سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تحذير من تداعيات سلبية على الإنشاءات الإسكانية بعد انفلات أسعار الحديد مجدداً.. وإحجام عن الشراء في أول ردة فعل من المقاولين والمستهلكين بعد ارتفاعه 500ريال للطن وملامسته سقف 3500ريالاً
حذر خبراء في قطاعي المقاولات والتشييد من انعكاسات سلبية على كلف البناء والاستثمار في العقارات، بعد ارتفاع أسعار الحديد في السوق السعودي ل 500ريال للطن الواحد بعد فترة لا تتجاوز العامين من الاستقرار المؤقت ليلامس بذلك سقف ل 3500ريالاً للطن. وتركزت تحذيراتهم التي أطلقوها الأحد الماضي بعد إصدار الشركات المنتجة قرار رفع الأسعار في الأضرار التي ستؤثر دون أدنى شك سلباً على القطاع العقاري وما يتبعه من نشاطات في قطاع المقاولات والبناء والتشييد، وذلك في وقف أو تأخر تسليم المشروعات وما يتبعه من نزاعات بين الشركات المنفذة وأصحاب المشاريع الكبرى أو المجمعات الإسكانية بسبب المفارقة لأسعار الحديد خلال وقت إبرام العقود الإنشائية، وصعوبة مراجعتها، مما يكبدهم تكاليف إضافية في حال استمرت الزيادة الحالية على نفس معدلاتها. إضافة لتأكيدهم في أن الارتفاع أجبر بعض المواطنين عن عدم السير في مشاريعهم لبناء مساكنهم، خاصة أنه يعاني بدوره من تراجع مستوى القدرة الشرائية، ما يهدد في مواصلة ارتفاع أسعار شراء المساكن، وبالتالي تصاعد الإيجارات والتي واصلت بدورها مسلسل صعود قيمتها السنوية إلى أسعار خيالية في ظل محدودية العرض بالسوق المحلي في الوقت الحالي التي يقابلها زيادة كبيرة في الطلب، وصولا الى رفع معدلات التضخم الى أعلى مما هي عليه، ما ينذر بتفاقم الأزمة الإسكانية في البلاد ذات إفرازات خطيرة. وتسبب الارتفاع خلال الأسبوع الماضي في حدوث حالة من الإرباك الحقيقي لدى المستهلكين والمقاولين الأمر الذي انعكس سلباً على موزعي الحديد بانخفاض مبيعاتهم إلى 30في المائة. وشكّل القرار المفاجئ من قبل الشركات المنتجة والذي وزع على مندوبي المبيعات مساء السبت الماضي صدمة للمواطنين خاصة أنه رفع الأسعار جاء مفاجئاً جداً كونه يأتي بعد أقل من 48ساعة على رفع السعر، حيث كانت الشركات قد رفعت أسعارها الأربعاء قبل الماضي (مودعة العام الهجري 1428) بزيادة بلغت 225ريالاً للطن الحديد الواحد، فيما أضافت الأحد الماضي 275ريالاً ليصبح إجمالي الصعود 500ريال للطن الواحد، ما يؤكد -بحسب حديث المستهلكين- غياب وزارة التجارة والصناعة عن مراقبة السوق، وترك حرية رفع الأسعار للمنتجين. وتعالت أصوات أصحاب المباني السكنية التي لازالت في طور الإنشاء منادية بتدخل الجهات ذات العلاقة لوضع حد للارتفاعات و ذلك بتطبيق آلية تحول دون صعود الأسعار بشكل عام بما يحفظ حقوق جميع الأطراف، بجانب مراقبة السوق خلال المرحلة الحالية والمقبلة منعا للمبالغة في الأسعار والدخول في منعطف المضاربة. وأبدى مراقبون في السوق استغرابهم من رضوخ وزارة التجارة لرفع الأسعار متناسية مصالح أكثر من 55في المائة من المواطنين - بحسب خطة التنمية الثامنة- الذين لا يملكون مساكن ويطمحون في