أكد رئيس شركة السكك الحديدية الروسية فلاديمير ياكونين أن فوز الشركة بالمناقصة الخاصة بإنشاء خط سكة حديدية بالمملكة العربية السعودية يربط بين منطقة الزبيرة مطار الملك خالد الدولي (الرياض) جاء دليلاً على ثقة المملكة في تقدم التقنية الروسية في مجال بناء وإنشاء الطرق خاصة السكك الحديدة منها. جاء ذلك خلال لقاء صحفي عقده بمناسبة حصول الشركة على عقد إنشاء سكة حديدية بالمملكة وأضاف قائلا: استلمت الشركة الروسية خطابا رسميا من وزارة المالية السعودية يتضمن دعوة لإجراء محادثات حول إبرام عقد بقيمة نحو 800مليون دولار. وستقوم شركة السكك الحديدية الروسية بموجب العقد المقبل بإنشاء خط حديدي طوله حوالي 520كلم إلى جانب مد 621أنبوبا لتصريف المياه وبناء 20معبرا للجمال و 26من الأنفاق والكباري للقطارات والسيارات و 8جسور للسكك الحديد. وسيتجاوز حجم أعمال الحفر حسب التقديرات الأولية 112مليون متر مكعب. وأشار إلى أن المملكة قد أطلقت مشروع "الشمال - الجنوب" في السعودية عام 2005من أجل استثمار مكامن الفوسفات والبوكسيت في شمال البلاد وخفض اعتماد الاقتصاد السعودي على تصدير النفط. وقد تم تقسيم هذا المشروع حسب المبدأ الجغرافي إلى أربعة أجزاء طرحت السلطات السعودية كلا منها في مناقصة دولية منفردة. حيث إن الجزء الأول عبارة عن خط سكة حديدية يبلغ طولها 650كلم ويمتد من الزبيرة إلى رأس الزور من أجل نقل البوكسيت. والجزء الثاني عبارة عن خط حديدي بطول 782كم يربط الزبيرة بحزم الجلاميد من أجل نقل الخامات المعدنية أيضا. أما الجزء الثالث فهو نفس ذلك الخط الذي رسا عقد بنائه على شركة "السكك الحديدية الروسية"، وهو الوحيد من بين الخطوط الأربعة الذي يخصص لنقل الركاب. ويظل الجزء الثالث عبارة عن خط سكة حديدية يمتد مسافة 440كلم من مفرق حزم الجلاميد إلى الحدود الأردنية في شمال البلد. كما أضاف قائلا يعد مشروع "الشمال - الجنوب" من أكبر المشاريع في منطقة الشرق الأوسط حيث يتوقع أن يبلغ الطول الإجمالي لخطوطه 2.4ألف كم وتتجاوز قيمته ملياري دولار. ويتحمل تمويل المشروع صندوق استثماري لدى وزارة المالية السعودية. ومن المنتظر أن يتم إنجاز المشروع في عام 2010أو 2011.ولفت قائلا يأتي فوز شركة "السكك الحديدية الروسية" بالمناقصة أول خطوة ملموسة على طريق تجسيد مخططات الحكومة الروسية الرامية إلى توثيق العلاقات الثنائية مع المملكة العربية السعودية وفقا لما أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء زيارته للمملكة في فبراير الماضي. ومؤشرا على عمق العلاقات الاقتصادية الروسية - السعودية. لافتا إلى أن شركتين روسيتين تعملان في المملكة العربية السعودية هما "لوك أويل" التي تستخرج الغاز في أحد الحقول السعودية و"ستروي ترانس غاز" التي تشارك في مد خط أنابيب النفط "شيبة - بقيق". وعلى ضوء ذلك تتميز "السكك الحديدية الروسية" بقدر أكبر من الاستقلالية فهي اشتركت في المناقصة لوحدها وليس ضمن اتحادات الشركات الكبيرة. كما أن حقيقة فوز الشركة الروسية على أربع شركات سعودية يبعث هو أيضا على التفاؤل إزاء إمكانية ترسيخ روسيا لأقدامها في هذا البلد العربي. ويبدو اختيار السكك الحديد بالذات وسيلة لدخول السوق السعودية اختيارا واعدا لعدة أسباب يأتي في مقدمتها تمكن الشركات الروسية في هذا المجال خاصة أنابيب النفط والغاز لكون روسيا والسعودية تتنافسان بصورة مباشرة في إنتاج هذه السلع. وتظل السكك الحديدية تبدو مواقع روسيا فيها راسخة بما فيه الكفاية نظرا لسعة الشبكة منها