في خطوة تؤكد عمق الروابط الراسخة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، شهدت القاهرة مؤخرًا زيارة غير مسبوقة لأكبر وفد من رجال الأعمال السعوديين، في أعقاب توقيع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات بين البلدين. ومثلت مشاركتي ضمن هذا الوفد الكريم، ممثلًا لشركة "إيه سي أو لخدمات البترول والبتروكيماويات المحدودة"، فرصة ثمينة للوقوف على حجم الزخم الذي تشهده العلاقات الاقتصادية السعودية المصرية في المرحلة الراهنة. الاتفاقية الاستثمارية الأخيرة لم تكن مجرد وثيقة رسمية تُضاف إلى أرشيف العلاقات الثنائية، بل هي إعلان ناضج عن إرادة سياسية واقتصادية تُؤمن بالشراكة كخيار استراتيجي. فهي تضع ضمانات حقيقية للمستثمر، من الحماية القانونية إلى حرية تحويل الأرباح، مرورًا بالآليات العادلة لتسوية النزاعات. وهي بذلك تشكل حاضنة قوية لتعميق الثقة بين المستثمر والمضيف. محاور استراتيجية... تُعيد تشكيل المشهد الاستثماري الاستثمار السعودي في مصر يتجه اليوم نحو آفاقٍ استراتيجية لا تقتصر على القطاعات التقليدية فحسب، بل تشمل مجالات واعدة تتقاطع مع احتياجات المستقبل. من أبرز هذه المحاور: * الطاقة المتجددة: باعتبارها ركيزة للتحول العالمي نحو مصادر نظيفة ومستدامة. * الخدمات اللوجستية: التي تدعم طموحات البلدين في أن يكونا بوابتين حيويتين للتجارة الإقليمية والدولية. * الرعاية الصحية والتقنية: حيث تمثل الرقمنة والصحة الذكية مسارين متكاملين للنمو المستقبلي. * الأمن الغذائي: وهو محور بالغ الأهمية، خاصة في ظل التحديات العالمية المتعلقة بالإمدادات وسلاسل التوريد. وتسعى الاستثمارات السعودية في هذا المجال إلى تطوير الزراعة المستدامة، وبناء شراكات في إنتاج وتصنيع الأغذية، بما يعزز الأمن الغذائي لكلا البلدين، ويجعل من مصر مركزًا إقليميًا للتخزين والتوزيع. كانت هذه الزيارة رسالة رمزية قوية مفادها أن القطاع الخاص في المملكة يواكب توجهات القيادة الرشيدة في تعزيز التعاون الإقليمي وتحقيق التكامل الاقتصادي العربي. فاللقاءات التي تمت بين أعضاء الوفد والمسؤولين المصريين لم تكن مجرد استعراض للفرص، بل كانت ورشة عمل حقيقية لصياغة المستقبل. الختام... بين الإرادة والرؤية ما بين الإرادة السياسية التي توفر البيئة، والرؤية الاستثمارية التي تستشرف المستقبل، تتحرك العلاقات السعودية المصرية بثبات نحو شراكة استراتيجية شاملة. إن حضورنا في هذه اللحظة المهمة من تاريخ العلاقات بين البلدين، لا يعد شرفًا فحسب، بل مسؤولية تجاه ترسيخ هذا المسار، وفتح آفاقٍ أرحب للأجيال القادمة من المستثمرين وروّاد الأعمال. *رئيس مبادرة شباب الأعمال وعضو مجلس الأعمال السعودي المصري