لأن فيروزة الشعر كانت معنا استعرت لقبها دون استئذان، ولم أستأذن لأننا أصبحنا أسرة واحدة ذابت بيننا في تلك الرحلة حواجز الرسميات، كانت الأمتعة خفيفة وربما كان أثقلها حقيبة البروف سعد البازعي، تلك الحقيبة الرصاصية التي لا تعترف بالألبسة ولا تحتفي بها، فهي لا تتسع إلا للكتب، لأنها المكتبة المتنقلة والرفيق الدائم، وكأن مقبضها قد التصق بكف البروف سعد، ووقعت عقد معه بالرفقة الدائمة. فيروزة الرحلات هي رحلتنا من الورود إلى النخيل؛ من حي الورود بالرياض إلى بلدة النخيل «الأحساء»، والرحلة قدر اجتماعي وقرار فردي، فالجماعات ترتحل منذ أن ظهرت إلى الوجود كلمة جماعة أما الفرد فقد امتطى حياة الترحال بحثا عن لقمة العيش أو في رحلة استكشاف أو علم أو سياحة، وهكذا الأشياء تختلف أهدافها بين حاجة إنسانية اجتماعية أو هدف ذاتي وصولا إلى أن تصبح الأشياء ترفا سلوكيا، ولكن الترف يتحول إلى وسيلة ثقافية عندما يحسن الإنسان توظيفه ضمن حشود القوة الناعمة التي أصبحت السمة السائدة للمجتمعات الحديثة في عالم اتسمت كثير من مفاصله المعرفية بالسيولة. ويأتي شد الرحال رمزية عامة ظاهرة لمضمر مخطط له، وفي رحلتنا الفيروزية يأتي مضمرها مضمرا ثقافيا أدبيا اجتماعيا، أتت فكرته مثل الإلهام الذي بزغ نوره بين فكرة الشريك الأدبي، وفكرة التواصل الاجتماعي الثقافي بين أرجاء الوطن وأبناء الوطن، ولا أعلم إلا أن الفكرة أتت ثلاثية الأبعاد بين محمد العنقري ومها الفهيد وماريا المباركي، وبمعن آخر فالفكرة أتت وليدة مقهى دفعة 89. المقهى الذي كان محطة مغادرتنا في يوم الجمعة 21 فبراير 2025م، واستقبل -أي مقهى 89- سفراء الثقافة والأدب وهم: البروف سعد البازعي، ناصر العليان، أمين مسعود، فيصل مجلي، ماجد رشاد، وسارة الخزيم، مها السبيعي، البروف زكية العتيبي، البروف أمينة الجبرين، د. مها كلاب، د. سعاد أبو شال، د. خالد عبيد، د. منال المحيميد، وليد العميل، آلاء المعيوف، نجود الطخيم، سعد الغريبي، عبدالعزيز العيد، عبدالمحسن السناني، منيرة الوايلي، منيرة السبيعي، هنوف الجبيري، محمد الشنقيطي، والسيدة سونتا، وأنا. أما الأستاذ عبدالله الحسني فقد جاء وهو يلتقط بعين الصحفي الحذق تفاصيل المكان ويستدعي من ذاكرته أسماء محتملة قد تكون رفيقتنا في هذه الرحلة. كان الوصول إلى وجهتنا -الأحساء- دون عناء وكأننا انتقلنا من حي الورود إلى حي النخيل في مدينة الرياض وليس إلى بلدة النخيل، فالمسافة طوتها الفعاليات التي أدارها محمد الشنقيطي، وطوتها مبادرة الضيافة التي قدمها سيف الحق، ومهارة قائد حافلتنا كنعان سكتي. بدأنا جولتنا بعد أن أخذنا فترة راحة قصيرة، ولن أشير إلى الأماكن التي زرناها فيكفي أن تكون في الأحساء لتكون كل الأماكن مكتسية بروح الحضارة وأنفاس التاريخ وجمال الإنسان، ولكن لا بد أن أشير إلى أننا زرنا واحتفلنا بالشارع الذي سمي على اسم مفكرنا السعودي البروف سعد البازعي في أحد أرقى أحياء الأحساء. روافد الأدب هو الاسم الذي حظت به الرحلة التي اتجهت من الرياض إلى الأحساء بناء على دعوة كريمة من محافظ الأحساء صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر، ولتكون رحلة رقم (1) في مشروع رحلات ثقافية ولدت فكرتها في دفعة 89، ويمثلها سفراء للأدب والثقافة من الرياض إلى كافة أرجاء الوطن بإذن الله تعالى.