التي تغطي أراضيها طولا وعرضا. حيث تعرف روسيا في العالم كله بتطور شبكة السكك الحديد فيها. ويأتي نجاح "السكك الحديدية الروسية" في فوزها بهذا العقد في الشرق الأوسط برهانا على إمكانياتها البناءة وقدرتها على الفوز في المناقصات الدولية وعلى تنفيذ مشاريع كبيرة من أجل المشترى الأجنبي المعروف بموقفه المتشدد من جودة الأداء. كما أن روسيا تتمتع عامة بخبرة غنية في بناء الخطوط الحديدية في الخارج بما في ذلك المنطقة العربية. حيث يكتسي دخول روسيا إلى السوق السعودية بهذا المشروع الكبير أهمية متبادلة. فهو مشروع مهم بالنسبة لنا لأن تصاميمنا ومعداتها وربما قطاراتنا التي سنوفرها ضمن هذا العقد تعني تطويرا للإنتاج وزيادة لفرص العمل وتحفيزا للفكر الهندسي في روسيا. أما السعودية فتتمثل أهمية المشروع بالنسبة لها في حصولها على وسيلة نقل آمنة وبسيطة نسبيا وسهلة الصيانة وطويلة العمر. كما أن المردود الاقتصادي لهذا المشروع سيكون كبيرا جدا. فمعروف أن المناطق التي تصل إليها الخطوط الحديدية تشهد نهوضا اقتصاديا حيث تتضاعف معدلات نموها وتعميرها وإسكانها عشرات الأضعاف. وأنا واثق بأن هذا المشروع المثمر للطرفين سيمهد الطريق للتطور اللاحق لاتصالاتنا العملية. وتوقع أن يتم توقيع العقد في ربيع عام 2008، وأن يبدأ تنفيذه في أواخر هذا العام. وأضاف أن الاهتمام بمنطقة الخليج العربي أصبح من أولويات السياسة الخارجية الروسية سواء الاقتصادية منها أو السياسية، الأمر الذي انعكس ذلك بوضوح من خلال تبادل زيارات المسؤوولين من كلا الجانبين، حيث أحدثت زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة انعطافا كبيرا في سعي روسيا لدخول منطقة مصالح كانت بعيدة عنها، وقد تكللت الجهود الروسية بالنجاح عندما تمكنت شركات مثل لوك أويل أو غاز بروم الدخول في مشاريع في المملكة العربية السعودية كانت حكرا على شركات غربية، واليوم دخلت شركة روسية أخرى منطقة الخليج هي شركة السكك الحديدية لتستحوذ على عقد لبناء سكك حديدية في المملكة بطول 80كلم بقيمة 800مليون دولار ضمن فريق عدد من الشركات يقوم ببناء مواقع للسكك في عموم البلاد. الأمر الذي اعتبره المسؤولون الروس بداية عهد جديد في العلاقات الاقتصادية في المنطقة وبوابة الثقة للشركات الروسية في الولوج في المنطقة. ولفت خلال حديثه إلى أن روسيا بشكل عام ومؤسسته بشكل خاص تدرس دول الخليج ككتلة واحدة لتنفيذ المشاريع فيها، خصوصا وأن هذه الدول لم تعط أهمية كبيرة في السباق لدور سكك الحديد في بناء الحياة الاقتصادية، وبالتالي فإن مثل هذه الوسائط لم تتواجد في العديد منها، وإن وجدت فإنها لم ترتقِ إلى مستوى الجودة المطلوبة سواء في الإمكانيات أو الخدمات المقدمة، ولكن التطور الاقتصادي والصناعي حسب رأيه الذي تشهده هذه البلدان وظروف الحياة المتطورة والمتسارعة حتمت عليهم هذه المرة الالتفات إلى مثل هذه المشاريع؛ لأن السكك الحديدية هي مرآة التطور الاقتصادي والصناعي لكل بلد، ومن وجهة نظري فإن هذه الأفكار قد بدأت تتبلور في البلدان العربية، وأتمنى لهم النجاح وكلي أمل أن يكون هناك تعاون مشترك ومثمر. وبالنسبة للصعوبات التي تواجهها الشركات الروسية وشركته على وجه التحديد في المنطقة، قال إن الصعوبة كانت تكمن في الأسعار التي كنا نقدمها والتي ساهمت في خسارة الشركات الروسية العديد من العقود أو بسبب عدم مطابقة المواصفات المقدمة من قبلنا للمواصفات المطلوبة في دول الخليج، ولذلك فإن شركة السكك الحديدية الروسية ولأول مرة تنفذ مثل هكذا