تطرقت لجامعة الإمام في لقاء يوم الثلاثاء الماضي عرضاً وأنا أستعرض مناعة جامعة الأزهر من اختراق الانغلاق وثقافة تحوير معنى الجهاد وتمكنت من إنتاج علماء مرموقين بعضهم في تأهيله الأكاديمي الأعلى حصل عليه من جامعات غربية مثل السوربون.. مستعرضاً غرابة مطالبة حامل دكتوراه سعودي أن تبقى صفة الإسلامية مكملة لمسمى جامعة الإمام مادام قد افتتح بها كليات للطب والهندسة، وأضيف لمعلوماته أن مركزها للمعلومات من أحدث المراكز وأفضلها حيث مرحلة انعزال الجامعة في اهتمام محدود قد انقضت منذ سنوات وهي تباشر الآن المسؤولية الثقافية الإسلامية العلمية المطلوبة والتي ستلعب دوراً كبيراً في محاربة العزلة والانغلاق وتأخذ مكانها الإرشادي الواعي في المجتمع الإسلامي بصفة عامة.. لاحظت في رحلاتي العديدة إلى عدد من الدول الآسيوية بالذات أن الذين أجدهم يتصدرون الإعلام وأجهزة وزارات الخارجية فيما يخص الدول العربية هم من خريجي جامعات مصرية أو سورية أو مغربية.. فكنت أتساءل: أين يذهب من تخرجوا من جامعاتنا سواء في الرياض أو المدينة أو مكة فلا أجد من يعرفهم لأنهم غالباً يعودون إلى قراهم لممارسة أدوار عادية تماماً.. بتطوير جامعة الإمام أستطيع القول إن خروجنا الثقافي الإسلامي إلى الدول الإسلامية غير العربية سيكون مؤثراً ومؤكداً أصالة الملامح الإسلامية في المملكة.. المملكة التي استعاد بها الإمام محمد بن سعود وجود الدولة الإسلامية الصرفة التي لم تقم على أساس حزبية قومية أو حزبية مستحدثة كالشيوعية أو البعث.. سيكون هناك خريجون.. وقد حدث فعلاً.. بمقدورهم الحوار والتخاطب وسيعملون محلياً على إنجاح الحوار الوطني فلا تكون هناك انقسامات رأي سلبية في مجتمع هو مسلم بكامل أعداده.. والشيخ محمد بن عبدالوهاب لم يقم بإنشاء مذهبية خاصة لكنه تعامل وفق ظروف مجتمعه المحدود البسيط جداً في ظروفه الاقتصادية ولاشيء علمياً منها.. الخلل كان من الذين أتوا بعده حيث لم يطوروا رؤيتهم ومعالجتهم للجديد الحضاري والعلمي بما هو عليه الإسلام من استيعاب موضوعي لقدرات العلم التي كان المسلمون في الدولة العباسية الأولى هم أول من نقله إلى مجتمعات الجديد الحضاري المعاصر.. وأجد من المناسب الإشارة إلى أن وصم المملكة بمذهبية خاصة أسموها (الوهابية) إنما كان بفعل عزلة من أتوا بعده أما هو فلم يفعل ذلك.. أشعر بكثير من التقدير والامتنان لمعالي مدير الجامعة الدكتور سليمان أبا الخيل في رسالته المنشورة في هذا العدد وللحوار الهاتفي مع سعادة الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الشثري حول الموضوع نفسه.. أريد أن أذكر بظرف تاريخي ربما نسيه الكثيرون وهو أن ما سمي بالمعاهد العلمية قبل وجود الجامعة - وكانت تلك المعاهد تقدم المواد الدينية التي هي أساسها وأيضاً المواد العلمية والرياضية - هي من خرجت عدداً ليس بالقليل ممن هم حالياً في الستين تقريباً يديرون البنوك أو الشركات وفيهم من اتجه إلى الطب.. ذلك هو الأساس المشرف مثلما هو الآن حال الواقع المشرف لجامعة الإمام..