المنهج الإداري المتبع في بعض منظمات القطاع الحكومي هو نمط فردي يتصرف فيه الفرد، سواء كان مسؤولاً عن المنظمة أو مديراً عاماً لها، وكأنه يملك الحقيقة كاملة وغيره لا يملكها، ويحدث ذلك عندما ينظر الإداري من هذه النوعية إلى الأمور بأفق ضيق لا يرى خلاله أبعد من أنفه، فهو يرى أنه يفهم في علم الإدارة أكثر مما يفهم (بيتر دركر)، ولديه في علم التنظيم ما ليس لدى (هيربرت سايمون)، وهو في هندسة الإدارة يبدع أكثر من (جيمس تشامبي)، تجد من هذه النوعية الكثيرين، وتعرفهم بتصرفاتهم، وهذا السلوك الإداري بما يحمله من غرور وثقة زائفة قد يدفع الإداري إلى فتح معركة خاسرة مع موظفيه، فيعود وينهزم، ثم يعود ويتهم موظفيه أيضاً بالانحياز ضده. يعاني هذا النمط من الإداريين من قصور في الطلاقة الذهنية، وليس اللغوية، فهم غير قادرين على إنتاج أكبر قدر ممكن من الأفكار الإبداعية ليستفيدوا منها في تعاملهم الإداري على محيط منظمتهم، لذا تجدهم غير متفوقين من حيث كمية الأفكار التي يقترحونها حول موضوع معين في وحدة زمنية ثابتة، وهم غير مرنين وليسوا قادرين على تغيير مواقفهم تبعاً لتغير الموقف الذي يواجهونه، بل يتبنون نفس النمط المحدد الذي يشتهرون به دائماً، وهم أخيراً لا يملكون القدرة على تكوين ترابطات واكتشاف علاقات جديدة، وهي القدرة التي يحتاجها كل إداري في أي مجال، بحيث يكون قادراً على الاستفادة من خبراته في تكوين علاقات وروابط جديدة مع كل من يتعامل معه. قصر النظر الإداري من هذه النوعية لا يمكن علاجه بارتداء النظارة الطبية أو العدسات اللاصقة، ولا يمكن حله بعملية تشريط للقرنية، لأن الأسلوب الإداري من هذه (الطينة) لا يحمل من الإدارة لا لبّها ولا جوهرها ولا حتى ديناميكيتها، وهذه هي المشكلة.