نتابع الحديث عن المظاهر الأرضية لاجزاء من منطقة الرياض، فنذكر انه بالنسبة للرمال في المناطق المحاذية لحافة طويق (وهي الحافة الجبلية التي يطلق عليها الجيومورفولوجيون الجالات، أو الكويستاز) فحدث ولا حرج ونظامها العام المحاذي للعرمة ولطويق، نفدا أو عرقا، فذو اتجاه مائل من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي بدأ بالدهناء من الشرق ثم عريق البلدان ثم نفود قنيفذة ثم نفود السر. أما رمال الثويرات والتي تشكل حداً طبيعياً بين شمال اليمامة وشرق القصيم فيتفرع منها ذراعان باتجاه جنوبي شرقي أحدهما رمال الضويحي بين روضة السبلة من جهة الشرق والزلفي من الناحية الغربية، والذراع الآخر عريق البلدان والذي ينتهي امتداده عند جنوبياقليم الوشم. ولقد أحسن ابن خميس وصفاً في أول فقرة له عن رمال اليمامة في ص 418من الجزء الأول من كتابه تاريخ اليمامة إذ يسطر ما نصه: "منبث في أرض اليمامة رمال متفرقة تطرز أرضها وتتخلل وهادها ونجادها وتلون نباتاتها وتشكل مرعاها ويختزن ثراها ما يتساقط عليه من الأمطار فيبقى جوفه ندياً ونباته رويا وهو مظهر من مظاهر الخصب وديمومة المراعي". لو أخذنا المملكة العربية السعودية مثالاً للسياحة البرية فلا بد أن نضع في الاعتبار تعدد أنواع مظاهر السطح فيها وتنوع ذلك تبعاً للاقاليم الجغرافية وربط ذلك بالشأن السياحي مفهوماً وتخطيطاً وتنفيذاً ومتابعة وتطويراً. ويشتمل سطح المملكة على معظم أنواع أشكال السطح المعروفة وبخاصة تلك السائدة في بيئات جافة. وعادة ما يقسم الجغرافيون أشكال السطح في المملكة إلى ثمانية اقاليم، يتميز كل اقليم بخصائص معينة: سهل البحر الأحمر (سهل تهامة)، المرتفعات الغربية، الهضاب الغربية، هضبة نجد، الهضاب الشمالية، الهضاب الشرقية، الصحاري الرملية، السهول الشرقية. ويشمل اقليم هضبة نجد عدداً من مظاهر أشكال السطح مثل: القسم الغربي من الهضبة ويشكل كتلتين شمالية ووسطيتين وأودية القسم الغربي ومناطق الرمال والذي يشمل عدداً من العروق والنفد مثل: نفود السر والعريق والسخا وعروق سبع والقسم الشرقي ويشمل حافة طويق وهضاب البياض وهريسان والتيسيةوالعرمة وحافتها والحافات الغربية. وثمة أمر في غاية الأهمية من وجهة نظري ألا وهو أن المظاهر البطوغرافية التي تنعم بها بلادنا الحبيبة لطالما كانت ولاتزال لوحات فنية في غاية الروعةوالبهاء تغنى بها الشعراء في شعرهم والكتاب في نثرهم والمؤلفون في متونهم. ويمكن أن يربط ذلك بالجانب الأدبي والتراثي ويتقصى أسماء الأماكن والمصطلحات والمفاهيم العلمية وما يرد في موروثاتنا الأدبية، هذا الربط الذي نحن في حاجة إليه. وأسوق مثالاً على ذلك، حافات طويق التي هي نوع من الكويستا أو الجالات، كما يود المتخصصون الجغرافيون تسميتها كما سبق وأن ذكرت ذلك، هذه التسمية وردت في الشعر، يورد ابن خميس أبياتا للشاعر النبطي جديع العنزي بعدما اغترب عن بلدته من نواحي طويق ومنها: أمس الضحى عديت في نايف الجال والقلب يوم أشرفت رجمه عوى ذيبه سقوي إلى شفت الفريدة ومدها لي وطويق جعل السحب تسقي شخانيبه عسى سحاب بارقه يشعل أشعالي جعله على المقرح يعله ويدوي به جعله يعل من الفريدة إلى الجالي ويسقي الحريق مع مغانيه وشعيبه وفي هذه الأبيات الأربعة يمكن تتبع ثلاثة عشر من الاسماء والمصطلحات: نايف، الجال، الرجم، الذيب، الفريدة، طويق، الشخانيب، السحاب، البرق، المقرح، الحريق، المغاني، الشعيب. معظم الناس يتفقون على أن الصحراء ذات موارد محدودة وأنها عبارة عن مسطحات ووهاد وفياف شاسعة غير متناهية إلافي محدوديتها وشح مواردها. ولكن لو ذكرنا أن الصحاري مليئة بكنوز طبيعية، هل سنكون مبالغين في ذلك؟ إن شح الصحراء مسألة تركزت واستقرت في أذهاننا ومن ثم أصبحنا نتعامل معها بناءً على أحكام مسبقة مطلقة ومفاهيم مجردة غامضة. دعونا نستعرض نموذجاً من الصحاري في قارة غير قارتنا وموطن غير موطننا، أو ليس هدفنا الحقيقة أينما تكون ضمن كوكبنا: الأرض؟ علنا نخرج بفائدة واستنتاجات تخص صحارينا، لا لأن الصحاري واحدة، ولكن لوحدة قاعدتها ونظامها وقاسمها المشترك، من حيث الخصائص والصفات وفي المظاهر والمكامن. أما ذلكم العنصر الفاعل المهم - الإنسان فهو جزء لا يتجزأ من الوحدة المكانية (الجغرافية) يشترك في خاصية مهمة ألا وهي التكيف مع المحيط البيئي بعناصره الطبيعية منها والبشرية. وادي الموتDeath Valley، الصحراء المثالية في شرق ولاية كاليفورنيا، حيث تومض المسطحات الملحية في ظل قمم الجبال التي عممها الثلج وترى من مسافة بعيدة، أما الكثبان الرملية فتتحول ألوانها على مدار الساعة، من اللون الأبيض الناصع، وقت الظهيرة، إلى الأسود الداكن تحت تأثير سحب ما بعد الظهر المظلمة المبرقة المرعدة، يالها من مناظر آخاذة للألباب، فسبحان الخالق المبدع، ثم هنالك معلم "جاشوا الوطني" Joshua Tree National Park الذي يقع في جنوب ولاية كاليفورنيا حيث جلاميد الصخر العظيمة، أشبه ما تكون بصخور الردف في الطائف، والتي تبدو وكأنها سقطت من كوكب آخر. وما زلنا بصدد ذكر المظاهر الصحراوية وهي متعددة وجميلة ولطالما أخذت بلباب الشعراء على مختلف توجهاتهم ومقدراتهم الفنية، ويرتبط بذلك كما تقدم في بعض الاقتباسات من الشعر النبطي ما له علاقة بالظاهرات المناخية ولربما يأتي في مقدمتها ظاهرة التساقط وما يرتبط به من برق ورعد فهذا الشاعر برجس بن علي السهلي يستهل في بضع أبيات طلب المطر لمنطقة استهوته ليس في حد ذاتها بل بمن قطنها ويقطنها فيقول: عسى السحاب اللي مزونه مراديف تضفي على دار السدارا مطرها من أول الوسمي إلى تالي الصيف والأرض تنبت عشبها مع شجرها بين النفود وبين هاك المشاريف دار الرجال اللي نومس صطرها فيها بقايا قصور من تكرم الضيف ماضي السنين ولا بقى الا خبرها أهل العلوم الطيبة والسواليف وزبن الضيف اليا تضايق نحرها والمقصود بديار السدارا الغاط الذي كان الشاعر مرافقاً لنا في تلكم الرحلة الجميلة التي استضافنا فيها مشكوراً محافظ الغاط عبدالله بن ناصر السديري، كما سبق ذكر ذلك في مقالة سابقة. اما التحولات في جميع جوانب الحياة في مدينة الغاط فيسطرها مؤلف كتاب "محافظة الغاط" محمد بن أحمد الراشد الذي رجعت للعديد من المعلومات التي احتواها كتابه القيم عن المحافظ وما سجله من أمور في مقدمة الكتاب تتعلق بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي مرت وتمر المحافظة، سواء في الجانب التعليمي أو الثقافي أو الصحي أو التجاري. وهناك جوانب ترتبط بالتبعية الإدارية للغاط وتطورها ومن تعاقب من الأمراء على الغاط قبل نظام المحافظات، ويذكر أدوارا مشرفة لعدد من الرجال في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبناء المساجد والاسهام في دعوة غير المسلمين (من العاملين) إلى الإسلام، وما بذله ويبذله أهل الغاط في أعمال الخير من خلال الجمعيات الخيرية وجمعية تحفيظ القرآن، وفي مجال تحفيز طلاب العلم هنالك جائزة خالد بن أحمد السديري للتفوق العلمي، وفي مجال الخدمات الصحية تطورت المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية وخدمات الهلال الأحمر السعودي في الغاط، كما تطورت أمور وخدمات أخرى مهمة ترتبط بالأمن والبلدية والاتصالات وبالشؤون الثقافية من مكتبات ومهرجانات شعرية وفنون شعبية، وللحديث بقية إن شاء الله.