تشييد مسكن يؤويهم وأسرهم، مطالبين بضرورة التدخل من أجل إعادة الأسعار إلى ما كانت عليه، مشيرين إلى أن الحديد يمثل مادة رئيسية إلى جانب الإسمنت في البناء وتشييد المساكن الذي يحظى باهتمام متعاظم من قبل الحكومة. وأحدث قرار رفع الأسعار حالة من الإرباك الحقيقي لدى المواطنين والمقاولين وكذلك لموزعي الحديد، حيث أبلغ (الرياض) محمد العولقي مسؤول المبيعات في شركة الرشد لمواد البناء أن رفع السعر قد وقع على الناس كالصاعقة وصاحبه عزوف كبير عن الشراء، حيث انخفضت المبيعات خلال الأيام الماضية إلى 30في المائة، وأبدى قلقه من أن يشهد سوق الحديد مزيداً من الانخفاضات جراء هذا القرار الذي وصفه ب "الغريب". ويقول عبد المحسن إبراهيم الضويحي مسوق عقاري في شمال العاصمة الرياض، أن ارتفاع أسعار الحديد بشكل خاص، ومواد البناء بشكل عام، تسبب في حدوث أزمة في قطاع المقاولات، ما أدى إلى توقف عمليات البناء في الكثير من المشاريع السكنية والاستثمارية. وأكد الضويحي أن الزيادة الكبيرة المتوقعة في الأسعار ستربك السوق بشكل كبير، وتؤدي إلى زيادة الطلب على الحديد، ما يسهم في توقف عدد من المشاريع التي ستتسبب في خسائر كبيرة للمقاولين، تتجاوز ملايين الريالات. وبيّن أن ارتفاع أسعار الحديد سيؤدي إلى توقف حركة البناء في الكثير من المشاريع، سواء أكانت سكنية أم تجارية، وبالتالي حدوث خلافات بين المقاولين وأصحاب العمائر، ويعطل بذلك حركة البناء. وطالب الضويحي وزارة التجارة والصناعة بالتحرك السريع لوقف الارتفاع الحاد في الأسعار، الذي سيشكل عائقاً امام الكثير من ذوي الدخل المحدود، المتطلعين لبناء مساكن لهم ولأسرهم، خصوصاً في ظل العجز الكبير في مشاريع الإسكان على مستوى المملكة، وكذلك في ظل الطلب على المشاريع التجارية. وأشار ناصر احمد "مقاول" أن الارتفاع الأخير في سعر الحديد سيرفع من كلفة إنشاء المباني شارحاً كلامه بالقول أن 30ألف ريال سيضاف إلى كلفة إنشاء المنزل المكون من دورين بمساحة 500متر مربع، مبيناً أن مادة الحديد تساهم في 15بالمائة من كلف البناء والتشييد فيما تساهم مادة الاسمنت أيضا بحوالي 15بالمائة من كلف البناء أيضا، وشكا ناصر "الذي يملك تعاقدات مع عدد كبير من المواطنين لبناء مساكن لهم" من أن مثل هذا القرار من شأنه أن يكبده وبقية المقاولين خسائر كبيرة. من جانبه، توقع المواطن خالد محمد من مدينة الإحساء شرقي السعودية أن يكون للارتفاعات المطردة في كل المواد وعلى وجه الخصوص مواد البناء آثار اجتماعية واقتصادية على المجتمع برمته، ومن ثم سيكون لتلك الآثار إفراز أمني مؤكداً أنها نتيجة طبيعية لإنسان لا يستطيع من امتلاك منزل يؤويه ومن ثم استنزاف مدخراته في الإيجار الآخذ هو الآخر في ارتفاعات جنونية دون حسيب أو رقيب، وحذر من مغبة إغفال هذا البعد لخطره على المجتمع، ودعا إلى ضرورة إيجاد الحلول السريعة. وفي موضوع ذي صلة، قدّرت دراسة لشركة "وهج الخليج للاستثمارات العقارية" نسبة المشاريع العقارية التي تعطّلت بسبب أزمة شركات المقاولات بأكثر من 40في المئة من المشاريع