مع كل ريال إضافي يدفعه المواطن لقاء سلعة ما لا بد وأن يحشره السؤال اللحوح المقلق.. إلى متى سيستمر هذا الغلاء؟ فيبحث له عن جواب مقنع أو مطمئن في نشرات الأخبار وطلائع الصحف ومواقع الإنترنت التي ألفها وتعود استقصاء الأخبار من خلالها ليجد نفسه أمام تحليلات مختلفة واقتراحات أكثر اختلافاً وتبايناً لينتقي منها الجواب الأكثر اقناعاً له وربما الأكثر طمأنة وتسلية. وقد لا تكون القضية مقصورة على التضخم وآثاره السلبية التي تسببت في رفع الأسعار، ولا في اقتران عملة بلاده بالدولار وارتهانها بأحواله المتذبذبة ولا بالارتفاع المطرد لأسعار البترول. وإنما بالمقارنات المجحفة التي قد يجد نفسه مضطراً للانجراف وراءها والخضوع لتأثيراتها القوية مهما كانت مؤلمة أو محبطة، مع استمرار الارتفاع في الأسعار بالرغم من محاولات الدعم السابقة. فهل المشكلة ناتجة من انعكاس للأوضاع العالمية المحيطة على الواقع المحلي، أم أنها صورة مختلفة ومموهة لتعنت واستغلال بعض التجار والتي ألهبت الأسعار وشجعت على تنامي مبدأ المقاطعة ووضعت المواطن في مواجهة مباشرة مع من يعتقده سبباً في امتصاص مدخولاته المالية وإمكاناته بعد أن طال عليه الأمل وخشي من مغبة الانتظار. ليبرز السؤال الأهم إذا كانت المشكلة لا تزال قائمة وارتفاع الأسعار في استمرار فلماذا يدعم المنتج والسلع المتنامية الأسعار، ولا يدعم المواطن الذي يخشى الفقر أو الانهيار؟ هنالك أصوات تحذر من الوقوع في فخ زيادة الرواتب لأنه قد يوقع البلاد في أزمة اقتصادية مستقبلاً في حال تأثر اسعار البترول أو انخفاضها! وهنالك أصوات أخرى لا تزال ترى في زيادة الرواتب مخرجاً رؤوفاً ورحيماً للمواطنين من أزمتهم الحالية مع الغلاء وتبعاتها النفسية والصحية والاجتماعية. وبين هذين الحلين يوجد فراغ كبير يمكن بالجهود المخلصة والعقول الواعية التقريب بينهما للوصول لحل عملي لأزمة التضخم و الغلاء الحالية. وذلك بوضع صندوق حكومي خاص بتقليص آثار الغلاء أو ارتفاع الأسعار على المواطنين تصرف من خلاله مخصصات وإعانات شهرية لجميع المواطنين لدعم أوضاعهم المالية ورواتبهم ومدخولاتهم الحالية، لمواجهة التضخم وفرق الصرف للريال المسبب لاشتعال الأسعار، يتم تحديدها وتقييمها سنوياً بعد دراسة أوضاع البلاد الاقتصادية وواقع الأسعار، مع تطوير أداء الجهات المعنية بمراقبة الأسعار وحماية المستهلكين من الوقوع ضحية لاستغلال بعض التجار و جشعهم. إن وجود مثل هذا الدعم المادي للمواطنين يوشك أن يكون ضرورة لاحتواء الأزمة الحالية وتحاشي عواقبها وآثارها السلبية على استقرار الوطن ورخاء المواطن.