اطلعت على دراسة علمية للدكتور عبدالعزيز بن عثمان الفالح (مدير مركز الإشراف التربوي بشمال الرياض) بعنوان (اتجاهات المعلمين بمدينة الرياض نحو أهمية ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم في المملكة العربية السعودية ومستوى تطبيقهم له).. كانت - بحق - دراسة غير مسبوقة تميزت بالشمولية والموضوعية والدقة العلمية سلط الباحث خلالها الضوء على بنود الميثاق (تحليلاً وتشريحاً) متكئاً في ذلك على فكر ناقد وخبرات عريضة وممارسات متنوعة وادراك شامل بأن التعليم ليس حرفة أو مهنة وإنما هو عمل أخلاقي يتطلب نسقاً من القيم يعمل المعلم من خلاله ويسترشد به ويوجهه فيساعده على الوعي بالأدوار والمسؤوليات وعلى تبني مواقف واتجاهات ايجابية نحو مهنة التعليم وأخلاقياتها. إن اللحن المميز لهذه الدراسة هو سعيها لنشر الجديد والمتجدد في أدبيات التربية خاصة في مجال أخلاقيات المهنة وهي بذلك تستهدف إثراء الفكر التربوي وتجديد المنظومة التربوية وتطوير الأداء والدراسة - كما بدا من عنوانها - تجوب موضوعاتها قضايا المعلمين (فكراً ورؤية) وفي التحام وتفاعل مع الجديد في مجال أخلاقيات المهنة (واقعاً وممارسة واستشرافاً مستقبلياً)، غاية الدراسة في نهاية المطاف هو تحريك ما أصاب العملية التربوية من أجواء راكدة واجترار في الفكر والممارسة والذي كان له آثار وتداعيات أساسية في حيوية المنظومة التربوية وتجديدها لمواجهة تحديات المستقبل، ومما يسجل لهذا الباحث بالاعجاب هو تركيزه على الانتماء الوطني وهو ما اغفله الميثاق - الذي يبدو أنه وضع لعصر غير عصرنا ولزمان غير زماننا - حيث عمد الباحث إلى توسيع مفهوم أخلاقيات مهنة التعليم من خلال تضمينه لبعض القضايا المتصلة بالوطن، ولعله في ذلك يريد ان يضع يده على الجرح حين عمد إلى توظيف أجزاء من استبانات الدراسة في تنمية الإنتماء للوطن ادراكاً منه بأن الانتماء القوي للوطن هو الوسيلة الأنجع لمواجهة التطرف وهو الطعم الواقي من هذا الوباء الخبيث لأنه بغير هذا الشعور يصبح الإنسان كائناً مغترباً غير مبال بما يجري حوله وقد ينزلق في الاتجاه المضاد بأنه يتطرف في الفكر والسلوك ويمكن القول - دون تردد - بأن الباحث عبر ما توصل إليه من نتائج قد أضاف للميثاق أفكاراً جديدة ومسارات مهمة سوف توفر زاداً خصباً في تكوين المعلم المتميز وتأصيل معارفه وثقافته - . هذا وقد ذيلت الدراسة بمجموعة من التوصيات سوف أذكر اثنتين منها جديرتين بالاهتمام والدراسة الأولى: ضرورة الزام كل من يلتحق بمهنة التعليم بأداء قسم المهنة قبل مزاولته لهذه المهنة الشريفة، والثانية: تضمين الميثاق في البرامج الاعدادية في الجامعات والكليات السعودية كمقرر مستقل، وفي البرامج التدريبية للمعلمين أثناء الخدمة. ختاماً: أوصى وزارة التربية والتعليم بتشكيل فريق عمل يناط به دراسة محتويات هذا البحث ونتائجه القيمة للافادة منه كتغذية راجعة تساعد على صوغ ميثاق حديث يتلاءم مع روح العصر ومتغيراته. @ (باحث وخبير تربوي) - الرياض