيد من فرض نفسه".، موضحا ان "قرارا من مجلس الامن صدر في شأنه وبالاجماع، لذلك من الواضح ان من الضروري جدا حماية المدنيين".. وسئل كوشنير هل كان هدف الهجوم المتمرد "نسف انتشار القوة الاوروبية".، فقال "يجب الا نكون ساذجين".، مذكرا بأنه "حصل في بداية وصول العناصر الاولى للقوة الاوروبية".. وفي تشاد ذكر مراسل وكالة فرانس برس ان المجموعة الاولى والتي تتكون من 397شخصاً من الاجانب الذين اجليوا من نجامينا ومعظمهم من الفرنسيين، وصلوا الى ليبرفيل "منهكين لكنهم سعداء".. وقالت ربة عائلة يرافقها اثنان من ابنائها "نحن سعداء لاننا غادرنا نجامينا. كان النهار قاسيا ومنهكا. لم نكن نعرف كيف ستتطور الامور".. وايد رجلا اعمال كانا في العاصمة التشادية منذ اسبوع ما قالته ربة العائلة، مؤكدين انهما لم يشاهدا فعلا المعارك لكنهما سمعا "انفجارات كثيرة".. واوضح احدهما الذي بدا وجهه شاحبا جراء يوم طويل انتهى برحلة استغرقت اكثر من ثلاث ساعات على متن طائرة للجيش الفرنسي "لقد فوجئنا لاننا لم نسمع تلك الانفجارات من قبل".. واتاحت هذه الرحلة الاولى من مجموع خمس رحلات نقل 74شخصا من نجامينا حيث دارت معارك السبت في وسط العاصمة التشادية بين القوات الحكومية ومتمردين تشاديين. واعرب جميع الاشخاص الذين تجمعوا منذ مساء الجمعة في مراكز تولى حمايتها الجيش الفرنسي في نجامينا، عن سرورهم من الجنود الفرنسيين الذين امنوا حمايتهم في الساعات الاربع والعشرين الماضية. وقالت امرأة في الخمسين من عمرها تركت زوجها في نجامينا ان "الجيش الفرنسي كان مميزا".. لكنها اضافت "لقد فضل البقاء للاهتمام بأشغاله. والامور يمكن ان تسوى سريعا".. واستقبل السفير الفرنسي في الغابون جان-مارك سيمون والجنرال كلود ريغلا قائد القوات الفرنسية في ليبرفيل التي تقيم فيها فرنسا قاعدة عسكرية تضم 800جندي، الاشخاص الواصلين الذين نقلوا الى معسكر ديغول الذي لا يبعد كثيرا عن المطار. وفي هذا المعسكر سيرتاحون قليلا ثم يعاودون رحلتهم الى فرنسا. واكد الجنرال ريغلا "لا نواجه مشاكل في استقبال هؤلاء الاشخاص في ظروف مرضية جدا".. واضاف ان "المعسكر يستطيع اليوم ان يستقبل في ظروف ممتازة ومكيفة 500شخص"..