سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الموظف المورط فيها كان يرغب في المضاربة على مبلغ خمسين مليار يورو.. والمحللون يرون أن فضائح مماثلة ستكشف في مناطق كثيرة في العالم منها منطقة الخليج فضيحة مصرف "سوسييتي جينرال" الفرنسي
استمرت أمس فضيحة عمليات المضاربة في أسواق البورصة التي أقدم عليها موظف في مصرف "سوسيتي جينرال" تطغى على الأحداث الاقتصادية وغير الاقتصادية الفرنسية. فبعد استنطاق هذا الموظف الذي يدعى "جيروم كيرفييل" لمدة يومين اثنين من قبل أجهزة القضاء المالي في باريس أكد مدعي عام العاصمة الفرنسية أن الموظف المتهم بالتسبب في خسارة للمصرف قدرت بأربعة مليارات وتسع مائة مليون يورو أعترف بأنه أقدم منذ عام ألفين وخمسة على عمليات مضاربة في أسواق البورصة باسم المصرف الفرنسي بشكل غير مشروع أحيانا. ولكنه أقر في الوقت ذاته أنه سئل مرارا عديدة عن طبيعة العمليات التي كان يقوم بها من قبل موظفين آخرين أعلى مرتبة منه في المصرف. وأضاف المدعي العام يقول إن جيروم الذي يبلغ الحادية والثلاثين من العمر أنكر أن يكون قام بمثل هذه العمليات للإثراء الخاص ولكن لمصلحة المصرف. بل إن المتهم قال خلال التحقيق الذي أجري معه منذ يوم السبت الماضي إنه كان ينوي إكساب المصرف أرباحا كثيرة تدر عليه مكافآت شخصية تقدر بحوالي ثلاث مائة ألف يورو وأنه سمح للمصرف في السابق بالحصول على أرباح هامة. و أفاد المدعي العام أيضا في قضية الحال أن الموظف أقر أنه كان يرغب فعلا في المضاربة بمبلغ مالي قدره خمسون مليار دولار في الأسابيع الأخيرة. ولكن مسئولي المصرف اعتبروا أن في المضاربة على مبلغ كهذا يحتوي على مخاطر كثيرة الأمر الذي قاد إلى ضبط عمليات التحايل التي أقدم عليها الشاب للقيام بعمليات غير مشروعة. وقد قرر المدعي العام مواصلة إيقاف الشاب المتهم بالتلاعب بأموال المصرف وبالابتزاز لمواصلة التحقيقات اللازمة وللحيلولة دونه ودون مغادرة الأراضي الفرنسية ولمنع وسائل الإعلام من الاتصال به وممارسة ضغوط عليه. وفي حال إدانته بشكل نهائي من قبل الجهاز القضائي فإنه يوشك على البقاء في السجن لمدة سبع سنوات. وبإمكان القضاء تغريمه بمبلغ قدره سبع مائة وخمسون ألف يورو. رأيان متباينان في هذه الاثناء استمر الجدل بين الحكومة الفرنسية ورئيس مدير "مصرف سوسييتي جينرال" من جهة و أحزاب المعارضة و كثير من المحللين الاقتصاديين من جهة أخرى حول طبيعة هذه الفضيحة المالية التي لم يسبق لها مثيل في فرنسا. فالحكومة تعتبر أن الموظف هو المسئول الوحيد عنها بينما هناك رأي آخر متباين يعتبر أصحابه أن جيروم هو كبش الفداء وأن المصرف يسعى إلى التضحية به لمحاولة التغطية على مسئولي المصرف وفي مقدمتهم رئيسه السيد دانيال بوتان. وقد أكدت أمس صحيفة "ليبراسيون" اليومية في سياق التعليق على هذه الفضيحة أن المبلغ الذي خسره المصرف الفرنسي في إطار التصرفات التي حصلت والتي لايتحمل جيروم وحده مسئوليتها يعادل النفقات الممكن من خلالها دفع علاوات الذين لاعمل لهم في فرنسا ويقدر عددهم بتسع مائة ألف شخص وذلك لمدة سنة كاملة. كما تعادل الخسارة مجمل المساعدات التي يقدمها الاتحاد الإفريقي إلى القارة الأوروبية برمتها في السنة أو المبالغ السنوية التي تسمح بإعادة تشجير المعمورة كلها. وثمة إلحاح لدى المحللين الماليين بأن هذه الفضيحة إنما هي شجرة في غابة فضائح تورطت فيها بنوك كثيرة في مناطق كثيرة منها أمريكا وجنوب شرقي آسيا ومنطقة الخليج وأن السنة الجارية ستكشف عن فضائح مماثلة. ويعزو المحللون ذلك إلى أن كثيرا من المصارف النشطة في هذه المناطق تعاملت هي الأخرى مع المصارف الأمريكية عبر أسواق البورصة من خلال ملف القروض العقارية الأمريكية. وهو ملف أسهم إلى حد كبير في التأثير سلبا في الأسابيع الأخيرة على أسواق البورصة العالمية. كما يرى الخبراء أن عولمة الاقتصاد وبالتالي عولمة عمليات مضاربات البورصة وافتقارها إلى الشفافية الكافية في الأسواق العالمية بما في ذلك الأسواق التي لديها باع في هذا المجال عامل أساسي من العوامل التي ستجعل من فضيحة المصرف الفرنسي مثلا يجسد سلوكا عالميا لا مثلا استثنائيا.