رجال الدين والسياسة الشيعة في الجنوب الهادئ نسبيا بالعراق يرغبون في إجراء انتخابات الشهر المقبل في موعدها المقرر رغم الحديث عن إرجائها بسبب استمرار أعمال العنف في باقي أنحاء البلاد. ويشهد الجنوب نوعا من التعبئة من أجل حث المواطنين على التوجه إلى صناديق الاقتراع خلال الانتخابات المقرر إجراؤها في 30 كانون الثاني/يناير حيث يتخذ أئمة المساجد الشيعية في مدينة البصرة الساحلية منبرا لدعوة المصلين للاقبال على الانتخابات كما أعلن العديد من الجماعات المتشددة مثل «ثأر الله» أن التصويت واجب على كل مسلم. وقال نائب محافظ البصرة عبد الحافظ العاني إن الشعب العراقي يريد الأمن وتوفير فرص العمل وإتاحة سبل التعليم. إنه سقم من الشعارات السياسية. وعانى جنوب العراق التجاهل والاهمال لسنوات خلال حكم الرئيس السابق صدام حسين الذي لاحق الشيعة هناك بقسوة وبلا هوادة بعد القيام بمحاولة تمرد مسلح فاشلة في عام 1991. ويسعى الشيعة الذين يمثلون 60 في المئة من سكان العراق الان للحصول على نصيب من الكعكة لاسيما أنهم عوملوا كما لو كانوا أقلية خلال تولي الحكومة السنية للعراق وقت نظام صدام حسين. وقال الشيخ أحمد حسين الفايز مرشح حزب الدعوة إن الجنوب غني بالمصادر الطبيعية ورغم ذلك فإنه لا يزال يعاني من فقر مدقع. وتتملك محافظات الجنوب ما يقرب من 85 في المئة من احتياطي النفط العراقي. وتحدث بعض رجال السياسة وشيوخ العشائر عن وضع مادة تنظم الحكم الذاتي في الدستور الجديد للبلاد المقرر صياغته كخطوة تلي الانتخابات المقبلة. وهذه الرؤية التي يطرحونها من شأنها دمج محافظات ذي قار والبصرة وميسان داخل وحدة كبيرة مستقرة على غرار المحافظات الكردية الثلاث. وبالتالي ستعطي تلك الخطوة دفعة قوية لمحاولتهم أن ينأوا بأنفسهم بعيدا عن موجة الفوضى التي تعم أرجاء بغداد والمحافظات الواقعة شرقها وغربها. وقال النائب البرلماني الشيخ منصور القمر إنه ينبغي تعويض المواطنين عن الغبن الذي عانوه خلال حكم صدام للبلاد. وقال دبلوماسيون غربيون إنه لا يوجد مؤشرات واضحة لترشيح من يفوز في الانتخابات من الجنوب العراقي. وتضم قائمة آية الله العظمى علي السيستاني العديد من أبرز الأحزاب الشيعية مثل المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق وحزب الدعوة. وتتمتع هذه القائمة بأفضل الفرص للفوز في الانتخابات المقبلة. وشهد يوم الخميس الماضي كشف النقاب عن قائمة لمرشحين شيعيين ربما تؤدي إلى ظهور برلمان يهيمن عليه الشيعة حيث قرر نحو 230 مرشحا معظمهم من الشيعة ينتمون إلى 24 حزبا تقريبا خوض الانتخابات المقبلة تحت قائمة يطلق عليها اسم «التحالف العراقي المتحد». ولا يزال الأمر غير واضح فيما يتعلق بتداعيات هذا الأمر على الأقلية السنية في الجنوب. وكان وفد عراقي يشمل عددا من الشخصيات السنية قد التقى يوم الخميس الماضي في القاهرة مع الأمين العام للجامعة العربية عمر موسى للحديث عن مقاطعة الانتخابات. وقال شيخ عشيرة بني عامر إن أفراد عشيرته سيصوتون في الانتخابات لصالحه حتى إذا لم يدعهم لفعل ذلك. وتشهد البصرة موجة من النقاش والجدل قبل الانتخابات بشأن الدور التقليدي والمؤثر الذي تلعبه إيران في الجنوب العراقي. وقال أحد ضابط الشرطة إن اللغة الفارسية أصبحت منتشرة بصورة أكبر من العربية داخل أروقة المكاتب الحكومية. وتزايدت الشائعات بقوة في نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي مع اعتقال دبلوماسيين إيرانيين للاشتباه في ضلوعهم بأعمال تجسس. وكان أعضاء حزبي الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق الذين فروا من يد صدام إلى إيران مثار شكوك حول تواطؤهم مع طهران في ذلك. وبلغت الاستعدادات لإجراء الانتخابات البرلمانية والمحلية مرحلة متقدمة في العراق مع انتهاء تسجيل أسماء الناخبين واستعداد قوات الأمن لحراسة مراكز الاقتراع.