عندما جاءتني ابنتي فرحة منذ أيام بحصولها على علامة نهائية لورقة بحث في مادة علم النفس عن علاقة صحة الانسان النفسية برعايته للحيوانات الاليفة لم اصدق غزارة المعلومات العلمية في هذا الشأن ومدى قدرة استفادة الناس منها . مصادرها كانت احصائيات ونتائج بحوث نفسية وكتب تطوير الذات والانترنت بالطبع كلها تؤكد قدرة الترابط المعنوي بين الانسان ورعايته لحيوان اليف في تولد تأثيرات تتجاوزالرفقة والتفاعل الحاني بينهما إلى دلائل صحية ايجابية تدعم مستوى المناعة ضد الامراض - بعون الله - وفي كثير من الاحيان تؤدي مفعولا اقوي من الدواء . ورغم انني على مستوى التجربة الحياتية ما زلت اذكر بروتس كلب الحراسة المنزلي لدينا وأتذكر بطولته وكان خليطا متوهجا ما بين (Sherman shepherdوRotweiler ) حينما كنا نسكن احدى المناطق الهادئة في مدينة جدة وكيف عندما دخل علينا في ضحى يوم هادئ أحد البائعين المتجولين إلى مدخل البيت فجأة بهتنا ولم نعرف كيف نتصرف لكنني قبل أن استوعب الموقف او اطلب مساعدة رأيت الكلب بروتس يقفز مسافة ثلاثة او اربعة امتار مرة واحدة ليهجم على الرجل ويعضه بشدة ليولي هاربا . بعدها تلاشى غضبه الشرس وعاد حيث كنت اقف وهو يهز ذيله وديعا ودودا يترقب خطوتي واشارتي . لقد كان موقفا واضحا للحماية اما ما تعلمته لاحقا هو انهم يشعرون بأحاسيس الاخرين تجاه صاحبهم ايضا ويقدمون احيانا معلومة حدس شعورية قد لا ننتبه لها على مستوى الوعي المجرد ولكن الان ووفقا لدراسات ميدانية لمركز مراقبة الامراض (CDC) بالولايات المتحدة فإن ايجابيات العناية بالحيوانات الاليفة تتعدى ما تخزنه معرفتنا عن الرفقة والحماية والشعوربالمودة إلى المساهمة في خفض ضغط الدم العالي ، ومستويات الدهون والكوليسترول بالدم ومحاربة الشعور بالوحدة والاكتئاب وهذه كلها كما نعلم من اكثر الظواهر المرضية المعاصرة شيوعا في وقتنا الحالي فكيف تتمكن رعايتنا للحيوانات الاليفة ان تحدث كل هذةه التأثيرات ؟ احصائيا استشهدت احدى الدراسات الميدانية بأن فئة الكبار الذين يرعون حيواناً أليفاً يزورون اطباءهم 16% اقل من الاخرين وبأن اصحاب الكلاب تمتعوا بأكثر المزايا حيث ثبت انهم يحتاجون عناية الطبيب 21% اقل من غيرهم . من ناحية استخدام الدواء فقد هبطت مصاريف العلاج الدوائي إلى اكثر من النصف في اماكن رعاية المسنين في ولايات نيويورك وميسوري وتاكسس وهي مساكن تحتوي على النباتات الطبيعية والحيوانات الاليفة كالقطط والعصافير والكلاب كجزء متكامل مع البيئة . اما معهد بيكر للبحوث الصحية في استراليا فقد اوضحت تجاربه بأن مالكي الحيوانات الاليفة اظهروا مستوى مقاومة اكبر من غيرهم لتطور امراض القلب وفي الدراسة التي راقبت حوالي 6000شخص معرض لتلك الامراض جاءت النتائج ايضا في صالح مالكي الحيوانات الاليفة الذين بدت مستويات ضغط الدم والكولسترول عندهم اقل من الاخرين . باختصار تم اكتشاف المردود المعنوي وبالتالي النفسي للانسان عندما يلاطف قطة مثلا ويمسح على شعرها فقد لاحظ العلماء بأن علاقتنا الانسانية بإظهار هذه الرعاية والمودة تجلب الشعور بالدفء والمحبة لنا في المقام الاول وكما تقول الكاتبة صافيناز كاظم في مقال مفصل عن الموضوع في الشرق الاوسط ان القط هو الذي يرعانا من حيث رعايتنا له لانه يبعث لدينا البهجة ويستخرج منا شحنات الغضب و التوتر ..فقد ثبت علميا بأن تربية القطط من اهم و سائل علاج الاكتئاب . أظنني أوافقها .