عمل ضخم في المنطقة، وبطبيعة الحال فإن دول الخليج والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص نظرت في البداية عند مراجعتها للعروض إلى ذلك بعين من الحذر والتخوف، وأعتقد أن ذلك بالنسبة لنا تعتبر المعضلة الأولى التي نواجهها. أما الثانية فنحن على عكس بقية الشركات المتواجدة هناك، فقد تطلب الأمر منا دراسة كافة مقومات البلدان المراد تنفيذ المشاريع فيها من الناحية العملية ودراسة عوامل المناخ مرورا بالتقاليد والقوانين وكذلك النظام. فمثلا نظام عمل السكك الحديد في روسيا يختلف عن النظام في المملكة أو في أوربا، وهذه كانت بمثابة معضلة نواجهها بالمقارنة مع بقية المنافسين المتواجدين أصلا منذ سنين في المنطقة. لذلك كنا في هذه المرة دقيقين في إعادة إصلاح تسعير المواد مثلا، وبالتالي فنحن ملزمين بالتنفيذ وفق هذه الأسعار، وسنكون مسؤولين عنها بما يكفل لنا السمعة الحسنة هناك. كما لفت إلى أن الشركة تخطط للدخول في مناقصة للحصول على عقد إنشاء جسر بين البحرين وقطر. وأضاف قائلا إننا نخطط لمناقصات تطرحها الجزائر وليبيا والأردن وكوريا الشمالية وإيران وفنزويلا وبلغاريا. وحول الأنباء التي ترددت عن إمكانية دخول الشركة الروسية للعراق في إعادة تأهيل السكك الحديدية العراقية، قال نحن مستعدون للعمل في العراق، ولكن النظام الحالي للأسف لا يستطيع تأمين الأمن للشركات الراغبة في دخول بلدهم، ولا يوجد هناك أي شخص ممكن أن يأخذ على عاتقه مسألة توفير الأمان، وبالتالي يمنع علينا إرسال خبرائنا إلى هناك في الوقت الحاضر، كما أشار إلى أن انفتاح الشركات الروسية كبير مع الجميع وخصوصا الدول العربية، وقال لقد اخترنا هذه القطعة من العالم باعتبارها تدخل ضمن المصالح الاستراتيجية؛ لأنه لدينا ما نقترحه عليهم بالإضافة إلى أنهم يتقبلوننا بدون أي تحذير. ولكن من الناحية العملية لم يصدر قرار بذلك سواء من العراق أو من روسيا. وعن التعاون العربي الروسي أعرب عن اعتقاده بأن الاتحاد السوفيتي السابق أرسى علاقات متميزة مع البلدان العربية، وأن روسيا باعتبارها خليفة له فإنها خلفت هذه العلاقة، لذلك فإن محادثاتنا مع العرب تلقى دائما الصدى لديهم، لأن الحديث دائما يكون معهم مفتوحاً وشفافاً ومبنياً على الاحترام المتبادل. وأضاف من وجهة نظري فإن على روسيا أن تقف إلى جانب ازدهار هذه العلاقات الاقتصادية والسياسية، وهذا يعد شيئا مهماً جدا خصوصا ونحن نعيش أزمة اقتصادية، في ظل إعلان العديد من البنوك العالمية عن وجود مشاكل لها في أسواق المال الدولية، وأعتقد أن هناك مجالاً واسعاً للتعاون بين روسيا ودول الخليج في مجال الاستثمار المتبادل، ومن بينها الاستثمار في مجال السكك الحديدية التي نمتلك فيها ( وهذه ليست وجهة نظري وحدي ) إمكانية استخدام الموارد العربية في تطوير مشاريع السكك الحديدية الروسية، وهذه العملية ستكون مفيدة للجانبين. هذا وتعد شركة "السكك الحديدية الروسية" من الشركات العالمية الكبرى المتخصصة في بناء وإنشاء السكك الحديدية، وقد بلغت مكاسبها خلال العام المنصرم - بحسب مصادر في الشركة - 950مليار روبل وحققت ربحا صافيا مقداره 84مليار روبل ( 3.4مليارات دولار أمريكي). ومن المتوقع أن تحقق ربحا يتجاوز تريليون روبل في العام الجاري خاصة بفضل المشاريع الدولية. وبالإضافة إلى مشروع السكة الحديد بالمملكة تخطط الشركة للدخول في مناقصة للحصول على عقد إنشاء جسر بين البحرين وقطر، ومناقصات تطرحها الجزائر وليبيا والأردن وكوريا الشمالية وإيران وفنزويلا وبلغاريا.