نمر هذه الأيام بموجة برد شديدة تتأثر بها صحة الإنسان بصور مختلفة ندرك الكثير منها مثل زيادة الإصابة بنزلات البرد والزكام والانفلونزا ولكن السؤال الذي لم يناقشه أحد في السابق هل تؤثر درجات الحرارة الخارجية على النوم أو وظائف النوم. يدرك القراء أن نومهم يكون متقطعا وغير مستقر في الجو البارد كما ان الرغبة في التبول تزداد ولكن هل دُرس هذا الموضوع بشكل علمي أو هل هناك تفسيرات علمية لهذه الاعراض. فكرت في هذا السؤال كثيرا وبحثت في هذا الموضوع لأصل إلى إجابة شافية ولكني وجدت أن الأبحاث التي أجريت حول هذا الموضوع قليلة جدا. رغم ذلك سأحاول في هذا المقال أن اعطي القارئ صورة مبسطة عن تأثير البرودة على النوم. أجري عدد من الدراسات على نوم الحيوانات في الجو البارد ولكن هذه الدراسات قد لا تنطبق على الإنسان لأنها تجرى في اجواء لا يعيشها الإنسان الطبيعي. اما الدراسات التي أجريت على الإنسان في الجو البارد فهي نوعان، دراسات اجريت في المختبر وأخرى في اجواء باردة بالطبيعة مثل القطب المتجمد الجنوبي. وسنحاول ان نستعرض نتائج هذه الدراسات باختصار. بينت الدراسات أن تأثر النوم بالبرودة يعتمد على المدة الزمنية التي يقضيها الإنسان في الجو البارد فهناك آلية للتكيف حيث يتحسن النوم مع التعود على الأجواء الباردة. ولكن على العموم أظهرت الأبحاث ان النوم يكون غير مستقر في الجو البارد ويزداد القلق. أما تخطيط النوم فقد اظهر نقصا في مرحلة الأحلام (حركة العينين السريعة REM sleep) في الجو البارد في حين لم يتأثر النوم العميق (المرحلة الثالثة والرابعة) كثيرا. ومرحلة الأحلام مرحلة مهمة لوظائف المخ وهي تساعد على صفاء الذهن والتركيز في النهار. كما حدث زيادة في التبول وإفراز هرمونات التوتر مثل هرمون النور أدرينالين وهذه هرومونات تزداد في حالات التوتر والإجهاد كما أنها ترفع ضغط الدم وهي في العادة تنخفض إلى أدنى مستوياتها خلال النوم. اي أن البرودة تغير فيزيولوجيا النوم الطبيعية. ما سبق يبين ان النوم في الجو البارد يعتبر نوع من التوتر والإجهاد وهو ما يفسر نقص مرحلة حركة العينين السريعة وزيادة إفراز هرمونات التوتر وهو ما قد يفسر نظريا زيادة الإصابة بالالتهابات عند النوم في جو بارد. الغريب في الأمر أن كثيرا من هذا الظواهر تختفي عند تعود الإنسان على النوم في الجو البارد (اي بعد مرور عدة ليال). ما سبق يظهر أهمية أن تكون غرفة النوم دافئة وخاصة للأطفال لأن التغيرات السابقة قد تكون تأثيراتها اكبر في هذه الفئة السنية. كما أن لبس ملابس تساعد على التدفئة كالبيجامات طويلة الكم الثقيلة أمر مهم جدا في الحفاظ على حرارة الجسم. وقد درس باحثون تاثير الملابس على النوم في الجو البارد دراسة علمية ووجدوا أن التغيرات السابقة الذكر تقل عند الذين يرتدون ملابس تحافظ على حرارة الجسم. ما سبق قد يبدو كلاما علميا للبعض ولكن الرسالة التي نود إيصالها هي المحافظة على غرف النوم بصورة دافئة والحرص على ارتداء الأطفال ملابس تساعدهم على حفظ حرارة أجسامهم في الليل والنهار.