العقارية الإجمالية قيد التنفيذ، ما يعني أن استثمارات بقيمة 400بليون دولار تعطّلت، اذ أن دراسة دولية لشركة "بروليدز" قدرت حجم المشاريع العقارية قيد التنفيذ في دول الخليج بنحو تريليون دولار. ويتركز العدد الأكبر من تلك المشاريع المتضررة، لدى القطاع الخاص، بسبب اختلاف في العقود بين المالك والمقاول. وتشير الدراسة إلى أن "تلك العقود أبرمت قبل بداية أزمة ارتفاع الأسعار، وحين اختلفت التكلفة تكبّد المقاولون خسائر كبيرة، ما دفعهم للمطالبة بتغيير العقود المبرمة في شكل يتناسب مع التغيرات السعرية". وقدرت دراسة أخرى عدد المشاريع العقارية في السعودية وحدها بأكثر من 1030مشروعاً، وأن أكثر من 400مشروع منها تعرّض للتعطيل. وأفاد التقرير الأسبوعي لشركة "المزايا القابضة" أن "معدلات التضخم في دول الخليج ارتفعت إلى مستويات قياسية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، مع توقعات باستمرارها مرتفعة في الشهور المقبلة نتيجة عوامل داخلية وخارجية". وأضاف أن "ارتفاع أسعار النفط، وبالتالي ارتفاع أسعار المواد الأولية الخام والسلع والخدمات، سيكون لها دور كبير في تعزيز الضغوط على مستويات الأسعار والتضخم في المنطقة، والدخول في حلقة مفرغة من العوامل المترابطة التي سيكون لها أثر مضاعف في التضخم". وسجلت أسعار الحديد والنحاس والأنابيب المعدنية والبلاستيكية ارتفاعات متفاوتة، وصلت إلى 50في المائة من قيمتها في حالات عدة. ولاحظ التقرير أن الارتفاعات المتتالية في أسعار مواد البناء، الذي يصاحبها ارتفاع مستمر في أسعار المحروقات، خصوصاً الديزل، جعلت المقاولين يحتاطون لارتفاعات الأسعار بتخصيصات سعرية رفعت أسعار خدماتهم. وشكّل الارتفاع المتواصل في أسعار المحروقات، الذي يتبع ارتفاع أسعار النفط الخام ومشتقاته عالمياً، تحدياً كبيراً أمام المقاولين والشركات العاملة في قطاع الإنشاء والتشييد في الخليج، أدى إلى تقليص الهوامش الربحية وتآكلها لدى بعضها وتحقيق خسائر بالنسبة الى البعض الآخر، ما دفع المقاولين إلى اعتماد آلية جديدة في التسعير تعتمد التحوّط لعوامل غير محسوبة، بما يصل إلى إضافة 5في المائة علاوة إلى قيمة العقد. وساهمت في ارتفاع أسعار خدمات المقاولات في شكل ملحوظ خلال العام الماضي، أزمة ارتفاع أجور اليد العاملة التي ارتفعت تعويضاتها الى ما يصل إلى 20في المائة خلال الشهرين الأخيرين من العام الماضي، مقارنة بالشهور السابقة، ما سيزيد من الضغوط التضخمية ويؤثر في قطاع شركات المقاولات والتشييد، مع التوقع ب "تآكل الهوامش الربحية لشركات المقاولات كاستجابة مباشرة لارتفاع أسعار عناصر الإنتاج والتشغيل". وكانت الحكومة السعودية قد خفضت الرسوم الجمركية إلى 5في المائة بدلا من 20في المائة على وارداتها من الحديد لتحد من ارتفاع الأسعار، والذي اثر بشكل كبير على قطاع المقاولات، وعلى تكلفة البناء على المواطنين، غير انه لم يؤد إلى تحسن الأسعار، حيث إن الحديد المستورد لا يمثل نسبة كبيرة من حجم استهلاك السوق السعودي الذي يعتمد على إنتاج شركة حديد وبعض المصانع الوطنية.