وعلى أي الحالات فإن البطل يحكي أحد حكايات التلبس بالسحر أو الجن وهما يتلاحمان في حكاياتهم، ففاطمة الزهراء معشوقته ماتت،وتلبست أخرى مكانها ولم يعلم إلا عند المغادرة وتصارحه الجنية الجديدة بأنها تقمصت شخصيتها وهمست له "إذا أردت رؤيتي فما عليك إلا أن تحرق الورقة" ص 29والموقف الجني أسلمه إلى حكايات الجن فكتب الفصل الثالث والرابع عنها فهي تمحورت حول حكاية الجن قنديش. ومن خلال التواصل بين الجن والإنس ينقلنا إلى مرحلة زمنية قديمة في العصر الجاهلي حيث الإيمان بقرناء من الجن للشعراء.بل كان لهم أسماء فقرين النابغة وقرين الأعشى وغيرهما وتواصلت الأسطورة في العصر الإسلامي حتى قال الراجز: أنا وكل شاعر من البشر شيطانه أنثى وشيطاني ذكر ويدور الحديث بين قنديش الجن مع ضاري الإنس المصاحب للجن حول دخول التأليف وعالم الكتب التي سجلت طرائق كثيرة للتعامل مع الجن ومنها "السر المظروف"ومنها "شمس المعارف" ومنها"الأسرار البهية". إذا تأملنا في زمن الحكاية فإن زمنها يدور في اتجاهات متعددة منها زمن الحكايات الشعبية وربما يدخل بها في الأسطورية، وهذه الأساطير غير محدودة الزمن ولا المكان فهي تتواثب في نفسيات البشر حيثما حل،أما حكاية الجن مع البطل فهي حكاية عمره كله فهو مشحون بالحكايات الطفولية. وهو تلاحم معها في مرحلة شبابه وظلت هاجسه حتى في زوجته الأخيرة فهو يتراءى له أشياء وأشياء ولكنه صابر على ما هو خابر، والزمن عنده يتلاقى ويتلاقح ماضيه بحاضرة ويستشرف مستقبله فالجن متلبس به في تكوينه الذهني،والنفسي مستحوذ على تصرفاته. ويتلاقى الزمن في الرواية في جانبيه زمن القصة وزمن الكتابة في التأثير والتأثر،وكأنهما نتاج بناء عقلي قام به السارد ووظف من أجله بطل القصة لكن زمن القصة كان هو الأكثر تأثير في زمن الكتابة، فالكتابة مرحلة عقلية راصدة لواقع حكايات جمع شتاتها لتكون حكاية كبرى فيها كثير من فلسفة الحياة على الأرض أو لنقل الكون. والبعد الزمني مشحون بالبعد النفسي الذي يختلج القاص فهو في يقظته يستعيد ذاكرة الحلم والتلبس، والعلاقة مع الجن والتكوين التوافقي من الجن بما يتلاءم ورغبات الإنس وبلوغ درجات الكمال في الرغبات الجمالية والخدمات الزوجية كان له أثره في التأرجح النفسي الدائم لبطل القصة ضاري فلا فكاك منه، صحبه في علاقته بأسرته وفي دراسته وفي زواجه من الإنسيات، وربما أن الزوجة بنت العم أحست بالغربة فكانت موافقة أو متمنية زمن الفراق والطلاق. فالعقل الباطني مثار بالجن وعلاقاته،وخياله وأحلام يقظته يدور في تلك العلاقة الغامضة السرية،وحدسه وتوقعه وأمنياته تجول بفعل أكسير تلك العلاقة.