لقد بادر معالي المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، بإطلاق "ديوانية القلم الذهبي" مطلع فبراير 2025 في حي السفارات بالعاصمة الرياض، لتكون حاضنة فكرية دائمة تجمع الأدباء والكتّاب والمثقفين على مدار العام، مفعّلة بذلك رؤيته في تهيئة مناخ ثقافي مستدام يسهم في إثراء الحوار الأدبي والفكري. تأتي هذه الديوانية كامتدادٍ مباشرٍ لمبادرة "جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً" التي أطلقها معاليه قبل ذلك، إذ صُممت الديوانية لتكون منصة يومية تحتضن اللقاءات والحوارات، وتوفر بيئة ملهمة للكتابة والقراءة، مع التركيز على تكامل الفنون الأدبية والدرامية عبر دعم تحويل الأعمال الروائية إلى نصوص سينمائية. يرتبط اسم الديوانية ارتباطاً وثيقاً بجائزة القلم الذهبي التي تهدف إلى تكريم الإبداع الأدبي الأكثر تأثيراً في الوطن العربي، وتقديم حوافز مادية ومعنوية للكتاب المتميزين. والتي تمنح للفائزين في المحاور الكبرى جوائز مالية ضخمة وفرص تحويل أعمالهم إلى أعمال سينمائية، وهو الأمر الذي يعكس حرص معالي المستشار على دعم الكتابة المبدعة والارتقاء بها إلى آفاق جديدة. تحتضن الديوانية مرافق متطورة تتضمن "معتزل الكاتب" وهو مساحة هادئة مخصّصة لإنجاز الأعمال الأدبية، و"خلوة القراءة" المصممة لتعميق تجربة الاطلاع، وقاعاتٍ مجهزة بأنظمة صوت وإضاءة حديثة، إضافةً إلى مكتبة كتب دائمة يتيح للزوار الاطلاع على إصدارات دور النشر المحلية والعربية، وتوقيع أصحابها أمام الجمهور. تنظم الديوانية لقاءاتٍ أسبوعية متخصصة تتناول موضوعات متنوعة؛ فقد استضافت جلسة حول "الرواية ملهمة السينما" جمعت أدباءً وكتاب سيناريو ومخرجين، حيث جرى نقاش عميق حول أهمية التوافق بين القدرة السردية والقالب الدرامي، وتأكيد ضرورة دعم الأعمال الفائزة بالجائزة من خلال الإنتاج السينمائي المباشر. خلال شهر رمضان الماضي فتحت الديوانية أبوابها يومياً في الفترة المسائية، مقدمةً منصة حيوية للمثقفين لعقد جلسات حوارية، والمشاركة في "ليالي الإبداع" التي استضافت نخبة من الأسماء الأدبية، مما أسهم في تجسير الفجوات بين الأجيال الثقافية وتعزيز التفاعل الاجتماعي والفكري في أجواء رمضانية خاصة. كما منحت الديوانية فرصاً لعقد شراكات مهنية بين المؤلفين ودور النشر، ولم تغفل الديوانية عن دعم المواهب الناشئة، حيث خصصت مساحات لعقد جلسات توقيع الكتب الجديدة وحفلات إطلاق الأعمال الروائية والشعرية، وقد استضافت مؤخراً حفل توقيع رواية "عودة الشر" لخالد الحقيل، مما وفر فرص تواصل مباشر بين القرّاء والمبدعين. أشاد الروائي السعودي عبده خال بسرعة إنجاز المشروع، مؤكداً أن الديوانية "تشكل مؤشرًا قويًا على الأولوية التي يمنحها المسؤولون للثقافة والبنى التحتية لها"، وأنها توفر فضاءً رحبًا للحوار وتبادل الخبرات بين مختلف التيارات الأدبية. يضاف إلى ذلك تأكيد عبد الله بن بخيت، نائب رئيس جائزة القلم الذهبي، على أن الديوانية تمثل "نقلة نوعية في مجال احتضان الطاقات الأدبية والفنية، وبوابة لصناعة تياراتٍ فكرية جديدة تنبثق من تلاقح الأفكار والنقاشات الثرية". وبذلك تواصل "ديوانية القلم الذهبي" مهمتها في توثيق الصلة بين المثقفين والأدباء في السعودية، وتثري النسيج الثقافي بمنابر حوارية حية، وتجسد رؤية معالي المستشار تركي آل الشيخ في جعل الثقافة ركيزة أساسية للتنمية الوطنية والإبداع الجماعي. تنسجم "ديوانية القلم الذهبي" بشكلٍ وثيق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تجعل الثقافة ركيزةً أساسية للتنمية المستدامة، إذ تساهم الديوانية في بناء مجتمع حيوي معرفياً من خلال تشجيع الإبداع والابتكار الأدبي، وتعزيز مكانة المملكة مركزاً عربياً ودولياً للثقافة والفكر. فالتقاء الكتاب والمثقفين في فضاء واحد يُتيح تبادل الخبرات ووجهات النظر بشكلٍ معمّق، ويخلق ما يسميه الباحثون "حقل التواصل" الذي يُسهم في بلورة رؤى جديدة وفُرص شراكة بين مختلف التخصصات. تلعب الديوانية دوراً محورياً في الساحة الثقافية السعودية، فهي تمثل حلقة وصل بين الحاضر والمستقبل الأدبي، وتيسر للموهوبين الناشئين التواصل مع رواد الصناعة الثقافية وتلقي الإرشاد المباشر. ومن أهم فوائد هذا الالتقاء أنه يرسخ مفهوم "الثقافة التشاركية" التي عبر عنها المفكر الألماني يورغَن هابرماس قائلاً: (الحوار هو جوهر الفضاء العام، ومناط الشفافية والتواصل الحضاري). كما يؤكد الناقد الراحل إدوارد سعيد أن (الثقافة ليست مجرد إرث جامد، بل حوار مستمر يصيغ الهوية ويغذي روح الانتماء). تطلعاتنا المستقبلية للديوانية أن تتجه نحو إطلاق منصات رقمية تفاعلية تدمج بين الواقع والافتراضي، وعقد شراكات مع مؤسسات ثقافية عالمية لتنظيم مهرجانات مشتركة، وإقامة "أسبوع القلم الذهبي" السنوي الذي يجمع أبرز الأصوات الأدبية من مختلف القارات. بهذه المشاريع والرؤى، تؤكد الديوانية عزمها على الاستمرار في إثراء المشهد الثقافي، ونقل التجربة السعودية إلى فضاءات أرحب على الصعيدين الإقليمي والعالمي.. وهي رسالة للمشرف على الديوانية الأستاذ الرائع ياسر مدخلي، ورسالة شكر على حسن استقباله والتعريف عن الديوانية، حيث له لمساته البهية وحضوره الأنيق.